جناحي لـ “البلاد”: فخ لكسب مشاعر الناس ونيل رضاهم

نواب وبلديون يلجأون للمتابعين الوهميين

| البلاد - ابراهيم النهام

علمتنا التجارب الانتخابية السابقة بأن كل شيء مباح (تقريباً) للوصول إلى المقعد البرلماني أو البلدي، وأن الكثيرين تغيروا كثيراً حين أعلنوا ترشحهم للانتخابات. فلا الشخصية هي ذاتها، ولا الأسلوب، ولا الوسيلة، فمن كان منقطعاً، بات الوصل والسؤال عن الناس ديدنه الأول، ومن كان كريم خلق، تحول لوحش كاسر، ينهش في لحم خصومه نهشاً، ومن كان بخيلاً، بات كريماً، يفتح يديه في العطية على الآخر، وكذلك تستمر الحكاية والرواية.

ولكن مهلاً، فموضوع تقريرنا اليوم مختلف قليلاً عن الأجواء الدرامية التقليدية هذه، والتي بات الكثير من الناخبين يعونها جيداً، ويفهمون طلاسمها، وتكتيكاتها، وأهدافها، ونواياها المخفية والمعلنة، فالواقع قد تغير كثيراً، والتخطيط، مع ظهور الـ “سوشيال ميديا” وتحولها لأداة فاعلة في تغيير وحرف مسار الرأي العام في الأزمات، و.. والانتخابات.

هذا التأثير الواضح للعلن، يمكن قراءته بسهولة في الدورتين الانتخابيتين الأخيرتين 2014 و 2018 حيث أصبحت منصات التواصل الاجتماعي هي الواجهة الأولى والأساسية للمرشحين وللفائزين ولمن أعادوا ترشيح أنفسهم مرة أخرى.

في “انستغرام” و”تويتر” و”سناب شات” وقنوات “اليوتيوب” ورويداً رويداً، بدأت الأعمال الإبداعية في صناعة الأفلام القصيرة أو الرسائل الموجهة للمجتمع تأخذ حيزاً لكل هؤلاء، ومنهم من تعاقد مع شركات الإنتاج والتلفزة وغيرها، ودفع المبالغ الطائلة، لهدف واحد، تغيير الصورة الذهنية عنه، خلق واحدة جديدة مكانها. وفي غمرة هذه الزوبعة المعقدة، والمتداخلة، والتي يكون بها الناخب هو الفريسة الأولى والأخيرة، وفي غمرة محاولات الاستمالة والجذب، وتوصيل رسالة الطمأنينة بأن لهذا المرشح قاعدة عريضة من المتابعين، والمهتمين، لجأ البعض منهم إلى ما يسموا بالمتابعين الوهميين، أو “الفيك أودينس”.

و “الفيك اودينس” هم ببساطة حسابات وهمية لا وجود لها على أرض الواقع كجمهور حقيقي، تنشئها شركات تجارية وربحية تختص ببيعها لأصحاب الحسابات في مختلف المنصات، لإضفاء نوع من الأهمية والشهرة الزائفة على صاحب الحساب.

وهذا الموضوع ليس بالجديد، فالعديد من الفنانين والرياضيين والمشاهير في العالم يأخذون هذا النهج منذ فترة طويلة، لتكسب الشهرة والربح والمال، ولكن ما يهمنا هو من يحيط منهم بنا في مجتمعنا نحن، وواقعنا نحن، وأهمية توعية الناس بخطورتهم.

ورصدت “البلاد” بعض الحسابات لعدد من الشخصيات التي سارت بهذا المسار، منها عضو بلدي في دائرة لا يتجاوز الناخبين بها أربعة الآلاف تقريباً، حيث تخطى متابعوه بعد أن كان بحدود ذات هذا الرقم، الى 5 أو 6 أضعاف في يوم واحد، فكيف لذلك أن يحدث؟

بالتوازي، فإن اتجاه بعض النواب إلى نقل تسويقهم السياسي والاجتماعي سواء مع الجهات الخدمية أو الحكومية أو مع برامجهم السياسية أو أسئلتهم ورغباتهم البرلمانية إلى ساحات “السوشيال ميديا” بشكل مبالغ به جداً، وكأنها باتت وظيفته الأولى، يقدم دلالات واضحة على إدراكهم التام لتأثير المنصات الإعلامية الحديثة على الناخبين، خصوصاً بفترة الجائحة، والناس جالسون في بيوتهم، لا شغل لديهم ألا تصفح التلفون.

كما يتجه بعض النواب أو البلديين إلى خلق حسابات شعبية تحمل اسم الدائرة ومطالبها، ومحاولة إبعاد الشكوك أن الحساب يرتبط به، لكنه يسوق له بالباطن، أمر مكشوف أيضاً ويعبر عن النوايا غير الصادقة في خدمة الناس. ختاماً، هل يجوز للنائب أو البلدي الاستعانة بـ”المتابعين الوهميين”؟ وهل التغريد بات وظيفتهم الأساسية في نقل المطالب الشعبية ونقد الجهات الحكومية او الوزراء؟ وما الفارق بينهم وبين الأناس العاديين بهذه الحالة؟

وقال الناشط في “السوشيال ميديا” محمد جناحي لـ “البلاد” بأن هنالك يأسًا من النواب والبلديين في كسب تأييد الشارع ورضا الناخبين، فلجأ إلى شراء المتابعين الوهميين لكي يضفي لنفسه أهمية غير موجودة.

وطالب جناحي الجمهور بأهمية الوعي لمثل هذا “الفخ” والذي يمثل نوع من الخديعة والضحك على الذقون لكسب مشاعر الناس ورضاهم، مبيناً بأن الفيصل بالأمر هو أداء النائب أو البلدي على الأرض، ومدى تواصلهم مع الناس وخدمتهم بشكل فعلي.