+A
A-

هل تفوز الحكومة بقلب “صندوق الملايين”؟

طرادة: تحويل الأموال للخزينة العامة لن يضر بالخدمات البلدية

الكوهجي: لا بأس بتوجيه أموال الصندوق لمشروعات البنية التحتية

المرباطي: الرقابة على الصندوق متوافرة وتعويم أمواله يضرب استقلالية البلديات

التميمي: لا للتعامل مع البلديات كالوزارات ولكل محافظة خصوصيتها

 

تلقّفت الحكومة بترحيب مقترحًا نيابيًّا سابقًا يقضي بإيداع إيرادات الصندوق المشترك للهيئات البلدية الأربع في الميزانية العامة للدولة، وأكدت بإجماع مرئيات وزاراتها المعنية توافق المقترح مع الدستور، وعدم تأثر خدمات البلدية بهذا التعديل.  لم تكتف الحكومة بتأييد المقترح، بل أكدت للنواب على لسان كل من وزير الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني، ووزير المالية والاقتصاد الوطني أن “العمل يجري على أيلولة إيرادات البلديات إلى الخزانة العامة للدولة”.

يبدو أن مساعي الحكومة لاقتناص الفرصة الكبيرة، للفوز بقلب صندوق الملايين، شارفت على إنهاء رحلتها بالعودة إلى نقطة الصفر، بعد رفض مجلس النواب الحالي للمقترح.

وبرّر المجلس موقفه الرافض باعتبار أن المقترح يتنافى مع الاستقلالية التي ينبغي أن تتمتّع بها الهيئات البلدية، لإعانتها على إدارة المرافق ذات النطاق المحلي، والتي تدخل في نطاق الرقابة عليها.

ورغم ذلك، لا تزال الفرصة سانحة للحكومة لاستمالة أحد الشريكين، حيث استردّ مجلس الشورى المقترح خلال إحدى جلساته الاعتيادية، لإخضاعه لمزيد من الدراسة، عبر لجنتي المرافق العامة والشؤون المالية والاقتصادية، تمهيدًا لطرحه ثانية للتصويت على أحد جداول أعمال جلساته المقبلة.

قانون الصندوق

القانون النافذ ينص على إيداع جميع الإيرادات من الرسوم البلدية وإيجارات الأملاك البلدية على المباني التجارية في صندوق مشترك ينشأ لهذا الغرض، وتوزع إيراداته بين البلديات بقرار من مجلس الوزراء.

وحدّدت المادة 35 من قانون البلديات الموارد المالية البلدية في رسوم المرافق والخدمات، ومبالغ إيجار واستثمار الأملاك البلدية، والاعتمادات المالية المخصصة لها في الميزانية العامة للدولة، إلى جانب التبرعات والهبات والوصايا التي يقررها المجلس البلدي.

ونصت المادة 77 من اللائحة التنفيذية لقانون البلديات على “ينشأ صندوق مشترك لدى أحد البنوك التي يحددها الوزير المختص بشؤون البلديات يسمى صندوق الموارد البلدية المشتركة، تودع به جميع إيرادات البلديات من الرسوم البلدية على المحال والأماكن التجارية والصناعية وإيجارات أملاك البلدية من المباني التجارية”.

وأكدت المادة أن توزيع إيرادات هذا الصندوق بين جميع البلديات يتم بقرار من رئيس مجلس الوزراء، بناء على اقتراح من الوزير المختص بشؤون البلديات بالتنسيق مع رؤساء المجالس البلدية.

فائض الصندوق

أمام هذا المشهد، يبرز السؤال حول ما يكتنزه الصندوق من موارد مالية، دفعت الحكومة إلى إعلان التأييد والترحيب بهذا المقترح النيابي.

يدرج قانون اعتماد الميزانية العامة للدولة إيرادات ومصروفات البلديات وأمانة العاصمة بشكل منفصل عن باقي جداول الميزانية، في الوقت الذي يخلو فيه الحساب الختامي للدولة من تقرير مصروفات الهيئات الفعلية لكل سنة مالية.

وخصصت الميزانية الحالية للسنتين 2019 و2020 مبلغ 101 مليون و435 ألف دينار للمصروفات المتكررة، ومبلغ 39 مليونًا و868 ألف دينار ميزانية للمشروعات، لتحقق بذلك إجمالي مصروفات 141 مليونًا و303 آلاف دينار من أصل 205 ملايين دينار إيرادات متوقعة للصندوق.

وبناء على ذلك، فإن تقديرات فائض إيرادات الصندوق المشترك للهيئات البلدية الأربع خلال الدورتين الماليتين الحالية والسابقة، والتي تمتد للسنوات من 2016 وحتى 2020 باتت تبلغ 105 ملايين و931 ألف دينار.

