رئيس “الفضاء” بندوة “البلاد”: طلب من جامعة البحرين لقمر اصطناعي بحثي
| أدار الندوة: محمد الجيوسي | أعدها للنشر: علي الفردان وهبة محسن
القمر الجديد بأيدٍ بحرينية وعلى أرض البحرين 4 آلاف و400 شاب متقدم للمشاركة بفريق البحرين الفضائي “ضوء 1” يبدأ مرحلة التشغيل مارس المقبل جامعات بحرينية تبدي رغبتها ببناء أقمار اصطناعيةقال الرئيس التنفيذي للهيئة الوطنية لعلوم الفضاء محمد العسيري أن البحرين تعمل على مشروع قمر اصطناعي ثان لتلبية الاحتياجات الوطنية، وذلك بعد نجاح إطلاق قمرها القمر الاصطناعي الأول “ضوء 1” بالتعاون مع الإمارات. وأكد العسيري في ندوة “البلاد” عن علوم الفضاء أن القمر الاصطناعي الثاني سيتم إنشاؤه في البحرين بأيدٍ بحرينية، قائلاً “ترقبوا القمر الاصطناعي الثاني، حيث سيكون اسم القمر الاصطناعي الجديد مرتبط بنوع المهمة المنفذة، إذ سيرتبط باحتياجات وطنية”.
وأضاف العسيري “الهيئة درست احتياجات الجهات المختلفة للقمر الجديد، حيث قمنا بعمل أكثر من دراسة خلال الثلاث سنوات الماضية، وتم اللقاء بعدد من الجهات؛ لتحديد الاحتياجات الوطنية من قطاع الصناعة والزراعة والتجارة والثروة السمكية والحيوانية، وتم الالتقاء بالتخطيط العمراني”.
وأشار إلى أن القمر الاصطناعي الثاني سيلبي جزءاً من تلك الاحتياجات الواسعة، حيث يعتبر قطاع الفضاء جزءاً من البنية التحتية لتحقيق التنمية المستدامة، مشيرا إلى أن 40 % من أهداف التتمية المستدامة لا يمكن تحقيقها دون الاستعانة بالفضاء.
وتوقع أن يكون القمر الاصطناعي الثاني للبحرين جاهزاً في شهر يوليو 2023، على أن يتم إطلاقه في العام نفسه، حيث سيكون قمرا اصطناعيا “نانويا” بثلاث وحدات، ولكن بتقنيات وحمولات مختلفة عن القمر الأول.
وتحدث عن مشروعين كذلك لإطلاق أقمار اصطناعية، أحدهما بالتعاون مع مؤسسات التعليم العالي، حيث تم عقد ندوة للتعاون مع إحدى الجامعات.
وبين أن الهيئة استلمت طلبات من مؤسسات تعليمية؛ لبدء مشروعات في مجال الفضاء، من بينها جامعة البحرين لإقامة قمر اصطناعي بحثي.
وبين أن هناك حراكا محليا فيما يتعلق بالأقمار الاصطناعية وكسر لحاجز الخوف، مؤكداً أن التوسع في مجال الفضاء سيكون مدروسا وأن يكون هناك حسن استثمار مالي وبشري.
وأوضح أن الهيئة ستلعب بيت الخبرة، عبر الكفاءات الوطنية التي تم استثماراها، وممثل فيما يتعلق بالإطلاق والمتابعة وتذليل العقبات.
وتوقع الرئيس التنفيذي للهيئة الوطنية لعلوم الفضاء أن يبدأ تشغيل القمر الاصطناعي البحريني الإماراتي (ضوء 1) في مارس المقبل مع بدء بثه لأولى الإشارات والمعلومات، حيث بدأت البحرين استلام طلبات المراكز البحثية؛ للحصول على بيانات القمر الاصطناعي للاستفادة منها في الدراسات التي تخص أشعة “جاما”.
وأكد العسيري أن البحرين تلقت عروضاً لاستضافة محطات فضائية أرضية، إلى جانب توجه للتعاون مع مختلف الدول في قطاع الفضاء بما فيهم وكالة “ناسا”.
دخول الفضاء
وقال إن فكرة دخول مملكة البحرين عالم الفضاء بدأت من رؤية ثاقبة مستشرفة للمستقبل لجلالة الملك المفدى إيماناً منه بأهمية علوم الفضاء وسعياً إلى أن تواكب مملكة البحرين الدول المتقدمة في هذا المجال الحيوي. فقد تم إنشاء الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء بموجب مرسوم ملكي في العام 2014، استناداً إلى رؤية جلالة الملك الداعية إلى “تعزيز مكانة البحرين والوصول بها إلى مصاف الدول المتقدمة في مجال علوم الفضاء بما يحقق التنمية الشاملة والمستدامة”.
