لا يقل أهمية عن المفهوم الحركي والدرامي للمخرج والسينوغرافيا

"كتيب المسرحية" قطعة فنية متكاملة لا يمكن فصمها عن مادة المسرحية

| أسامة الماجد

لا يمكننا أن نتعرض لمعنى أية مسرحية من المسرحيات دون أن نحاول إدراك الأثر الكلي لصورة الكتيب أو كما نسميه "البوستر". فصورة الكتيب قد تعطي المتفرج الانطباعات الأولية عن المعنى الكلي للمسرحية قبل العرض، ولهذا كنت أحرص دائما قبل دخولي أي مسرحية في البحرين وخارجها أن أحمل الكتيب لأكتشف تلخيصا لموضوع أجزائها، لأن المسرح بطبيعته المكان الذي تقيم عليه أحداث تنبع عناصرها في حاضر الإنسان برؤية خاصة ومقدرة ابتكارية معينة، ولذلك جمع الفنون عموما على خشبته، أي أنه جمع هذه الرؤى العديدة لوحدة مصدرها. ومصمم الكتيب من المؤكد أنه جلس طويلا مع المخرج الذي هو مفتاح الرؤيا الفنية لتفسير النص المسرحي، وصورة الكتيب بالنسبة للمسرحية عنصر جوهري لا يقل أهمية عن المفهوم الحركي والدرامي للمخرج، وتصميم الديكور والسينوغرافيا وغيرها من عناصر الإخراج. وكل مصمم يحاول بكل طاقته أن تكون الشحنة الفنية لصورة الكتيب من نفس نوع ومستوى الشحنة الدرامية للنص المكتوب، الذي يطلب من الممثل أو الممثلين تجسيده.

ومثلما يستوحي المؤلف الموسيقي عناصر الإيقاع الذي يستخدمه في موسيقاه المسموعة، كذلك مصمم الكتيب أو من يرسم "بوستر" المسرحية يحدث تزاوجا فنيا من رسمته وبين العمل الدرامي. وعلى مدى سنوات طويلة، هيأت المسارح الأهلية "أوال، الصواري، جلجامش، الريف، البيادر، الجزيرة" الفرصة للكثير من الفنانين والمبدعين في رسم وتصميم الكتيبات، وكل مدرسة عبرت عن نفسها بطريقة أو بأخرى، وعلى رأس الفنانين المخرج والفنان القدير عبدالله يوسف، الذي استطاع أن يقدم للمسرح البحريني أعمالا تنبع من حياة الإنسان المعاصر وتمثل التطور الفكري للكون بأسره، فالفنان من صدق هضمه لعناصر خلقه وابتكاراته وشدة ارتباطه بإنسانيته تجعله ينتج أعمالا متصلة بفلسفة اليوم وبأمل الغد معتمدا على الحياة بطبيعتها ناهلا منها خلاصة فنه، وهناك أيضا الفنان خالد الرويعي الذي أنتج أعمالا تعد خير نماذج لقوانين وقواعد وفكر المدرسة التجريبية.

الرويعي فنان يملك ناصية الحرفية ويعمق أصول الصياغة الفنية. ولا ننسى الفنان صاحب الطاقة الخارقة موسى حسن، الذي يتكلم بلغة فنية غنية بالصور التي تعبر عن روح الإبداع الحقيقي ويغمرنا بلمساته المتوهجة، والفنان عبدالعزيز عبد الحميد الذي أعطى شكلا وحقيقة جديدة لعالم الرؤى، وعالمه السحري سيظل محلقا في عالم من القيم، وهناك أسماء مبدعة أخرى مثل الفنان محسن الحايكي، ومحمد صفر، وحسين ميرزا، ويحي العمادي، وحسين عبدعلي، وغيرهم لا يتسع المجال للإسهاب بالرؤى المختلفة والأذواق الرفيعة والأنماط. المسرحية إذا أحسن تقديمها على خشبة المسرح فإن أسلوب إخراجها وتمثيلها يصبح جزءا لا يتجزأ من العرض المسرحي، حتى انه يصبح من المستحيل فصل أسلوب الإخراج عن نص المسرحية نفسها، وأنا أزيد على هذا وأقول إن "كتيب" المسرحية بمثابة قطعة فنية متكاملة لا يمكن فصمها عن مادة المسرحية.