تلك الفوائض توزعت على 63 مليون و697 ألف دينار عن السنتين الماليتين 2019 و2020، إلى جانب فائض 42 مليون و234 ألف دينار عن السنتين الماليتين 2017 و2018 حسب تقديرات الموازنات العامة للدولة، فيما لم يسجل الصندوق وفقا لميزانية السنتين الماليتين 2015 و2016 والبالغة 58 مليونًا و400 ألف دينار أي فائض يذكر.

خصوصية المحافظة

إلى ذلك، قال رئيس مجلس بلدي الجنوبية بدر التميمي إن المجلس سبق له أن أكد رفضه لهذا التعديل التشريعي؛ لمساهمته في تقليص صلاحيات المجالس البلدية، والانتقاص من دورها في مناقشة وإقرار موازناتها.

وأشار إلى أن إلغاء الصندوق المشترك وتعويم هذه الإيرادات في الميزانية العامة، سيعقد من إجراءات الصرف كما يحصل الآن أثناء أداء بعض الالتزامات.

وبين أن لكل محافظة خصوصية مختلفة، ولا ينبغي التعامل مع الهيئات البلدية كوزارات.

وقال: إن كان الهدف من وراء المقترح تشديد الرقابة على آلية الصرف، فإنه بالإمكان معالجة القصور في الرقابة الحالية على الصندوق إن وجدت، دون الحاجة إلى إيداع هذه الإيرادات في الميزانية العامة.

البنية التحتية

من جهته، رأى رئيس مجلس بلدي الشمالية أحمد الكوهجي عدم وجود مشكلة في إيجاد صيغة تشريعية يتم من خلالها الاستفادة من مبالغ الصندوق المشترك في تنفيذ مشروعات البنية التحتية بدلًا من اقتصارها على المشروعات ذات الطابع البلدي.

وذكر أن الأصل هو الاستقلال المالي والإداري للمجالس البلدية، إلا أن ذلك لا يمنع من استثمار أموال الصندوق في تنفيذ بعض المشروعات المتعلقة بالأشغال من طرق وصرف صحي.

وأكد أن على الأجهزة التنفيذية أن تنظر في مقترحات المجالس البلدية ودراستها وتنفيذ المناسب منها، بما يخدم الاستثمار الأفضل للموارد والأملاك البلدية، وذلك بالتنسيق مع المجالس البلدية.

وأبدى رئيس مجلس أمانة العاصمة صالح طرادة تأييده لما ذهبت له الحكومة من رأي في إدراج أموال الصندوق المشترك في الميزانية العامة، لتحسين الوضع المالي للدولة، وتحقيق التوازن المالي.

وعبر عن ثقته في أن الحكومة لن تدخر جهدًا ولا مالًا في سبيل تأمين الاحتياجات الخدمية، وتطوير المرافق العامة في جميع مناطق محافظات المملكة، والاستفادة من هذه الأموال في جميع المجالات الخدمية، بدلًا عن قصرها على جوانب صرف محددة.

الاستقلال المالي

من جانبه، رأى رئيس مجلس بلدي المحرق غازي المرباطي أن الصندوق المشترك جاء ليعزز الاستقلال المالي للهيئات البلدية، وأن التعديل المقترح سيجرد هذه الهيئات من الاستقلالية التي منحها إياها القانون.

وبين أن عدم إدراج إيرادات الصندوق ضمن الحساب العمومي، الذي يضم جميع إيرادات الجهات الحكومية الخاضعة لسلطة وزارة المالية، يؤكد مبدأ الاستقلالية المالية، التي تسهل من عملية الصرف على الخدمات البلدية، وتمنع فرض المزيد من القيود عليها. ولفت إلى أنه في حال كان تأييد الحكومة نابع من كون المشروع يعزّز الرقابة على الصندوق، فإن الواقع يؤكد توفر هذه الرقابة، وذلك من خلال ديوان الرقابة المالية والإدارية، والسلطة التشريعية، والمجالس البلدية، فضلًا عن رقابة الحكومة على عمل الوزير المختص بإدارة أموال هذا الصندوق.  وذهب إلى أن المقترح جاء ليقلب الصورة من خلال دعم الميزانية العامة من إيرادات الصندوق المشترك، في الوقت الذي تتحمل فيه الدولة جزءًا من تغطية بعض النفقات البلدية، والتي تتعلق في جزء منها بميزانية أعمال النظافة، إضافة إلى مكافئات أعضاء المجالس البلدية، وغيرها مما تخصصه الحكومة لتنفيذ المشروعات البلدية الكبيرة، في حال عدم كفاية الموارد المتاحة لتنفيذها.

فائض صندوق البلديات المشترك في 4 سنوات

السنة

الميزانية

الفائض

2017

90 مليون دينار

18.45 مليون دينار

2018

95 مليون دينار

23.78 مليون دينار

2019

100 مليون دينار

31.56 مليون دينار

2020

105 مليون دينار

32.13 مليون دينار

المجموع

390 مليون دينار

105.9 مليون دينار