كانت تزور المرضى في المستشفيات بالمناسبات كالأعياد.. وتقدم الهدايا ثم تكتب مشاعرهم ومشاهداتها

الراحلة ريم الجودر.. فارقت الحياة وابتسامتها لم تفارقنا

| سعيد محمد

في‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬يناير‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬2017،‭ ‬طوت‭ ‬الراحلة‭ ‬ريم‭ ‬الجودر‭ ‬آخر‭ ‬صفحة‭ ‬من‭ ‬المعاناة‭ ‬مع‭ ‬المرض،‭ ‬وصعدت‭ ‬روحها‭ ‬إلى‭ ‬بارئها‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬العقد‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬العمر،‭ ‬وفي‭ ‬آخر‭ ‬فيديو‭ ‬لها‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬العلاج‭ ‬بسنغافورة،‭ ‬حيث‭ ‬فارقت‭ ‬الحياة‭ ‬هناك،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تعبها‭ ‬الشديد‭ ‬والمتابعة‭ ‬العلاجية‭ ‬الشاقة،‭ ‬لكنها‭ ‬كانت‭ ‬ترسل‭ ‬التحايا‭ ‬للأهل‭ ‬والأحبة‭ ‬بابتسامة‭.. ‬تتحدى‭ ‬فيها‭ ‬الألم‭ ‬وتخبئ‭ ‬نتائج‭ ‬التحاليل‭ ‬والعلاج‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تنبئ‭ ‬بالخير،‭ ‬لكنها‭ ‬واصلت‭ ‬ابتسامتها‭ ‬حتى‭ ‬آخر‭ ‬لحظة‭ ‬في‭ ‬حياتها‭.‬

 

مواساة‭ ‬الحجيري

كانت‭ ‬عباراتها‭ ‬تحمل‭ ‬التحية‭ ‬والسؤال‭ ‬عن‭ ‬أحبتها،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬تدعو‭ ‬لهم‭ ‬بالخير‭ ‬وتتمنى‭ ‬منهم‭ ‬أن‭ ‬يدعوا‭ ‬لها‭ ‬بالشفاء،‭ ‬ولكن،‭ ‬انقطعت‭ ‬رسائلها‭ ‬لاسيما‭ ‬المصورة‭ ‬منها‭ ‬ربما‭ ‬لأنها‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬لا‭ ‬تحب‭ ‬أن‭ ‬يراها‭ ‬أحبتها‭ ‬فيه‭ ‬ولا‭ ‬أن‭ ‬تحزنهم،‭ ‬ويتذكر‭ ‬الزميل‭ ‬المصور‭ ‬رسول‭ ‬الحجيري‭ ‬وهو‭ ‬مشرف‭ ‬التصوير‭ ‬بصحيفة‭ ‬“البلاد”‭ ‬علاقته‭ ‬بالراحلة‭ ‬وزوجها‭ ‬بدر،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬تواصل‭ ‬معها‭ ‬في‭ ‬مراحل‭ ‬علاجها‭ ‬يقوي‭ ‬من‭ ‬عزيمتها‭ ‬ويواسيها،‭ ‬وقد‭ ‬جمعتهما‭ ‬ذكريات‭ ‬العمل‭ ‬الصحافي‭ ‬طوال‭ ‬سنين‭.‬

 