ودخلت مملكة البحرين هذا السباق الحضاري الأممي عند تأسيس الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء لتكون الجهة المعنية بمجال علوم الفضاء في البحرين.
وأوضح أنه من المعروف أن مملكة البحرين عضو فاعل في المجتمع الدولي في المجالات كافة، ومن الضروري أن تكون حاضرة كذلك في ميدان الفضاء. اليوم على المستوى الإقليمي والدولي الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء تعتبر عضواً فعالاً في المجتمع الدولي، فهي عضو في المجموعة العربية للتعاون الفضائي، وكذلك هي عضو في مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي “انوسا” ولجنة كوبس ولها دور بارز دوليا، ويتم استشارتها من قبل المعينين في اللجان والمنظمات الدولية والاقليمية، كما أن الهيئة أصبحت عضوا في أكبر منظمة دولية للفضاء والمعروفة بـ “IAF”.
وتابع “لا يخفى عليكم أن التوجه لدخول قطاع الفضاء يعتبر توجها عالميا، حيث بلغ حجم الاستثمار فيه نحو 447 مليار دولار في العام 2020 بحسب منظمة Space Foundation. كما ازدادت عضويات الدول في مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي من 24 عضوية في العام 1959 إلى 95 عضوية في 2021، مما يعكس أهمية قطاع الفضاء كأحد القطاعات الحيوية والرئيسة.
وبرهاناً على أهمية هذا القطاع، ازداد عدد الأقمار الاصطناعية في العقد الأخير بما يعادل 3 أضعاف لتصل إلى 3368 قمرا اصطناعيا نشط في 2021، مما يدل على أهمية استخدام الأقمار الاصطناعية في مختلف التطبيقات الفضائية والأرضية مثل الاستشعار عن بعد.
وبين أن علوم الفضاء تستخدم في المجالات كافة وتخدم اهداف التنمية المستدامة الـ 17 جميعاً. كما أن 40 % من هذه الأهداف تعتمد بشكل أساس على علوم الفضاء ولها تطبيقات عديدة. كما أن لها دورا كبيرا في خدمة البشرية سواء عبر شبكات الاتصالات التي ربطت البشر فيما بينهم عبر الأقمار الاصطناعية أو من خلال تطوير المعرفة العلمية بهذا المجال، إضافة إلى الأبحاث العلمية الجديدة وتطوير الاختراعات والابتكارات وتطوير الصناعات التي يتم توظفيها مباشرة في خدمة البشرية. فضلاً عن ذلك، فإن منتجات وخدمات البيانات التي تزودنا بصور الأقمار الاصطناعية باتت أدوات أساسية لتطبيقات تجارية متنوعة مثل الثروة الزراعية والثروة السمكية والتخطيط العمراني والاستكشاف الجيولوجي وإدارة المخاطر.
المكاسب المتحققة
وبخصوص المكاسب التي حصلت عليها البحرين إطلاق القمر الاصطناعي ضوء 1، قال “إبراز اسم البحرين على المستوى الدولي، وأنها دولة تسهم في الجهود الدولية بإيجابية من خلال توفير بيانات هذا القمر بشكل مفتوح لأغراض الأبحاث العلمية، ومنها حفظ صحة وسلامة أطقم الطيران والمحافظة على أمن الطيران، يترجم هذا الإنجاز عمق العلاقات الثنائية بين الإمارات والبحرين، ومستوى الشراكة الإستراتيجية بين البلدين الشقيقين في المجالات كافة ومن ضمنها قطاع الفضاء، تعزيز التعاون الدولي في قطاع الفضاء وتمهيد الطريق لبناء قطاع فضائي مستدام في مملكة البحرين، ويمكن أن تستخدم بيانات القمر الاصطناعي لرسم خرائط توضح المناطق التي تنتشر فيها أشعة “جاما” وتحدد شدتها. إضافةً إلى دراسة تأثير انبعاثات أشعة جاما الأرضية ذات الطاقة العالية على كل من الغلاف الجوي وحركة الطيران وصحة الإنسان خصوصا طاقم الطيران، فهم أفضل لعلم الصواعق وتحديد أنواع وتأثيرات العواصف الرعدية، توفير معلومات وبيانات مهمة ومفيدة لكبريات الشركات العاملة بقطاع الطيران والتأمين في العالم”.
كفاءات بحرينية
وشرح العسيري أنه تم بدء التأهيل باختيار نخبة من الكفاءات البحرينية الشابة المتخصصة في مختلف التخصصات الهندسية لتشكل فريق البحرين للفضاء بعد عدد من المقابلات والاختبارات العلمية، وينقسم الفريق إلى قسمين، الفريق المعني بتصميم وبناء وتشغيل الأقمار الاصطناعية والفريق الآخر معني بتحليل الصور والبيانات الفضائية.
