+A
A-

"البلاد سبورت" تفتح جرح الرياضة الكويتية (2)

قصة استشهاد الأب الروحي للرياضة الكويتية

ما هي آخر كلمة قالها الشهيد فهد الأحمد قبل وفاته؟

الشطي قابله باتحاد الكرة قبل 24 ساعة من الغزو وهكذا كان!

الشهيد توجه إلى قصر دسمان للاطمئنان على الأمير

تزامنا مع الذكرى الـ 30 للغزو العراقي على الكويت نستعرض في هذا الملف بعض الحقائق المتعلقة بالغزو ومدى تأثيرها على الرياضة الكويتية بهدف التوثيق وعرض حقبة من تاريخ هذا الزلزال السياسي الذي ضرب المنطقة وخلف تصدعات كبرى لا زالت آثارها باقية حتى اليوم.

وكان لنا وقفة في حلقة الأمس مع المؤرخ الكويتي مرزوق الغانم، الذي كشف بالوثائق والمستندات مدى الدمار الذي لحق بالرياضة الكويتية، وسرقة كؤوس دورة كأس الخليج، بالإضافة إلى تورط لاعبين دوليين عراقيين في نهب مقتنيات الأندية والاتحادات الكويتية التي تحولت إلى معتقلات للتعذيب، كما تحدثنا عن سيرة أول شهيد رياضي، وهو قشيعان المطيري نادي النصر ومنتخب الكويت لكرة السلة، أما اليوم فسوف يكون حديثنا عن الشهيد فهد الأحمد الأب الروحي للرياضة الكويتية، وسوف نتوقف في محطة الرياضي والإعلامي عبدالحميد الشطي ليكشف لنا جانبا مظلما آخر من الغزو العراقي للكويت:

شهادة الإعلامي عبدالحميد الشطي

فقدت الكويت والرياضة العربية والآسيوية والعالمية قامة رياضية بارزة باستشهاد الشيخ فهد الأحمد الصباح في صبيحة يوم 2 أغسطس 1990 عندما توجه إلى قصر دسمان للإطمئنان على شقيقه أمير الكويت الأسبق الشيخ جابر الأحمد الصباح لكنه القدر لم يمهله عندما باغتته رصاصة غادرة من أحد قناصي الجيش العراقي ليسقط شهيدا في سبيل أرضه ووطنه.

الرياضي والإعلامي عبدالحميد الشطي حارس مرمى نادي القادسية الشهير وأحد أبرز الإعلاميين الرياضيين بدولة الكويت الشقيقة يعتبر واحدا من المقربين للشهيد وعائلته وكان ملازما له أثناء حياته.

يقول الشطي إن اللقاء الأخير الذي كان من المفترض أن يجمعه بالشهيد في مقر اتحاد كرة القدم الكويتي يوم الأربعاء 1 أغسطس 1990 أي قبل يوم واحد تقريبا من الاجتياح العراقي، حيث التقى الشطي بعدنان بوحمد مدير مكتبه وكان يريد لقاء الشيخ فهد الأحمد ليعرض عليه فكرة اشهار ناد للتصوير الضوئي والحصول على دعمه ومساندته وتسهيل اشهار نادي عند وزير الشؤون الاجتماعية.

ويضيف شعرت بأن الأجواء كانت غير طبيعية ومتكهربة نوعا ما، ويبدو كانت هناك معلومات لدى الشهيد بوجود تهديد حقيقي تجاه دولة الكويت ولذا كان يشعر بالضيق ولم يكن على ما يرام فقررت عدم الدخول عليه ...

وأوضح الشطي بأنه علم بنبأ وفاته عبر الإذاعة فبكى كثيرا ودخل في نوبة حزن عميقة من شدة حبه وتعلقه بالشهيد فهو صاحب فضل عليه عندما كان حارسا لمرمى القادسية وهو من طالب بمشاركته ضد سانتوس البرازيلي العام 1973، مضيفا لولا الشهيد لما عرفني الناس لاعبا فهو من قدمني إلى الجمهور واعتبره بمثابة أبي وكان مصرا على مشاركتي في تلك المباراة وكنت من رواد ديوانيته واعتز بعلاقتي معه...

وسرد له بعضا من تفاصيل استشهاده، موضحا عندما وصله نبأ غزو الكويت أخذته الحمية والغيرة للإطمئنان على شقيقه سمو الأمير بقصر دسمان.. وكان معه حينذاك الشيخ راشد الحمود وشخص أسمه حامد، وأثناء توجهه للقصر لم يكن يعلم بأنه محاط بالجيش العراقي وفي أثناء دخوله تلقى رصاصة من قناص في رأسه لينزف دما وكان آخر كلمة قالها (آاااخ انصدنه) حتى فارق الحياة شهيد فيما تمكن مرافقاه من الفرار ...

وذكر الشطي بأن هناك الكثير من المغالطات والروايات المثارة حول تلك الحادثة وهي غير صحيحة، مشيرا إلى أن الشهيد دفن بإسم عبدالله المصري حتى لا يتمكن الغزاة من معرفة قبره، وأكد بأن الشهيد كان يعلم بأن التوجه إلى قصر دسمان قد يعرضه للموت والخطر لكنه كان جريئا ومقداما رغبة منه في الدفاع عن شقيقه الأمير جابر الصباح رحمه الله، وذكر الشطي بأن الشهيد كان على علاقة وطيدة مع عدي صدام وكان داعما للعراق أثناء الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينات لكنه قتل فيما بعد على أيديهم.

آلام الرياضيين في عيون الصحافة الكويتية

نشرت صحيفة الرأي الكويتية، تقريرا حديثا يلخص الحالة المأساوية التي عايشها الرياضيون الكويتيون خلال فترة الغزو العراقي، وسوف نقوم بنشر هذا التقرير ليعكس نظرة الصحافة الكويتية لتلك الفترة الغابرة من التاريخ ضمن هذا الملف الشامل:

كما هي الحال بالنسبة إلى كل القطاعات في البلاد، عانت الرياضة الكويتية ومنتسبوها من أضرار الغزو العراقي الغاشم والذي بدأ فجر الثاني من أغسطس 1990.

في الفترة التي سبقت ذلك التاريخ كان الرياضيون الكويتيون يستعدون لبدء موسم جديد من خلال التحضير للخروج في معسكرات خارجية للأندية والمنتخبات الوطنية وفي مختلف الألعاب، وكان الاستحقاق الابرز المشاركة في دورة الألعاب الآسيوية الحادية عشرة في العاصمة الصينية بكين في أكتوبر، حيث من المقرر أن تشارك الكويت بوفد كبير وبفرق عدة يتقدمها منتخب كرة القدم المتوج بلقب خليجي 10 في مارس من العام نفسه والذي كان قد بدأ بالفعل بالاستعداد من خلال معسكر خارجي في مدينة فيشي الفرنسية.

وقْع نبأ الغزو كان كبيرا على لاعبي الأزرق في فرنسا، ومنهم من لم يصدق ما سمعه، قبل أن يتمكنوا من استيعاب الصدمة تدريجيا ويفكروا بالخطوة التالية، الاطمئنان على الأهل والأحبة في الوطن من خلال محاولات اتصال تعثر أغلبها بعد قطع الاتصالات الدولية من وإلى الكويت.

قرر الجميع مغادرة فرنسا سواء بالاتجاه الى المملكة العربية السعودية إو إحدى الدول التي تتواجد فيها أسرهم، أو محاولة دخول الكويت لمن لم يتمكن من التواصل مع ذويه أو تأكد من عدم خروجهم من البلاد.

في هذه الأثناء كانت الأخبار تتوالى، استشهاد رئيس اتحاد كرة القدم واللجنة الأولمبية الشيخ فهد الأحمد، وسقوط شهداء آخرين خلال المعارك التي جرت في محيط معسكر جيوان من بينهم نجم المنتخب الوطني لكرة السلة قشيعان المطيري.

كان قشيعان يستعد للمغادرة إلى المانيا في الرابع من أغسطس، لخوض معسكر تدريبي مع منتخب كرة السلة استعدادا لـ الآسياد، ولكنه وجد نفسه يلتحق بزملائه في رئاسة الأركان الذين اشتبكوا مع الجيش الغازي في معارك طاحنة، حتى جاءته قذيفة ثقيلة أصابته في بطنه ورجله فتم نقله بسيارة جيب عسكرية إلى المستشفى قبل أن يفارق الحياة شهيدا.

شيئا فشيئا بدأ الشباب الكويتي بالتعايش مع ظروف الغزو ومتطلبات التعامل معه، فعملوا في مهن لم يكونوا معتادين عليها، فنظفوا الشوارع وعملوا في المخابز، وقاوموا المحتل سلميا من خلال الاحتفاظ بالهوية الكويتية وعدم الالتفات إلى محاولات تغييرها والتي تركزت حول لوحات أرقام السيارات أو بطاقات التعريف.

لم يسلم الرياضيون الكويتيون من ملاحقة أزلام النظام الذين كانوا يرغبون في إضفاء الشرعية على الغزو من خلال استقطاب واستمالة شخصيات كويتية مشهورة، وبالطبع كان اللاعبون الدوليون هدفا رئيسا بالنسبة لأجهزة الاستخبارات وبالتعاون مع من لعبوا دور المعرّفين والذين كان من بينهم إعلاميون ولاعبون عراقيون أبرزهم عدنان درجال. وقد تحولت منشأت الأندية إلى ثكنات عسكرية ومقار لتعذيب الشباب.

ويروي لاعب منتخب الكويت ونادي القادسية السابق محمد إبراهيم كيف تعرّض إلى ملاحقة من درجال وآخرين بدعوى رغبة الأخير بشراء سيارته المرسيدس، كما تعرض زميل إبراهيم ومدافع نادي الكويت عادل عباس إلى وضع مماثل.

لم يكن الرياضيون استثناء في حملات الأسر والاعتقال التي طالت جميع شرائح الشعب الكويتي، فمنهم من تم أسره في الساعات الأولى من الغزو وغالبيتهم من العسكريين، ومنهم من وقع في قبضة المحتل خلال أيام الاحتلال الصعبة، وفي النهاية عاد البعض منهم أحياء ولكن بعد أن انهكتهم أيام وليالي الأسر القاسية، فيما طال غياب البقية حتى تم اكتشاف رفاتهم في مقابر جماعية في مدن عراقية عدة.

وتضم قائمة شهداء الرياضة مجموعة كبيرة من بينها رئيس نادي القادسية يوسف المشاري والمدرب خالد ادريس، واللاعبون أحمد قبازرد، جمال الجزاف، ميثم المولي، احمد الطراروة، احمد الخواري، جمال السالم وعصام سعد الله، وغيرهم.

خارج الوطن المحتل، كان رياضيو الكويت يقومون بعمل لا يقل أهمية عن إخوانهم في الداخل، فمنهم من تطوع في القوات التي شاركت في التحرير، ومنهم من حمل على عاتقه مسؤولية ابقاء اسم الكويت في المحافل الرياضية الخارجية.

وتمكنت الكويت من ارسال وفد رياضي للمشاركة في آسياد بكين كان من ضمنه منتخب كرة القدم الذي خاض 3 مباريات ضمن المجموعة، ففاز على هونغ كونغ 2 - 1 وخسر من تايلند بنفس النتيجة، وتعادل مع اليمن من دون أهداف، ليتأهل إلى الدور ربع النهائي ويصطدم بالمنتخب الكوري الجنوبي القوي ويخسر أمامه بصعوبة بهدف وحيد.

وتكون المنتخب الذي قاده المدرب الوطني محمد كرم من اللاعبين: سمير سعيد، أسامة حسين، سامي الحشاش، وائل سليمان، خالد الجار الله، نواف جابر، راشد بديح، وليد البريكي، نواف جديد، صالح المسند، عادل الخليفي، أحمد عسكر، علي مروي، عبدالعزيز الهاجري، حمد الصالح وعنبر سعيد.

تقرأون في حلقة الغد: البحرين تفتح أحضانها للأشقاء!