سعة‭ ‬صدر

في‭ ‬العام‭ ‬1997،‭ ‬حين‭ ‬بدأت‭ ‬الراحلة‭ ‬العمل‭ ‬كصحافية‭ ‬متدربة،‭ ‬كانت‭ ‬تتمتع‭ ‬بسعة‭ ‬صدر‭ ‬وطول‭ ‬بال‭ ‬وقدرات‭ ‬ذاتية‭ ‬من‭ ‬الصبر‭ ‬والتحمل‭ ‬والعمل‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الظروف؛‭ ‬لكي‭ ‬تصقل‭ ‬تجربتها‭ ‬لحبها‭ ‬للكتابة‭ ‬وللصحافة،‭ ‬وللعلم،‭ ‬كانت‭ ‬تعشق‭ ‬كتابة‭ ‬الخواطر‭ ‬وتتميز‭ ‬بأسلوب‭ ‬جميل‭ ‬رشيق،‭ ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تواصل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬اللون‭ ‬من‭ ‬الكتابة،‭ ‬وكانت‭ ‬تقضي‭ ‬ساعات‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تنجز‭ ‬مهامها،‭ ‬فكانت‭ ‬حريصة‭ ‬جدًا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تتعلم‭ ‬من‭ ‬الزملاء‭ ‬والزميلات‭ ‬ممن‭ ‬هم‭ ‬أكثر‭ ‬منها‭ ‬خبرة،‭ ‬ولهذا،‭ ‬كانت‭ ‬تنتقل‭ ‬من‭ ‬محرر‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬لتعرض‭ ‬عليهم‭ ‬ما‭ ‬كتبته‭ ‬من‭ ‬تقارير‭ ‬وتأخذ‭ ‬رأيهم‭ ‬في‭ ‬الأخبار‭ ‬والتقارير‭ ‬والتحقيقات‭ ‬الصحافية،‭ ‬وتتلقى‭ ‬الملاحظات‭ ‬والإرشادات‭ ‬بصدر‭ ‬رحب‭ ‬ولا‭ ‬تتركها‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬التالي،‭ ‬وكانت‭ (‬شقيقتها‭ ‬شيماء‭) ‬بمثابة‭ ‬المساند‭ ‬والمشجع‭ ‬والداعم‭ ‬لها،‭ ‬وكانت‭ ‬شيماء‭ ‬تبقى‭ ‬لساعات‭ ‬ترافقها‭ ‬حتى‭ ‬تنهي‭ ‬عملها‭ ‬رغم‭ ‬ارتباطها‭ ‬بالدراسة‭ ‬الجامعية‭ ‬وقتذاك‭.‬

 

باقة‭ ‬فرح

امتازت‭ ‬أفكار‭ ‬الراحلة‭ ‬بالإنسانية‭ ‬والإيثار،‭ ‬وكانت‭ ‬تهتم‭ ‬برسم‭ ‬الفرح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عملها‭ ‬الصحافي،‭ ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬أفكارها‭ ‬زيارتها‭ ‬لمرضى‭ ‬في‭ ‬المستشفيات‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬كالأعياد،‭ ‬خصوصًا‭ ‬الأطفال،‭ ‬وتقديم‭ ‬الهدايا‭ ‬والزهور‭ ‬لهم،‭ ‬وكانت‭ ‬فكرة‭ ‬جميلة‭ ‬جدًا‭ ‬بحيث‭ ‬تقدم‭ ‬لهم‭ ‬الهدايا‭ ‬وتهنئهم‭ ‬بالعيد‭ ‬ثم‭ ‬تكتب‭ ‬ما‭ ‬شاهدته‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الزيارة‭ ‬وما‭ ‬قاله‭ ‬المرضى‭ ‬وتنقل‭ ‬مشاعرهم‭ ‬وتهانيهم،‭ ‬وكانت‭ ‬تتحدث‭ ‬بسعادة‭ ‬مع‭ ‬زملائها‭ ‬وزميلاتها‭ ‬عن‭ ‬كيف‭ ‬كان‭ ‬الأطفال‭ ‬والكبار‭ ‬يفرحون‭ ‬بالتهاني‭ ‬والهدايا‭ ‬ويعبرون‭ ‬عن‭ ‬تقديرهم‭ ‬وشكرهم‭ ‬لهذه‭ ‬المشاعر‭ ‬النبيلة‭.. ‬تلك‭ ‬المشاعر‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬السمة‭ ‬الأكبر‭ ‬حين‭ ‬يتذكرون‭ ‬زميلة‭ ‬اسمها‭ (‬ريم‭ ‬الجودر‭) ‬رحلت‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الدنيا‭.‬