19 قمرًا صناعيًّا تُزوِّد البحرين بصور وبيانات عالية الدقة

مهندسة الفضاء عائشة الحرم: الانتهاء من صياغة مسودة قانون الفضاء

| البلاد - سيدعلي المحافظة

- الهيئة نفذت أكثر من 30 دراسة خلال عامين

- اختيار كوادر الهيئة تم وفق معايير دقيقة

- حصر الموضوعات المتصلة بعلوم الفضاء وتضمينها بالمناهج التعليمية

- قطاع الفضاء جديد في المملكة والهيئة قابلت الانتقادات السلبية بصدر رحب

- إنجاز ونشر 3 مجلات متخصصة في علوم الفضاء للأطفال والناشئة

يحتفل العالم في 12 أبريل من كل عام باليوم الدولي للرحلة البشرية للفضاء، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2011، ليكون بمثابة احتفال سنوي ببداية عصر الفضاء للبشرية، حيث شهد 12 من أبريل العام 1961 أول رحلة بشرية للفضاء، عندما انطلق السوفياتي يوري غاغارين إلى الفضاء الخارجي، ليفتح السبيل أمام استكشاف الفضاء لما فيه نفع الإنسانية.

وتحل الذكرى هذا العام في وقت أطلقت فيه مملكة البحرين قمرها الصناعي المشترك مع دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة (ضوء1)، ويجري فيه العمل على تصميم وبناء أول قمر صناعي بحريني ينفذ بأيدي كفاءات بحرينية بشكل كامل.

قالت مهندسة الفضاء بالهيئة الوطنية لعلوم الفضاء عائشة الحرم إن الهيئة أتمت صياغة مسودة قانون الفضاء بالتعاون مع الجهات المختصة، وهو الآن ضمن الإجراءات النهائية اللازمة لاستكمال إجراءات إصداره وفقا للدستور.  وأشارت في حديثها لـ”البلاد” بمناسبة اليوم الدولي لأول رحلة بشرية للفضاء المصادف 12 أبريل من كل عام، إلى أن الهيئة توفر صورا وبيانات عالية الدقة من 19 قمرا صناعيا مختلفا يمر في فضاء مملكة البحرين بالتعاون مع دول شقيقة وجهات عالمية متخصصة.  ولفتت إلى أن الجائحة كانت لها انعكاساتها على عمل الهيئة من حيث صعوبة الوصول إلى المختبرات، وكان هناك تأخير في وصول بعض الشحنات لمكونات القمر الصناعي، كما أن هناك بعض الاختبارات الخاصة بالقمر الصناعي والتي تتطلب أن تتم في دول خارجية والالتزام بجدول زمني محدد وصارم معتمد من قبل جهة الإطلاق، ناهيك عن تقليص الميزانيات التي طالت غالبية الدول.  وفي ما يلي نص الحوار:

ما هي أبرز المنجزات المتحققة للهيئة الوطنية لعلوم الفضاء منذ تأسيسها؟ حيث إن الاستثمار في العنصر البشري يعتبر الانطلاقة الأولى لكبريات المشاريع والقطاعات، فقد بدأت الهيئة أولى خطواتها نحو تحقيق الطموحات وفقا لمرسوم إنشائها، وتحقيقا لرؤية عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، في النهوض بعلوم الفضاء في مملكة البحرين، قامت الهيئة بتكوين فريق البحرين للفضاء في نهاية عام 2018.

ويضم فريق البحرين للفضاء نخبة من الشباب البحريني الطموح، الذي يشكل النواة الأساسية لعلوم الفضاء في البحرين بكل إصرار وعزيمة، من أجل وضع مملكة البحرين في مصاف الدول المتقدمة في مجال علوم الفضاء.

وقد تم اختيار هذه الكوادر وفق معايير دقيقة، وبعد اجتياز العديد من المقابلات والاختبارات التقنية واختبارات المهارات، كما تم تأهيل وتدريب هذه الكوادر عبر حصولهم على درجة الماجستير في هندسة الفضاء وتقنياته من جامعات ذات تصنيفات عالية عالميا، وتم تدريبهم بالتعاون مع مختبرات عالمية مرموقة.

وقد حصد أعضاء الفريق المراكز الأولى على دفعاتهم أثناء دراستهم، وحصلوا على المراكز الأولى في عدد من الدورات الاحترافية التدريبية والمسابقات الدولية المتخصصة.

لقد كان هذا نجاحا باهرا للهيئة من حيث حسن الاختيار لهذه الكفاءات، وحسن الاستثمار فيها من ناحيتي التعليم والتدريب.

وبشأن الجانب التقني، فقد نجحت الهيئة في إطلاق أول قمر صناعي بحريني إمارتي مشترك (ضوء1) بسواعد كفاءات بحرينية شابة، والاستمرار في بناء هذه القدرات الوطنية من الخلال التعاون للتدريب في مختبرات فضاء ذات سمعة عالمية، بالإضافة إلى الدورات التدريبية والعمل على مشاريع مشتركة في تصميم وبناء وتشغيل الأقمار الصناعية وحمولات الأقمار الصناعية.

كما نجحت الهيئة في تأسيس مختبر تحليل البيانات والصور الفضائية، والذي يعتبر النواة الأساسية لمركز متخصص في تحليل البيانات والصور الفضائية، حيث ينفذ المختبر العديد من الدراسات والمشاريع لخدمة وتلبية الاحتياجات الوطنية بما يعادل أكثر من 30 دراسة مختلفة في أقل من سنتين، خدمت عدة مجالات تلبية لمتطلبات جهات متعددة.

وتوفر الهيئة صورا وبيانات عالية الدقة من 19 قمرا صناعيا مختلفا يمر في فضاء مملكة البحرين، بالتعاون مع دول شقيقة وجهات عالمية متخصصة.

ومن منطلق حرص الهيئة على تكريس كل الجهود الممكنة لتكون رائدة في مجال البحث العلمي والابتكار في مجال علوم الفضاء، فهي تعمل على توسيع نطاق التعاون الدولي والاستفادة من الشراكات في نشر الأبحاث العلمية المتخصصة.

وفي هذا الصدد نشر مهندسو وتقنيو الهيئة أكثر من 20 بحثاً علمياً منذ عام 2020 وجار العمل على أكثر من 16 بحثاً علمياً في العام الجاري في مجالات أكاديمية عالمية، ومؤتمرات عالمية متخصصة في مجالات علوم الفضاء وتقنياته بالإضافة إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

وعن جانب نشر الوعي فقد نفذت الهيئة العديد من المبادرات والبرامج والورش التوعوية حول علوم الفضاء وتقنياته، وتم نشر أكثر من 200 مقال في الصحف المحلية والعالمية عن إنجازات الهيئة في العام 2021 بالإضافة إلى أكثر من 50 ورشة عمل توعوية حول علوم الفضاء لمختلف الفئات والمراحل التعليمية.

كما تم تنفيذ عدد من الفعاليات؛ مثل أسبوع الفضاء بالتعاون مع وكالة “ناسا” وفعاليات “Space Talk”، بالإضافة إلى إنجاز ونشر 3 مجلات متخصصة في علوم الفضاء للأطفال والناشئة.

وتحرص الهيئة على مشاركة مختلف القطاعات والجهات في العديد من المبادرات التي تحقق أهدافها الاستراتيجية، ولعل من أحدثها مبادرة “تجربة في الفضاء”، من خلال تقديم ورشة تعريفية بالمبادرة وكيفية المشاركة فيها بالتعاون مع شركات متخصصة في هذا المجال، وبحضور ومشاركة فائزين سابقين في مثل هذه المبادرات.

وتحرص الهيئة على تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مجال الفضاء لاستكمال تأسيس قطاع وطني مستدام بالتعاون مع كل من تمكين وغرفة تجارة وصناعة البحرين والمعنيين بدعم ريادة الأعمال والمبادرات الشبابية.

ودشنت الهيئة موقعها الإلكتروني الرسمي في عام 2019 والذي تم تصميمه وفق المواصفات العالمية، حيث يتضمن التعريف بالهيئة وأهدافها وإنجازاتها، ويتضمن الجانب التثقيفي والتوعوي الخاص بفئة الشباب والناشئة، والذي يحتوي على عدد من المواد التعليمية حتى يتسنى لزوار الموقع الاستفادة من هذه المواد بشكل مجاني.

