لنجرب الشيشليك الطيب وحلوى الرامبوتان مع شيخة ومريم

"دستارخان" البلاد: فطوركم في “أوزبكستان” وسحوركم في “الصين”

| سعيد محمد

من‭ ‬السهل‭ ‬أن‭ ‬تتجول‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬النت‭ ‬والسوشال‭ ‬ميديا‭ ‬لتعيش‭ ‬لحظات‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬“الصين”‭ ‬لتتسحر‭ ‬هناك‭ ‬وأنت‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬أو‭ ‬لربما‭ ‬شاركت‭ ‬في‭ ‬مائدة‭ ‬إفطار‭ ‬شهية‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬سمرقند‭ ‬الأوزبكية،‭ ‬فالأصدقاء‭ ‬والمعارف‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم،‭ ‬يزدادون‭ ‬بضغطة‭ ‬زر‭ ‬ولحظة‭ ‬صورة‭ ‬وفقرة‭ ‬نص‭ ‬ومقطع‭ ‬فيديو‭.‬

تحدثنا‭ ‬الكاتبة‭ ‬شيخة‭ ‬عبدالله‭ ‬علي‭ ‬من‭ ‬أوزبكستان‭ ‬عن‭ ‬أجواء‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬هناك،‭ ‬فتقول‭ ‬إن‭ ‬نفحات‭ ‬رمضان‭ ‬تعيد‭ ‬للأوزبك‭ ‬عبق‭ ‬تاريخ‭ ‬أجدادهم‭ ‬العظيم‭ ‬وحضارتهم‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬نهضة‭ ‬علمية‭ ‬واسعة‭ ‬حتى‭ ‬صارت‭ ‬قبلة‭ ‬للعلماء‭ ‬لتلقي‭ ‬العلم‭ ‬والمعرفة،‭ ‬كسمرقند‭ ‬وطشقند‭ ‬وخوارزم‭ ‬وترمذ‭ ‬وبيروني،‭ ‬فكان‭ ‬منهم‭ ‬الإمام‭ ‬البخاري‭ ‬والطبيب‭ ‬الشهير‭ ‬ابن‭ ‬سينا‭ ‬والخوارزمي‭ ‬والبيروني‭ ‬والنسائي‭ ‬والترمذي،‭ ‬وغيرهم‭ ‬الكثير‭. ‬

أوزبكستان‭ ‬دولة‭ ‬مسلمة،‭ ‬ويتحلى‭ ‬الشعب‭ ‬الأوزبكي‭ ‬بالتسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬العرقيات‭ ‬والديانات‭ ‬الأخرى‭ ‬تجمعهم‭ ‬كلهم‭ ‬روح‭ ‬المواطنة‭ ‬ورمز‭ ‬الدولة،‭ ‬ويأتي‭ ‬رمضان‭ ‬بالخير‭ ‬للجميع،‭ ‬فينشر‭ ‬أفراحه‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أرجاء‭ ‬أوزبكستان،‭ ‬فمنذ‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬لرمضان،‭ ‬يبدأ‭ ‬الاستعداد‭ ‬لمادة‭ ‬الإفطار‭ ‬وصناعة‭ ‬أصناف‭ ‬الطعم،‭ ‬فتزخر‭ ‬الأسواق‭ ‬بعرض‭ ‬أصناف‭ ‬الحلوى‭ ‬والفواكه‭ ‬والخضروات‭ ‬واللحوم،‭ ‬حيت‭ ‬تشتهر‭ ‬أوبكستان‭ ‬بالزرعة‭ ‬وتربية‭ ‬الماشية‭. ‬أما‭ ‬مائدة‭ ‬رمضان،‭ ‬فالمادة‭ ‬الأوزبكية‭ ‬تتمير‭ ‬بتنوعها‭ ‬ويعد‭ ‬المطبخ‭ ‬الأوبكي‭ ‬أكثر‭ ‬شهرة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬تعدد‭ ‬الأطباء‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى‭ ‬ومن‭ ‬أشهى‭ ‬الأطباق،‭ ‬والذي‭ ‬يعد‭ ‬طبق‭ ‬التوقيع‭ ‬الأوزبكي‭ ‬الأكثر‭ ‬شهرة‭ ‬هو‭ ‬“البلوسط‭ ‬باللغة‭ ‬الروسية‭ ‬أو‭ ‬الأوش‭ ‬باللغة‭ ‬الأوزبكية‭ ‬والمصنوع‭ ‬عادة‭ ‬من‭ ‬الأرز‭ ‬وقطع‭ ‬اللحم‭ ‬المتبل‭ ‬والجزر‭ ‬والبصل‭ ‬المبثور‭.‬

