العدد 5635
الثلاثاء 19 مارس 2024
banner
عيسى الدوسري
عيسى الدوسري
غابوا فغُيبوا
الخميس 29 مارس 2018

في مجتمعنا الإسلامي نتيقنُ أن الرسل والصحابة هم أحق الناس للاقتداء بهم مهما طال الزمان بنا فهم من جسدوا الدين خير تجسيد ,وحيث أن القدوات يجددون تطبيق قواعد الدين بناءا على الحوادث والمواقف المعاصرة ليضربوا لنا أروع الأمثلة على ذلك, فمن الأسهل علينا طرح أمثلة معاصرة لجعلها نموذج حي نقتبس منه تصرفاتنا وسلوكياتنا بهدف الوصول الى ماوصلوا اليه.

 والطبيعي أن يتخذ كل إنسان منا شخص يحبه ويحترمه كقدوة له خصوصاً في مراحل الطفولة فترى الطفل يقلد أقرب وأحب الناس إليه,و يستمر الحال عليه بإتخاذنا قدوات في كل مرحله عمرية وعملية لأهمية ذلك في حياتنا والذي ينعكس علينا في تصرفاتنا ومعتقداتنا.

ومع تطورات العصر طرأت على مجتمعاتنا تغيرات جديدة من شأنها أن تعبث بمنظوراتنا الفكرية, بسبب الغزو التكنولوجي الواسع وارتباطنا بوسائل التواصل الاجتماعي والتي أبرزت لنا نماذج مختلفة من القدوات المشبوهة.

بيّد أن الإعلام أصبح يأخذ طابعاً شخصيا يقوده عامة الناس ممن يتحلون بشعبية كبيرة بين أوساط المجتمع دون سيطرة أحد,الأمر الذي يسبب شرخ في معتقدات وسلوكيات أفراد المجمتع ,فلا تتعجب من هذه التغييرات التي لاتمد لجتمعاتنا بصلة,ناهيك عن وجود أناس تقدم محتويات لها قيمتها الفكرية والهادفة لصنع التغيير في الفئات المستهدفة وللأسف فهم قلة قد تكاد لاتُذكر.

واللوم لا يقع على اعتاب مستخدميها بطريقة خاطئة فهذه المنصة الإلكترونية تتيح لهم عرض ما يحلو لهم,فلا يبالون بلومة لائمٍ ماداموا لايمسون بالقوانين التي تنص عليها الدول للحد من الانتهاكات الأخلاقية ,ويقال أن الأواني الفارغة هي التي تحدث ضجيجاً, فهل نطمح بأن تكون تلك العقول هي من تساهم في تشكيل شباب اليوم وقادة المستقبل؟

إن السكون الفكري والجمود الناتج عن اتباعنا طريقة محددة في إستقبال المعلومات عن طريق المشاهدة والاستماع وايماننا بعقليات روتينية وعزوفنا عن تنمية عقولنا عن طريق القراءة وتطوير مهاراتنا يساهم ايضاً في انحدار عجلة التغيير والنمو.الأمر الذي يجعل أصابع الإتهام تحوم حول المسؤولين عن هذا,وأسفنا على تلك الجهات الداعمة لهم للاتنفاع قدر الإمكان من متابعيهم,فهل نلوم الإعلام بعدم إبرازه للقدوات ,أم نلوم الرقابة الأسرية ,أم أختلطت علينا معايير أختيار القدوات في عصرنا؟

الرقابة الأسرية لابد أن تُمارس عبر إنتقاء تلك المشاهدات والسلوكيات بما يتناسب مع مجتمعاتنا ,أما الإعلام فهي المنصة المناسبة لتغيير ثقافات وإهتمامات الإجيال فهي مكتوفة الأيدي ريثما تتوفر الأسوة المناسبة لإبرازها ,فلا يمكننا أن نبرز أُناساً غابوا فغُيبوا عن عقولنا ,فبنزوحهم عن مواكبة تطوات العصر ساهم بشكل كبير في وجود هذه الآفة المجتمعية,لذا فإن لومنا يقع على تلك العقول المفكرة والألسنة المحنكة لعدم مواكبتها لتلك التطورات وأن تخلق منها قناة ومنصة لإيصال تلك الأفكار النيرة التي من شأنها أن تأسس جيلاً مثقفاً يتحلى بقيم وأخلاق حميدة.

كل ذلك يصب في ندرة امتلاكنا لقادة الرأي المؤثرين إيجابياً, فبوجود أمثالهم يفرضُ علينا جميعاً إبرازهم وتسليط الضوء عليهم إعلامياً لزرع قدوات حسنة في نفوسنا ونفوس الناشئة .حيث أن المجتمعات تنهض بقيادة الرأي المؤثرين في شتى المجالات واختلافها,وإن الثورة التكنولوجية الحاصلة هي الوسيلة الأمثل للاستفادة منها إيجاباً,وهذا ما نرجوه.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية