إيطاليا تحتفي بـ "المعجم التاريخي للغة العربية"

حمل الشيخ فاهم القاسمي، رئيس دائرة العلاقات الحكومية في الشارقة، رسالة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، إلى المجتمع والمؤسسات الثقافية والمعرفية الأوروبية، حيث ألقى الخطاب الافتتاحي، نيابةً عن سموه، لفعاليات "المهرجان الدولي للغة والثقافة العربية"، الذي تنظمه في دورته الخامسة "جامعة القلب المقدس الكاثوليكية" في مدينة ميلان الإيطالية، وترعاه هيئة الشارقة للكتاب، ويحتفي هذا العام بـ "المعجم التاريخي للغة العربية"، الذي يتم إنجازه ويرى النور بإشراف ودعم صاحب السمو حاكم الشارقة.

وجاء الحفل بحضور سعادة أحمد بن ركاض العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب، والدكتور امحمد صافي المستغانمي، أمين عام مجمع اللغة العربية بالشارقة، وناصر أحمد الخاجة، رئيس قسم الشؤون الإعلامية والدبلوماسية العامة في سفارة الدولة لدى الجمهورية الإيطالية، وأمنتوري فانفاني، رئيس "جامعة القلب المقدس الكاثوليكية"، وجوفاني جوبر، عميد كلية الآداب واللغات الأجنبية في الجامعة، والدكتور وائل فاروق، أستاذ اللغة والأدب العربي والدراسات الإسلامية في الجامعة.

وحضر الحفل أيضاً الدكتور عبدالفتاح الحجمري، مدير مكتب التنسيق والتعريب في الرباط بالمغرب، والدكتور مأمون وجيه، المدير العلمي للمعجم التاريخي للغة العربية، والدكتور بكري محمد الحاج، رئيس مجمع اللغة العربية في الخرطوم بالسودان، والدكتور الخليل النحوي، مدير مركز اللسان العربي في نواكشوط بموريتانيا، وعدد من الشخصيات الدبلوماسية، وكبار ممثلي المؤسسات الثقافية في أوروبا والعالم.

وقال الشيخ فاهم القاسمي خلال كلمته: "نؤكد للعالم أن الاعتزاز باللغة والهوية الوطنية والحضارية، ليس فعل انعزال، بل فعل تواصل مع الآخرين على قاعدة الاحترام والتفهم والتفاهم والمساواة".

وأضاف الشيخ فاهم القاسمي: "إن احترام الهويّة الخاصة وفهم أهميتها لبناء المستقبل، يعني حكماً احترام هويات الآخرين،واللغة كما يتفق الجميع هي مكون رئيسي في الهوية لأنها تساهم في صناعتها بتفاعلاتها مع كل ما تتناوله وبكل ما تعبر عنه، إن اللغة صانعة وجدان وحاملة ثقافة وناقلة رسالة".

وتوقف الشيخ فاهم القاسمي عند جهود صاحب السمو حاكم الشارقة، في النهوض بواقع اللغة العربية، بقوله: "جسد صاحب السمو حاكم الشارقة أهمية اللغة العربية من خلال مشروع (المعجم التاريخي للغة العربية) والذي صدر عنه 17 جزءاً حتى الآن، وهو المشروع الأضخم من نوعه في تاريخ اللغة العربية، حيث يؤرخ للمرة الأولى لمفردات اللغة العربية وتحولاتها عبر 17 قرناً".

وتابع: "إن منجز المعجم ليس عربياً فقط، بل هو ملك للإنسانية جمعاء، إنه يوثق لتاريخ لغة كانت على تواصل وتماس مباشر مع كافة لغات الأرض، تأثرت وأثرت بها، وتركت أثاراً متبادلة في الفنون والآداب وحتى في اللغات واللهجات المنطوقة، ولعل خير دليل، هو ما نحتفظ به حتى الآن من كلمات إيطالية نتداولها في أحاديثنا اليومية".

بدوره، قال سعادة أحمد بن ركاض العامري، خلال كلمته في حفل الافتتاح: "نحن فخورون برعايتنا للمرة الثانية المهرجان الدولي للغة والثقافة العربية، الذي يعد أكبر مهرجان للاحتفاء باللغة والثقافة العربية في القارة الأوروبية، فنحن في الشارقة نعمل ونمضي برؤية حكيمة وضعها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، رؤية تدرك قوة اللغة في تغيير واقع ومستقبل الأمم، وتدعو لتواصل بناء ومثمر، قائم على التكافؤ والوعي بقيمة الذات، وأثر احترام التنوّع، وأهمية الحفاظ على المشترك بين الثقافات والبلدان لمستقبل الإنسانيّة جمعاء".

