+A
A-

المحكمة للمتعثرين: لا إشهار للإفلاس قبل بيان تاريخكم المالي

كثير من أصحاب المحلات المتعثرين والذين يتقدمون بطلبات إفلاسهم للمحكمة لا يستوفون إيداع المستندات المطلوبة لتأكيد حالة إفلاسهم، ومن بينها بيانات ترتبط بحالتهم المتعسرة أو دفاترهم المالية.

معظمهم يظن أن اللجوء للمحكمة وطلب الحماية بمظلة قانون الإفلاس الجديد يعني دخولهم بشكل تلقائي ضمن المستفيدين من مزايا التشريع.

ولكن الحقيقة ما أكدته محكمة التمييز بمبدأ في حكم جديد غير منشور من وجوب تقديم لائحة إشهار الإفلاس متضمنة بيانات ومستندات، ومن أبرزها: تقرير يتضمن وصف لأوضاع المدين المالية، ومعلومات عن أمواله، وطبيعتها وبيانات العاملين لديه، وصورة عن البيانات المالية المتعلقة بأعماله عن السنوات الثلاث السابقة على تقديم الطلب، وبيان بأسماء الدائنين والمدينين وعناوينهم ومقدار حقوقهم.

وتنشر “البلاد” أبرز حيثيات حكم محكمة التمييز (الدائرة الأولى التجارية)، والذي نطقت به في 1 يوليو 2020.

طرفا القضية: الطاعن شخص مفلس وشركته، أما المطعون ضدهم، فعدد من الشركات العاملة في مجال التجارة والمقاولات والاتصالات، الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي، وهيئة تنظيم سوق العمل.

 

قصة القضية

الطاعنان أقاما دعوى أمام المحكمة المدنية الكبرى على المطعون ضدهم بطلب الحكم بندب خبير حسابي لبيان مراكزهما المالية، وفي الموضوع شهر إفلاسهما.

وقالا بيانا لدعواهما أنهما تاجران، واضطربت أعمالهما التجارية، وعجزا عن سداد ديونهما، فكانت الدعوى.

حكمت المحكمة برفض الدعوى، استأنف الطاعنان ذلك القضاء بالاستئناف أمام محكمة الاستئناف العليا المدنية، بتاريخ 31/10/2019. وقضت المحكمة بالتأييد.

وطعن الطاعنان بالحكم بطريق التمييز.

 

حيثيات الحكم

إن ما ينعي به الطاعنان على الحكم المطعون فيه بسبب الطعن القصور في التسبيب، إذ أيد حكم محكمة أول درجة القاضي برفض دعواهما لعدم تقديمهما المستندات التي اشترطها القانون في دعوى الإفلاس، في حين أنهما غير قادرين على تقديم تلك المستندات، ولا قادرين على حصر مديونيتهما؛ لذا تمسكا أمام محكمة أول درجة بندب خبير في الدعوى، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن طلبهما، بما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن البين من استقراء أحكام القانون رقم 22 لسنة 2018 بشأن إصدار قانون إعادة التنظيم والإفلاس، إن المشرع البحريني عدل عن الإطار القديم لمفهوم نظام الإفلاس (Bankruptcy)  الذي كان سائدا في القانون رقم 11 لسنة 1978 الملغي، والذي كان يشير إلى الإجراء القانوني الخاص بالتاجر – سواء كان فردا أو شركة - غير القادر على سداد الديون المستحقة عليه، لاضطراب أحواله المالية، إذ تبدأ عملية الإفلاس بتقديم المدين لائحة من قبله، أو من قبل واحد أو عدد من الدائنين، للحكم بشهر إفلاس التاجر المتعثر، ويتم بعدها تقدير كافة أصوله المادية؛ من أجل تصفيتها، وتوزيع قيمتها على الدائنين توزيعا عادلا بالاعتماد على الأحكام المتعارف عليها في القانون التجاري، وهو ما كان يطلق علية تعبير الموت المدني (Mort civile).

