العدد 5667
السبت 20 أبريل 2024
banner
نهى محمد يوسف بطي
نهى محمد يوسف بطي
القرد الصغير والتنمر الإداري
الإثنين 21 أغسطس 2017

في الفلم الأمريكي الشهير Night In The Museum كلنا نتذكر الصراع القائم بين القرد الصغير Dexter والحارس الليلي  للمتحف Larry  ، والذي يقوم بسرقة المفاتيح الخاصة بالمتحف يوميا ، وقد عانى الحارس من القرد الصغير وظهر في اكثر من مشهد وهو يحاول استرداد المفاتيح بطرق عدة الا انه القرد كان يضربه رغم صغر حجمة وقلة عقلة.

هذا المشهد كثيرا ما يتكرر مع الكثير من الموظفين الإداريين من سوء المعاملة داخل المؤسسة، فنرى بأنه بعض من ذوي السلطة في المؤسسات والوزرات يسيء معاملة الموظفين العاملين في المؤسسة بشكل مباشر وغير مباشر كأن يتعرض الموظف الى مختلف أنواع التهديد كالخصم من الراتب الشهري أو الفصل المؤقت وبلا سبب فعلي يستدعي ذلك، وقد يطال هذا التعامل الغير مقبول حقوق الموظف كعدم اعطائه اجازة سنوية أو اضطرارية بينما يتمتع بها غيره من الموظفين بسهولة، او ان يتم توقيف حقوقه كالترقية والعلاوات بغير وجه حق، يسمى هذا النوع من التعامل بالتنمر الوظيفي.

ويعرف التنمر الوظيفي بأنه ميل بعض أصحاب أو مدراء أو رؤساء العمل إلى السيطرة والهيمنة على مرؤوسيهم ومضايقتهم بالتسلط والقسوة والتعنيف لدرجة أن عدداً لا يستهان به من الموظفين قد يجبرون نفسياً وقهرياً على ترك العمل بتقديم الاستقالة أو التحويل إلى قطاع آخر أو جهة أخرى.

فالقرد الصغير Dexter مارس التنمر على الحارس الليلي للمتحف Larry برغم ان الحارس لم يقم بفعل يستحق سوء المعاملة الذي تلقها منه، فقد كان يرد استرداد المفاتيح فقط، وعند النظر لموقع الحارس الليلي كان من المفترض ان يكون صاحب السلطة المطلقة في المتحف، ولكن جهله بالتاريخ وعدم قراته للتعليمات التي أعطيت له من قبل الحراس السابقين أدت به الى عدم معرفة الطريقة الأمثل في التصرف مع القرد الصغير، وللأسف بانة احد أسباب التنمر الإداري في المؤسسات جهل وضعف الموظفين للحقوهم وواجباتهم وعدم وجود رادع للمتنمر، فالمتنمر يخلق في بيئة العمل بسبب ضعف الإدارة وعدم وجود الأنظمة والقوانيين او الجهات التي تساند الموظفين بشكل فعال. فكثير من المتنمر في المؤسسات يعتقد بأنه لا يمكن المساس بهم طالما انه يمارس التنمر ويلقى الصمت التام من الإدارة العليا وأحيانا كثرة يلقى المساندة والدعم التام منهم.  ولهذا نرى في مشهد بدء القرد والحارس الليلي يتبادلان الضرب لولا تدخل الرئيس الأمريكي الأسبق "روزفلت" ليضع حداً لتنمر القدر الصغير ليسترد المفاتح ويقوم بتسليمه للحارس الليلي.

يطول الحديث عن التنمر الوظيفي، ولكن المهم ان نعرف ما نحتاجه للتخلص من التنمر الوظيفي ألا وهو توعية الموظفين وحتى المدراء بما لهم وما عليهم من حقوق، وتوعيتهم ايضاً بأضرار التنمر النفسية والتي سينعكس وجودها سلباً على العمل وسمعة المؤسسة، وإيقاف المتنمر تمام وذلك بوضع القوانين والأنظمة التي تعطي الحق للموظف بان يقاضي المتنمر ولا يبقى إلا أن نقول إن التنمر الوظيفي ليس إلا مرض إداري إن وقع سيتفشى في بيئة العمل بسرعة، حيث سيصبح مع مرور الوقت المتنمر قدوة لباقي الموظفين في المؤسسة بمختلف المستويات الوظيفية وسيستمر التنمر بازدياد كلما اتجهنا لأسفل على الهيكل التنظيمي وسيتدهور العمل ولن ينجز الموظفون العمل بالكفاءة المطلوبة وبنفسيات سيئة وهم يعانون هذا التنمر مالم يبتر. فجميعاً لنا الحق في أن نكون قادرين على العمل في بيئة عمل آمنة ومتحضرة.

ختاماً، في قليل جداً من الدول لديها قوانين فعلية ضد التنمر، ففي بعض الولايات توجد هناك لوائح للتنمر في مكان العمل تتيح عادةً للموظفين مقاضاة أصحاب العمل لإيجادهم بيئة عمل تعسفية، فقانون التنمر يرتبط بقانون التمييز والتحرش.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية