سمات الحكم البرتغالي في الخليج العربي وعُمان

كتاب يعالج حقبة تاريخية مهمة من تاريخ الخليج العربي للدكتور السلمان

| أسامة الماجد

صدر حديثا عن مركز الدراسات العمانية بجامعة السلطان قابوس كتابا جديدا للدكتور محمد حميد السلمان بعنوان "سمات الحكم البرتغالي في الخليج العربي وعمان 1521 – 1622". الكتاب يقع في 421 صفحة من الحجم الكبير هو أطروحة علمية عمل على إعدادها السلمان في نحو أربع سنوات بين بريطانيا والبرتغال ضمن مرحلة الدكتوراه بجامعة "هل" البريطانية، وقدمها للجامعة للحصول على درجة الدكتوراه في فلسفة التاريخ في العام 2004 وتم مناقشتها وإجازتها في العام 2005. هذا الكتاب القيم كما يصفه أحمد بن حمد الربعاني مدير مركز الدراسات العمانية بأنه يعالج حقبة تاريخية مهمة من تاريخ الخليج العربي تلقي ضوءا على سواحل عمان وموانئه خصوصا في الحقبة البرتغالية، إذ يعد هذا الكتاب ذا قيمة علمية مضافة لفترة تاريخية مثلت أحد أهم ملامح تاريخ منطقة الخليج العربي عموما، لاسيما سلطنة عمان؛ بسبب ما شهدته من أحداث سياسية واقتصادية واجتماعية وإنسانية كان لها صدى واسعا حتى تاريخنا المعاصر.

وقد مثلت تلك الحقبة أكبر تحد واجهته منطقة الخليج العربي عموما وسلطنة عمان خصوصا، إذ مثل البرتغاليون أول عدوان خارجي أوروبي من العصر الحديث يأتي ساعيا للهيمنة على المنطقة، وتحديدا الهيمنة الاقتصادية التي كانت الهدف الرئيس للبرتغاليين. ومما يميز هذا الكتاب، أنه خرج عن الطابع التقليدي للكتب التي تناولت تلك الحقبة من خلال استقائه المعلومات من المصادر البرتغالية، والتركية، والإنجليزية والفرنسية، والعربية مما ساعد على فهم وتفصيل الأحداث بشكل أكثر دقة وعمقا ومن زوايا مختلفة. فكما هو معروف إن محتوى المصادر التاريخية يتأثر بشكل كبير بالتوجهات السياسية للكتاب والدول التي تدعمهم أو يعملون فيها؛ لذلك حرص مؤلف هذا الكتاب على تقديم نبذة عن كل مصدره من حيث مؤلفه وموقفه الوظيفي ضمن النظام السياسي الذي ينتمي له. بل وأكثر من ذلك، قدم الكاتب تفاصيل معمقة عن بعض أولئك المؤلفين حتى يطلع الباحثون على طبيعة كل مؤلف لتلك المصادر ودوافع كتاباته، كما تناول الكتاب جوانب القصور في تلك المصادر للفت انتباه الباحثين والمهتمين بالشأن التاريخي إلى تلك الجوانب وما ينجم عنها من قراءة خاطئة للأحداث التاريخية في أحايين كثيرة.

وقد امتاز هذا الكتاب بأسلوبه الشائق في العرض المتسلسل للموضوعات والأحداث بشكل يجعل القارئ يشعر وكأنه يعيش قصة رحلة بدء الوجود البرتغالي في منطقة الخليج العربي وحتى طردهم منها نهائيا على يد العمانيين. فعلى غير عادة الكتب التاريخية، فقد بدأ المؤلف بالتعريف بالمصادر التي اعتمد عليها وتقديم نبذة كافية عن تلك المصادر مما يجعل القارئ يدرك حرص الكاتب على الدقة العلمية في مصادره وحرصه كذلك على عدم الارتكاز علی مصدر واحد، وهو الأرشيف البرتغالي، بل عمد إلى مصادر عدة بما يمكنه من قراءة الأحداث التاريخية بصورة متكاملة وشاملة؛ للتحقق من صحة تلك المصادر، وبالإضافة إلى الدقة العلمية في عرض الأحداث التاريخية ذات القيمة العلمية العالية وتحليلها، أضاف الكاتب بصمة أخرى تحسب له، وهي أنه أبرز جوانب مهمة من الصعوبات والعقبات التي تواجه الباحثين في دراسة مثل هذه الحقب التاريخية، لاسيما فيما يتصل بالحصول على الوثائق والمستندات باللغة البرتغالية من الأرشيف البرتغالي، أو بلغات المصادر الغربية الأخرى عموما. وكذلك أبرز الكاتب الآليات التي يمكن اتباعها للوصول إلى تلك المصادر، وهذا ما يساعد الباحثين على تجنب الكثير من تلك العقبات مستقبلا.

ينقسم الكتاب إلى خمسة فصول هي كالتالي: الفصل الأول: اكتشاف البرتغاليين الخليج وغزوهم له. الفصل الثاني: الشحن والتجارة في الخليج العربي إبان السيطرة البرتغالية. الفصل الثالث: السمات السياسية للحكم البرتغالي في الخليج العربي. الفصل الرابع: الصراع بين القوى البرتغالية والإسلامية في الخليج خلال القرن السادس عشر. الفصل الخامس: انهيار السيطرة البرتغالية في الخليج العربي. بالإضافة إلى قوائم الحكام والمسؤولين والوثائق المترجمة والخرائط والرسوم البيانية.