وهناك‭ ‬قول‭ ‬مشهور‭ ‬في‭ ‬أوزبكستان،‭ ‬وهو‭.. ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للضيف‭ ‬مغادرة‭ ‬المنزل‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬تكريمه‭ ‬بطبق‭ ‬بلوف،‭ ‬ومن‭ ‬الأطباق‭ ‬أيضًا‭ ‬اللجمان‭ ‬والمانتي‭ ‬والماستافا‭ ‬والشيشليك،‭ ‬وهنا‭ ‬نوع‭ ‬شائع‭ ‬من‭ ‬الحساء‭.. ‬مرق‭ ‬مع‭ ‬قطع‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬اللحم،‭ ‬والشوربة‭ ‬معروفة‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬الطبيب‭ ‬أبي‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬سينا،‭ ‬وتعتبر‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬وجبة‭ ‬علاجية‭ ‬ضد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأمراض‭.‬

ومن‭ ‬العادات‭ ‬الجميلة‭ ‬التي‭ ‬يتمسك‭ ‬بها‭ ‬الشعب‭ ‬الأوبكي‭ ‬هي‭ ‬الإفطار‭ ‬الجماعي،‭ ‬فقلما‭ ‬تفطر‭ ‬أسرة‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬بيتها،‭ ‬بل‭ ‬تجتمع‭ ‬العائلة‭ ‬الكبيرة‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬الطعام،‭ ‬والتي‭ ‬تسمى‭ ‬“دستارخان”‭ ‬حيث‭ ‬يتناول‭ ‬الأوزبك‭ ‬طعامهم‭ ‬بأيديهم‭ ‬وهم‭ ‬جلوس‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬فيقام‭ ‬حفل‭ ‬الإفطار‭ ‬في‭ ‬جو‭ ‬من‭ ‬البهجة‭ ‬والفرح‭ ‬والسرور‭.‬

هلال‭ ‬ونجمة‭ ‬ورامبوتان

هيا‭ ‬إلى‭ ‬الصين،‭ ‬حيث‭ ‬يتراوح‭ ‬عدد‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬وتركستان‭ ‬الشرقية‭ ‬نحو‭ ‬24‭ ‬مليون،‭ ‬ومنهم‭ ‬الأيغور‭ ‬الذي‭ ‬يواجهون‭ ‬حملة‭ ‬اضطهاد‭ ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬السلطات‭ ‬الصينية،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬شينغ‭ ‬يانغ،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬شيونهوا‭ ‬وكانسو‭ ‬وكيسنيغيانغ،‭ ‬ولشهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬كما‭ ‬تخبرنا‭ ‬مريم‭ ‬يونغ‭ ‬حفلة‭ ‬استقبال‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬البيوت‭ ‬بتنظيف‭ ‬الأسطح‭ ‬وتزيين‭ ‬كل‭ ‬زوايا‭ ‬المنزل‭. ‬أما‭ ‬الشوارع‭ ‬والطرقات،‭ ‬فيتم‭ ‬تزيينها‭ ‬أيضًا‭ ‬بالمصابيح‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬الهلال‭ ‬والنجمة‭ ‬ويتم‭ ‬تركيب‭ ‬الإعلانات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تحوي‭ ‬الآيات‭ ‬القرآنية‭ ‬الكريمة‭ ‬والأعلام‭ ‬والأقمشة‭ ‬الملونة،‭ ‬كم‭ ‬يتم‭ ‬فرش‭ ‬المساجد‭ ‬والجوامع‭ ‬بالسجاد‭ ‬الجديد‭ ‬احتفاءً‭ ‬بهذا‭ ‬الشهر‭.‬

والمائدة‭ ‬الصينية‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬دائرية‭ ‬الشكل‭ ‬بالنسبة‭ ‬لموائد‭ ‬المنزل‭ ‬ويمكن‭ ‬تحريكها‭ ‬مثل‭ ‬الدولاب،‭ ‬وأبرز‭ ‬الأطباق‭ ‬هي‭ ‬الرز‭ ‬المبخر‭ ‬مع‭ ‬اللحم،‭ ‬وأول‭ ‬وقت‭ ‬الإفطار‭ ‬وخصوصًا‭ ‬في‭ ‬المساجد،‭ ‬يبدأ‭ ‬الإفطار‭ ‬بالبطيخ‭ ‬والشاي‭ ‬الأخضر،‭ ‬ثم‭ ‬يكملون‭ ‬إفطارهم‭ ‬في‭ ‬المنازل،‭ ‬وأشهر‭ ‬حلويات‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬هي‭ ‬دوريان،‭ ‬الكيوانو،‭ ‬مانجوستين،‭ ‬الرامبوتان،‭ ‬سالاك،‭ ‬وعمومًا‭ ‬فأغلب‭ ‬الشعب‭ ‬الصيني‭ ‬لا‭ ‬يميل‭ ‬إلى‭ ‬الحلويات،‭ ‬وأغلب‭ ‬حلوياتهم‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬فواكه‭ ‬مجففة‭ ‬كالمشمش‭ ‬والعنب‭ ‬وحبوب‭ ‬السمسم‭.‬