الغائب عن العين.. الراسخ في القلوب.. والحاضر بأفعاله

ها‭ ‬نحن‭ ‬اليوم‭ ‬نحزم‭ ‬أمتعتنا،‭ ‬لننطلق‭ ‬في‭ ‬ربوع‭ ‬خير‭ ‬الشهور‭ ‬وأفضلها،‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك،‭ ‬شهر‭ ‬الخير‭ ‬والبركات،‭ ‬شهر‭ ‬المغفرة‭ ‬والرحمة،‭ ‬وشهر‭ ‬العتق‭ ‬من‭ ‬النيران،‭ ‬وإننا‭ ‬اليوم‭ ‬نقف‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الجائحة‭ ‬للسنة‭ ‬الثانية‭ ‬على‭ ‬التوالي،‭ ‬ننتظر‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬الفرج‭ ‬بأن‭ ‬يرفع‭ ‬عنا‭ ‬هذا‭ ‬البلاء،‭ ‬وأن‭ ‬ترجع‭ ‬الحياة‭ ‬السراء،‭ ‬كما‭ ‬عهدناها‭ ‬في‭ ‬مملكتنا‭ ‬الغالية‭ ‬والرخاء‭.‬

ولكنني‭ ‬سأرجع‭ ‬قليلاً‭ ‬إلى‭ ‬الوراء،‭ ‬لأقدم‭ ‬من‭ ‬قلبي‭ ‬صادق‭ ‬الرثاء،‭ ‬لمن‭ ‬يتزامن‭ ‬ذكر‭ ‬اسمه‭ ‬وسيرة‭ ‬الأسخياء،‭ ‬الأمير‭ ‬الوالد‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬رمز‭ ‬الخير‭ ‬والعطاء،‭ ‬وصاحب‭ ‬اليد‭ ‬البيضاء،‭ ‬فدائمًا‭ ‬ما‭ ‬يحمل‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم‭ ‬ذكريات‭ ‬دفينة‭ ‬لمن‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬بصمة‭ ‬في‭ ‬فعل‭ ‬الخير،‭ ‬وإننا‭ ‬اليوم‭ ‬سنعيش‭ ‬أول‭ ‬رمضان‭ ‬دونه،‭ ‬ويا‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬أمر‭ ‬جلل،‭ ‬فلطالما‭ ‬كان‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬من‭ ‬السباقين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم‭ ‬لفعل‭ ‬الخيرات‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬الخيرات،‭ ‬ومن‭ ‬السباقين‭ ‬لتفقد‭ ‬أحوال‭ ‬المحتاجين‭ ‬والأسر‭ ‬المتعففة‭ ‬والفقراء،‭ ‬وكان‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬طوال‭ ‬السنوات‭ ‬حريصا‭ ‬على‭ ‬توزيع‭ ‬المنحة‭ ‬السنوية‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬مبكر‭ ‬قبيل‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬لأنها‭ ‬تفرح‭ ‬الفقراء‭ ‬وتقضي‭ ‬حواجئهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توزيع‭ ‬الأرز‭ ‬سنوياً،‭ ‬وتوزيع‭ ‬الزكاة‭ ‬لمستحقيها،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬توزيع‭ ‬كوبونات‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية،‭ ‬ولطالما‭ ‬رفعت‭ ‬أكفهم‭ ‬له‭ ‬بالدعاء،‭ ‬وإلى‭ ‬الآن‭ ‬ترفع‭ ‬له‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬فراقه،‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬عظيم‭ ‬الأثر‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬السعادة‭ ‬وتفريج‭ ‬هموم‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأسر‭.‬

ولعلهم‭ ‬اليوم‭ ‬يتساءلون‭ ‬أَبعدَ‭ ‬خليفة‭ ‬خليفة؟‭!‬

وإنني‭ ‬أجزم‭ ‬بذلك‭ ‬لهم،‭ ‬نعم‭ ‬بعد‭ ‬خليفة‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬خليفة؛‭ ‬فها‭ ‬هو‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬يأمر‭ ‬بإنشاء‭ ‬وقف‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬للأعمال‭ ‬الخيرية،‭ ‬هذا‭ ‬الوقف‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬وفاءً‭ ‬للأب‭ ‬الوالد،‭ ‬فهم‭ ‬من‭ ‬سيكملون‭ ‬مسيرة‭ ‬والدهم‭ ‬الذي‭ ‬غرس‭ ‬في‭ ‬دمائهم‭ ‬حب‭ ‬عمل‭ ‬الخير‭ ‬والعطاء،‭ ‬وهذه‭ ‬المسيرة‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬مستمرة‭ ‬مع‭ ‬أبنائه‭ ‬الذين‭ ‬عاشوا‭ ‬لأجل‭ ‬العمل‭ ‬الخيري‭ ‬وللعمل‭ ‬الخيري،‭ ‬فهم‭ ‬مفطورون‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الصغر،‭ ‬وإنني‭ ‬أجزم‭ ‬بأننا‭ ‬سنعيش‭ ‬في‭ ‬هناء،‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬قادتنا‭ ‬الزاهر‭.. ‬اللهم‭ ‬ارحم‭ ‬من‭ ‬رحل‭ ‬عنا‭ ‬وفجعنا‭ ‬رحيله‭ ‬سائلين‭ ‬المولى‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬أن‭ ‬يتغمد‭ ‬الراحل‭ ‬بواسع‭ ‬رحمته‭ ‬ورضوانه‭ ‬ويسكنه‭ ‬فسيح‭ ‬جناته‭ ‬ويجزيه‭ ‬خير‭ ‬الجزاء‭ ‬نظير‭ ‬ما‭ ‬قدمه‭ ‬لوطنه‭ ‬وشعبه‭.‬

 

حنان‭ ‬سيف