وعن الجانب القانوني فقد أتمت الهيئة صياغة مسودة قانون الفضاء بالتعاون مع الجهات المختصة، وهو الآن ضمن الإجراءات النهائية اللازمة لاستكمال إجراءات إصداره وفقاً للدستور.

ماهي نسبة المواطنين من مجموع القوى العاملة في الهيئة الوطنية؟ تفتخر الهيئة بأن جميع موظفيها هم من الكفاءات البحرينية، حيث تبلغ نسبة البحرنة في الهيئة 100 %، كما أن جميع منتسبي الفريق التقني من مهندسين وتقنيين هم نخبة وطنية من فئة الشباب.

وكيف لا نفخر بهذا الإنجاز، والشباب البحريني معروف بعشقه للتميز وإبداعه وشغفه نحو تحقيق الإنجازات والنجاحات من أجل رفعة مملكة البحرين ووضعها في مصاف الدول المتقدمة، فنحن كشباب بحريني نؤمن أن التحديات ما هي إلا فرص أخرى للنجاح، حيث إنها تزيدنا إصراراً وتقوي عزيمتنا نحو تحقيق المزيد من التميز والنجاح، فنحن لا مستحيل لدنيا والتاريخ يثبت ذلك.

وما يزيدنا فخرا أن إيمان قيادة مملكة البحرين بقدرة الشباب وكفاءتهم على تحقيق طموحها، والنهوض بمملكة البحرين في مجالات علوم المستقبل وعلوم الفضاء، والاستغلال الأمثل لهذه العلوم من أجل تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة لمملكة البحرين.

لقد حملنا على عاتقنا كأبناء وبنات مملكة البحرين هذه المسؤولية لتحقيق هذا الطموح، متخطين كل الصعاب حتى سجلنا اسم مملكة البحرين في الفضاء بإطلاق أول قمر صناعي بحريني إماراتي مشترك (ضوء1) بأيد بحرينية شابة، لنؤكد أننا قادرون على إحداث الفرق وتحقيق الإنجاز مهما اشتدت الصعاب.

ما هي أبرز التحديات والمعوقات التي تواجه الهيئة في تحقيق أهدافها المستقبلية؟

للحديث حول التحديات والمعوقات، فنحن شعب نقتدي بمقولة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة “حب التحدي وعشق الإنجاز”، وإننا في الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء نؤمن بأنه لا توجد صعوبات، ونسعى دائما إلى تحويل هذه التحديات إلى فرص نجاح.

ولعل من أبرز التحديات التي تواجهها الهيئة هي أن القطاع يعتبر جديدا في مملكة البحرين، وهناك بعض من فئات المجتمع التي توجه التعليقات السلبية ولم تتقبل فكرة قطاع الفضاء وأهميته، ولكن هذا التحدي لم يزدنا إلا إصرارا وعزيمة أن نتقدم أكثر ونثبت أهمية قطاع الفضاء في مملكة البحرين، وما له من إسهامات كبيرة في سبيل خدمة الشعب، فكان حافزاً لنا أن نعمل على إنجازات أكبر والتي كان أحدها إنجاز إطلاق القمر الصناعي (ضوء1) إلى مداره، والذي تم إطلاقه في فبراير من العام الجاري، رغم ظروف جائحة كورونا التي شكلت تحدياً لجميع دول العالم.

ولا يخفى على أحد أننا في فترة الجائحة واجهنا صعوبة في الوصول إلى المختبرات، وكان هناك تأخير في وصول بعض الشحنات لمكونات القمر الصناعي، كما أن هناك بعض الاختبارات الخاصة بالقمر الصناعي والتي تتطلب أن تتم في دول خارجية والالتزام بجدول زمني محدد وصارم معتمد من قبل جهة الإطلاق، ناهيك عن تقليص الميزانيات التي طالت غالبية الدول.