وفي منتصف 2018 أطلقت الهيئة حملة لاستقطاب الشباب في فريق البحرين للفضاء، حيث لاقت الدعوة صدى واسعاً في البحرين، وأبدى أكثر من 4 آلاف و400 متقدم.
وبعد استقبال طلبات الانضمام لبرنامج الفضاء، أشار العسيري إلى أن الخطوة التالية هي أن يكون هناك فرز عادل وشفاف مع الكم الهائل من طلبات البحرينيين للانضمام للبرنامج، وهو ما خلق تحدي للهيئة.
كما تم تأهيل وتدريب الكوادر والكفاءات البحرينية في مجموعات وعلى مراحل مختلفة بالتعاون مع مؤسسات تعليم عالي مرموقة عالمياً لاستكمال الدراسات العليا في هندسة ونظم الفضاء والعمل في مختبرات عملية متخصصة إلى جانب الدورات التدريبية في مجال تحليل الصور والبيانات والفضائية.
وتم ابتعاث أعضاء فريق البحرين للفضاء المتخصص في تصميم وبناء وتشغيل الأقمار الاصطناعية إلى جامعة خليفة بدولة الإمارات العربية المتحدة والجزء الآخر إلى جامعة سري بالمملكة المتحدة لدراسة الماجستير في هندسة ونظم الفضاء كما تم ابتعاث عدد من الفريق المعني بتحليل الصور والبيانات الفضائية إلى جامعة في هولندا.
أما فيما يختص بتدريب فريق البحرين للفضاء، فقد تم تدريب الفريق بالتعاون مع عدد من المختبرات والمراكز البحثية للتدريب العملي على تصميم وبناء وتركيب واختبار وتشغيل الأقمار الاصطناعية، إضافة إلى استخدام البرامج والتكنولوجيات لتحليل الصور والبيانات الفضائية ومنها مختبرات الياه سات في الإمارات ومختبرات “ISRO” في الهند وجامعة سانت بطرسبرغ في روسيا”.
آخر المستجدات
وشرح العسيري أن عملية إطلاق القمر الاصطناعي ضوء 1 تأتي على مرحلتين، قائلاً “شهدنا المرحلة الأولى للإطلاق، وهي إطلاق القمر الاصطناعي ضوء 1 من الولايات المتحدة على متن الصاروخ “فالكون 9” التابع لشركة SpaceX إلى محطة الفضاء الدولية، وتم التحام الكبسولة التي تحمل القمر الصناعي ضوء 1 مع محطة الفضاء الدولية بعد مرور نحو 23 ساعة ونص من إطلاق الصاروخ.
المرحلة الثانية تُعنى بإطلاق القمر الاصطناعي من محطة الفضاء الدولية إلى المدار المخصص له في الفضاء ومن المتوقع أن تكون عملية الإطلاق في الربع الأول من العام 2022. القمر الصناعي حالياً يتواجد في القسم الياباني من محطة الفضاء الدولية في حاوية مغلقة تحميه من أية عوامل خارجية، وسيتم استخدام هذه الحاوية في عملية إطلاقه إلى مداره.
وسيتم تشغيل القمر الاصطناعي بعد المرحلة الثانية من الإطلاق، حيث من المتوقع استقبال أول إشارة للقمر الاصطناعي بعد إطلاقه إلى مداره بعدد من الساعات، وهذه الإشارة ستوفر معلومات مهمة وحرجة حول حالة القمر الصناعي وصحته. ومن ثم سيقوم فريق البحرين للفضاء مع أشقائه الفريق الإماراتي بعملية التشغيل الأولي للقمر الاصطناعي؛ للتأكد من أن جميع أنظمة القمر الاصطناعي تعمل بشكل جيد وأن الاتصال مع القمر الاصطناعي عبر المحطات الأرضية سلس وقوي وهذه المرحلة قد تستغرق نحو 30 يوماً.
بعد مرحلة التشغيل الأولي ستكون مرحلة التشغيل الاعتيادي للقمر الصناعي وذلك للحصول على البيانات الفضائية الخاصة بأشعة جاما الأرضة الناتجة من العواصف الرعدية والسحب الركامية. ومن المتوقع أن يكون حجم البيانات القادمة من القمر الاصطناعي 50 ميغابايت في اليوم”.
وأشار إلى أنه فور استلام الإشارات سيتم إرسالها إلى مراكز الأبحاث، حيث تم استلام طلبات من مراكز الأبحاث وستتوفر البيانات لجميع الباحثين.