وأضاف: "إن الأمم تكشف جمالها وعمقها لمن يعرف لغتها، لأن اللغة ليست رموزاً وإشارات للتواصل والحوار، وإنما هي آلية تفكير وأسلوب عيش ومنهج حياة، لهذا نحن سعداء أن نفتح نافذة واسعة أمام الثقافة الأوروبيّة من قلب مدينة ميلان الإيطاليّة للإطلالة على جوهر الثقافة العربية وعمق أصالتها، ونحن في الشارقة فخورون أن نكون سفراء اللغة والثقافة العربية إلى العالم".

وتابع العامري: "إن اللغة العربية لم تكن يوماً لغةً معزولةً أو قاصرةً، وإنما ظلت طوال تاريخها لغة مساهمة في تاريخ الحضارة الإنسانيّة، لغة قدمّت للعالم خلاصات المعرفة والوعي، وبرزت بها أسس العلوم، والفيزياء، والفلك، والملاحة، والرياضيات، وحتى الموسيقى، وكانت البوابة التي دخل منها العالم إلى عصر الحضارة المعاصرة، والمسار الذي سلكته العقول لتحقيق واحدة من أبرز النهضات على مر العصور".

من جانبه، قال أمنتوري فانفاني، رئيس جامعة القلب المقدسالكاثوليكية: "نتوجه بالشكر لإمارة الشارقة على جهودهاالمتواصلة في دعم حوار الثقافات، كما نشكر هيئة الشارقةللكتاب على دعمها المتواصل لرؤية المهرجان ورسالته، وسعداء أنتكون دورة العام الجاري من المهرجان مخصصةً للاحتفاء بالمعجم التاريخي للغة العربية، الذي عملت عليه إمارة الشارقةبدعم وإشراف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمدالقاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، والذي يمثلاليوم منجزاً كبيراً ليس للعرب وحسب، وإنما للعالم أجمع، لمايقدمه من فتوحات جديدة في التأريخ لواحدة من أقدم وأثرىاللغات في العالم".

وأضاف: "نتطلع من خلال دورة هذا العام من المهرجان إلىاستعراض أثر وقوة المعجم التاريخي للغة العربية في تعزيزالقيم المشتركة بين الثقافة العربية ونظيرتها الأوروبية، ودعم ركائزالتواصل الحضاري، فنحن نرى الشارقة وما تقوده من جهود بوابةً لتعميق العلاقات ليس مع الثقافة الإماراتية وحسب، وإنمامع الثقافة العربية بصورة عامة".

بدوره، قال جوفاني جوبر، عميد كلية الآداب واللغات الأجنبية في جامعة القلب المقدس الكاثوليكية: "تمثل اللغة العربية بالنسبة لنانحن مجتمع الأكاديميين واحدةً من اللغات بالغة الأهمية، ونتطلع بصورة متواصلة لزيادة معرفتنا بها، لهذا يعد المهرجان الدوليللغة والثقافة العربية واحداً من الفعاليات والأحداث التي ننتظرهاونتطلع لجديدها في كل عام، وذلك لإيماننا بأن اللغات جميعها متصلة بصورة أو بأخرى، وهنالك علاقات قائمة فيما بينهما، بعضها ظاهر وبعضها لم يكتشف بعد".

وأضاف: "عند الحديث عن اللغة العربية فإننا نتحدث عن لغةكان لها تأثير كبير ومباشر في مسيرة الحضارة الإنسانية،وحجم المنجز الذي قدمته للعالم كبير ومهم ولا يمكن الاستغناءعنه، ونحن كإيطاليين نشعر بالانتماء للحضارة العربية ونفخر بمايربطنا معها من تواصل وما يجمعنا بها من علاقات".

بدوره أعرب الدكتور وائل فاروق، أستاذ اللغة والأدب العربي والدراسات الإسلامية في الجامعة، عن فخره بالانتماء والعملفي الجامعة الكاثوليكية، وأكد أنه لا يوجد جامعة خارج العالمالعربي تعطي أهمية ومساحة كبيرة من مواردها ووقتها وجهد كوادرها، مثلما تفعل الجامعة الكاثوليكية.

وشهد حفل افتتاح المهرجان عرض فيلم تسجيلي حول رحلة إنجاز المجلدات الأولى من المعجم التاريخي للغة العربية، واختتم بحفل موسيقي قدمه عدد من طلاب اللغة العربية في جامعة القلب المقدس الكاثوليكية، بقيادة الموسيقار هاني جرجي.

ويشهد المهرجان تنظيم عدد من العروض والأنشطة الثقافية بالإضافة إلى معرض مخصص للكتاب العربي، تستعرض خلاله "هيئة الشارقة للكتاب" بجناح خاص، مجموعة مختارة من مؤلفات الكتاب والأدباء الإماراتيين والعرب.

وانطلقت فعاليات المهرجان في السابع عشر من هذا الشهر في مدينة ميلانو الإيطالية، ويشارك في تنظيمه معهد بحوث اللغة العربية (CARA)، ومركز خدمات اللغة بالجامعة (SeLdA)، التابعان للجامعة الكاثوليكية بميلانو، وهيئة الشارقة للكتاب، ويشهد تنظيم عدة جلسات حول "المعجم التاريخي للغة العربية".