بيد أن المشرع البحريني تبنى حزمة تشريعية من القوانين لدعم التجارة، والاستثمار في المملكة منها القانون رقم 22 لسنة 2018، والذي اعتمد فيه مفهوما مغايرا عن مفهوم القانون الملغي، وضع بموجبه مجموعة إجراءات قانونية حمائية تهدف الى مساعدة التاجر عن طريق إعادة توجيه عملياته، وأمواله وبرمجتها، ليتجاوز مرحلة التعثر، ويحقق أرباحا من مشروعه، وهو ما يعين الاقتصاد الوطني بالمملكة ويقويه.

وإن البين من النص في المادة 7/ ج من ذات القانون أنه إذ قررت المحكمة عدم استيفاء لائحة الدعوى المتطلبات المنصوص عليها في الفقرة (أ) من هذه المادة وجب عليها إعلام المدين بأوجه النقص، وإعطاؤه فرصه معقولة تحددها لتصحيح أو استكمال أوجه النقص، وإلا جاز لها رفض الدعوى أو الاستمرار في نظرها بالحالة المرفوعة عليها أو أن تصدر القرار الذي تستصوبه.

وكان النص في المادة 12/أ من ذات القانون على البيانات التي يجب أن تشتمل عليها لائحة دعوى المدين لافتتاح إجراءات الإفلاس 1- اسم المدين، ومحل إقامته، ومحله المختار، ورقم الهاتف، ورقمه الشخصي أو رقم سجله التجاري، ورقم الفاكس، والبريد الإلكتروني أن وجد. 2- تقرير يتضمن وصف لأوضاع المدين المالية، ومعلومات عن أمواله، وطبيعتها وبيانات العاملين لديه. 3- بيان يحدد فيه المدين بوضوح طلب البدء في إجراءات إعادة التنظيم أو إجراءات التصفية. 4 – صورة عن البيانات المالية المتعلقة بأعماله عن السنوات الثلاث السابقة على تقديم الطلب. 5- قائمة بجميع أموال المدين المستثناة من أصول التفليسة. 6- بيان بأسماء الدائنين والمدينين وعناوينهم ومقدار حقوقهم... ج – إذ كان المدين غير قادر على تقديم أي مستندات المشار إليها في الفقرة (أ) من هذه المادة، وجب عليه أن يبين أسباب ذلك في لائحة دعواه. يدل على أنه إذ لم تحتوِ لائحة دعوى المدين بطلب شهر إفلاسه على البيانات سالفة الذكر، والتي اشترطها القانون جاز للقاضي الحكم برفض طلب شهر الإفلاس سيما.

وإن البين من المستندات المطلوبة أنها خاصة بالتاجر المدين وتصدر منه، ولا يستلزم تجهيزها إجراءات خاصة، لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق، إن الحكم المطعون فيه المؤيد لحكم أول درجة انتهى في قضائه إلى رفض دعوى الطاعنين بطلب الحكم شهر إفلاسهما، لعدم تقديمهما المستندات المطلوبة التي اشترطها القانون، وعدها من الشروط الواجب عليهما تنفيذها،.

ولا ينال مما تقدم ما نعى به الطاعنان بسبب طعنهما من أنهما لم يستطيعا تجهيز المستندات، إذ إن ذلك مردود بأن المستندات التي نص عليها القانون متعلقة بتجارتهما، وتصدر منهما، ولا يستلزم تجهيزها إجراءات خاصة، ولا مخاطبة إدارات حكومية أو خاصة لاستخراجها منها.

ولا يدحض مما انتهى إليه الحكم المطعون فيه ما ساقه الطاعنان من أنه لم يستجب لطلبهما بندب خبير في الدعوى، إذ إن محكمة الموضوع غير ملزمة بندب خبير ما دامت قد وجدت في الأوراق ما يكفي لتكوين عقيدتها، فإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى تأييد حكم أول درجة القاضي برفض دعوى الطاعنين، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح، ويكون النعي عليه بسبب الطعن على غير أساس.

ولما تقدم، فإنه يتعين رفض الطعن.

 

المنطوق

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع برفضه، وألزمت الطاعنين المصاريف.