تاريخ الصحافة يثبت عدم موت وسيلة إعلام لصالح وسيلة جديدة
| محرر الشؤون المحلية
الاستقطاب المالي والأيدلوجي يصعب مهمة الصحافة في لعب دور حقيقي الجائحة قيدت الصحافيين وفرضت حائطًا للوصول لمصادر الخبر منتدى “البلاد” تجسيد رائع لما يوفره الإعلام المندمج من إمكانات
أجزمت المبعوث الخاص للديوان الملكي سميرة بن رجب أن “صورة الصحافة اليوم أصبحت أكثر اهتزازا وتراجعا؛ نتيجة التسرع في نشر المعلومات ومن مصادر مشبوهة، وعدم القيام بعملية التحقق اللازمة قبل وصول الخبر إلى الجمهور، ما يجعلها عرضة لمزيد من الانتقاد والتساؤل عن حقيقة دورها ضمن مفهوم المسؤولية الاجتماعية.
وأضافت في مداخلتها عبر منتدى صحيفة “البلاد”: “في ظل عدم وجود آليات صارمة وواضحة وتوازن بين التأكد من مصادر الخبر والابتعاد عن الاستقطاب المالي والإديولوجي باستخدام التكنولوجيا الحديثة في النشر متعدد الوسائط، فإن مهنة الصحافة سوف تبقى في خضم في هذه الحروب المعلوماتية الحلقة الأضعف، ولن تتمكن من لعب دورها الحقيقي للرأي العام والمجتمع”.
وأشارت إلى أن لجائحة كورونا تداعيات كثيرة على جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حتى السياسية في جميع بلدان العالم، وأدت خصوصا إلى تعميق هشاشة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي لا تتمتع بالبنية الإدارية والمالية القوية لمجابهة الأزمات الكبيرة طويلة المدى”.
وأضافت “يمكن القول إن الطرق التقليدية للعمل الصحافي خصوصا بشكله الميداني التي تعتمد على الاتصال المباشر مع مصادر الخبر ومعاينة الأحداث على عين الواقع قد تأثرت فعلا من الجائحة، إذ قيدت بشكل كبير تنقلات الصحافيين والإعلاميين، وفرضت الجدار للوصول إلى مصادر الخبر بشكل مباشر”.
تغيرت
وأكملت “ربما لا يعوض الاتصال المباشر لمصادر الخبر الأساليب الاتصالية هي الأخرى للحصول على الأخبار والمعلومات، لكن ما يلاحظ أكثر من عقدين من الزمن عن أساليب الاتصال الحصول على المعلومات والبيانات الصحافية قد تغيرت فعلا قبل الجائحة”.
وتابعت “أصبح الصحافيون والإعلاميون يمارسون معظم أعمالهم من مكاتبهم باستثناء بعض الأعمال التي يتطلب تصويرها خارجيا أو لها أهمية ميدانية، ويمكن القول إن أساليب العمل الصحافي وطرق جمع المعلومات الصحافية قد بدأت بالتغير منذ سنوات عديدة، ولم تكن الجائحة العنصر الإضافي في تقييد حركة الصحافيين والإعلاميين الذين أصبحوا مع الأسف يميلون أكثر إلى ممارسة المهنة انطلاقا من المكتب وليس العمل الميداني”.
وأكدت أن مسالة التمييز بين الصحافة التقليدية والصحافة الجديدة التي يقصد بها الصحافة الرقمية أمر يحتاج إلى النقاش، وأن جميع المؤسسات الصحافية طورت من أساليب عملها لتواكب استخدام التكنولوجيا في الحصول على المعلومات ونشرها، لكن الواقع تاريخ الصحافة، والإعلام عموما يثبت عدم موت وسيلة إعلام لصالح وسيلة جديدة.
تفاعل أفقي
وقالت “إن الصحافة التقليدية تطورت نحو نموذج اتصال جديد يتميز بتفاعل أفقي أكبر مع الجمهور، وانخفاض بالكلفة، ونشر متعدد في الوسائط، فالصحيفة اليوم تحولت للعمل ضمن الإعلام المندمج، بحيث تنشر أخبارا ومقالات، وتبث في نفس الوقت تقارير مصورة وتتفاعل مع جمهورها بشكل آلي”.
وأضافت رجب “يجسد هذا المنتدى تجسيدا رائعا لما يوفره الإعلام المندمج من الإمكانات، ولا أعتقد أن الجائحة كانت أو ستكون المسمار الأخير في نعش الصحافة التقليدية، بل على العكس وفرت فرصة لزيادة الوعي للقائمين على الصحافة ووسائل الإعلام لضرورة تبني النموذج الجديد للصحافة الذي أصبح لا رجعة فيه مع التطور الطبيعي للتكنولوجيا”.
وبينت “تمثل المصداقية والقيم الأخلاقية في مجال الإعلام والصحافة المتغير الأكبر في هذا المجال منذ نهاية الحرب الباردة، وتخص هذه المسائل جميع دول العالم، بما فيها المنطقة العربية التي تشهد عمليات واسعة نحو الديمقراطية، مع متغيرات وصناعات جديدة على مستوى التنافس لإرساء النظام الدولي الجديد”.
وأكملت “أصبحت المسؤولية الاجتماعية التي من المفترض أن يبنى عليها العمل الصحافي بشكل داخل المجتمع محل جدل؛ بسبب الزيادة في استقطاب الصحافيين وتغيير طرق وأساليب استمالتهم وتوجيههم حسب الظروف السياسية والدولية”.
ورأت أن الصحافي كان في السابق أكثر التزاما بمفهوم المسؤولية الاجتماعية للصحافة التي من شأنها مراقبة الشأن العام والدفاع عن المصالح الوطنية، وكانت تواجه الملتزمين منهم الكثير من الصعاب والقوانين السالبة للحريات.
الاستقطاب المالي
وأضافت “اللعبة الجديدة تغيرت وتحولت أساليب القمع إلى أساليب متنوعة، وأخطرها الاستقطاب المالي الذي تزايد مع نهاية الألفية الثانية، وطغت على الاستقطاب الإديولوجي التقليدي للعمل الصحافي، وأصبح من ذلك الوقت يمثل الخطر الأكبر عن المصداقية الصحافية، وتسبب في تراجع كبير للقيم الأخلاقية للصحافة والإعلام”.
وأوضحت أن “أزمة جائحة كورونا وما صاحبها من تغطيات صحافية محلية ودولية فإنها تدخل ضمن حرب المعلومات والتضليل الإعلامي، ويمكن القول إن الصحافة المحلية والدولية ساهمت في خلق فوضى عالمية بقصد أو من دون قصد بشأن الجائحة، حتى المؤسسات الدولية الرسمية المختصة في المجال الصحي العالمي لم تسلم من تضارب المعلومات والتضليل الإعلامي بين مؤيد لإجراءاتها ومنتقد لها”.