كما أن الهيئة قابلت الانتقادات السلبية بصدر رحب وقامت بمضاعفة حملاتها التوعوية وبتوسيع دائرة نشرها للمقالات العلمية وبزيادة نشاطها في وسائل التواصل الاجتماعي، وزادت من المحتوى المعرفي الجاذب على موقعها الإلكتروني، وأن هذا النهج مستمر وفي تطور دائم مع قياس رأي الجمهور بشكل دوري، والأخذ بمقترحاتهم للتطوير والتحسين ومواكبة أحدث الاتجاهات العالمية في مجالات التوعية والتثقيف للجماهير.

 ما هي خطط الهيئة للتنسيق مع وزارة التربية والتعليم لاستحداث برامج ومناهج وورش تعليمية في المؤسسات التعليمية بكافة مراحلها الأساسية والثانوية، والتعليم العالي؟

إيمانا من الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء بأهمية نشر الوعي بعلوم الفضاء وتقنياته ومساهمته في بناء قطاع فضائي مستدام في مملكة البحرين، تتعاون الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء بشكل مستمر مع وزارة التربية التعليم ومجلس التعليم العالي، وكان أحد أوجه هذا التعاون هو طلب إدراج عدد من التخصصات في خطة البعثات السنوية، كما تم حصر الموضوعات ذات الصلة بعلوم الفضاء لتضمينها في المناهج والموضوعات التي يمكن إضافتها لإثراء البرامج التعليمية.

وعلاوة على ذلك فالهيئة نفذت العديد من ورش العمل لمختلف المراحل الدراسية من التعليم الأساسي حتى التعليم الثانوي والتعليم الخاص والتعليم العالي، بالإضافة إلى التعاون المستمر مع مركز الموهوبين. والهيئة مستمرة في تقديم مثل هذه الورش التدريبية للطلبة من مختلف المراحل الدراسية من أجل نشر الوعي بأهمية علوم المستقبل وعلوم الفضاء على وجه الخصوص.

وقدمت الهيئة مقترحات لبرامج أكاديمية ومشاريع بحثية للجهات المعنية بعدد من مؤسسات التعليم العالي، بالإضافة إلى نشر عدد من الأبحاث العلمية في مجلات ومؤتمرات عالمية محكمة بالتعاون مع عدد من مؤسسات التعليم العالي المحلية والإقليمية.

وقدمت عددا من المبادرات بالتعاون مع مؤسسات التعليم العالي مثل مبادرة “برمج في الفضاء” و”تجربة على القمر” و”تجربة في الفضاء” إلى جانب تحفيزهم على المشاركة في مبادرات مكتب الأمم المتحدة للفضاء الخارجي، وقد عرضت عليهم الهيئة توفير الدعم التقني والإجرائي لأي من المؤسسات الراغبة في المشاركة.

بالإضافة إلى ذلك، تنظم الهيئة العديد من المسابقات المحلية لمختلف المراحل التعليمية بهدف نشر الوعي بأهمية علوم الفضاء وإثراء الإبداع والابتكار لدى الأطفال والناشئة في هذا المجال.

وتشارك الهيئة في تنظيم عدد من المسابقات الدولية ذات العلاقة بعلوم الفضاء، ولعل أحدثها المشاركة في تنظيم مسابقة هذا العام لوكالة “ناسا” وهي “تحدي تطبيقات الفضاء” للمرة الرابعة على التوالي.

كما تنسق الهيئة حاليا مع وزارة التربية والتعليم لاختيار 60 طالباً من 3 مدارس للمشاركة في برنامج تعليمي مكثف ينعقد خلال صيف هذا العام لتدريبهم على مبادئ في مجالات تتعلق بالتعامل مع البيانات الفضائية وسيمنح الطلبة ممن يتمون متطلبات البرنامج شهادات على كل دورة تدريبية ينجزونها طوال فترة التدريب.

ونستذكر بكل فخر نجاح الهيئة وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم في تشكيل أول فريق بحريني للمشاركة في معسكر الفضاء الذي أقيم في الولايات المتحدة الأمريكية في صيف عام 2021، كما تعمل الهيئة حالياً على الإعداد لاختيار وتشكيل الفريق الثاني المشارك في معسكر الفضاء لعام 2023.