مدير أكاديمية محمد بن مبارك لـ “البلاد”: أكثر من 2000 طلب للانضمام لـ “الخارجية” ونختار الأفضل
| حسن عبدالرسول | تصوير: حوراء مرهون
إعادة هيكلة الأكاديمية إلى 3 إدارات تخريج 118 دبلوماسيًّا منذ 2017 نُدرِّس في الأكاديمية 8 لغات المعارف والمهارات والشخصية ركائز “التأسيسي الدبلوماسي” تشكيل شبكة من العلاقات لخدمة السياسة البحرينية
أكدت المدير العام لأكاديمية محمد بن مبارك آل خليفة للدراسات الدبلوماسية بوزارة الخارجية، الشيخة منيرة بنت خليفة آل خليفة أن “الأكاديمية” وقّعت 13 مذكرة تفاهم عن برامج التدريب المشتركة وتبادل الخبرات في المجال الدبلوماسي كجزء من مفهوم “دبلوماسية التدريب”.
وأشارت الشيخة منيرة آل خليفة في لقاء مع “البلاد” إلى طموح أكاديمية محمد بن مبارك للدراسات الدبلوماسية لإنجاز عدد من المشاريع المقبلة التي تصب في خدمة السياسة الخارجية للبحرين، وتطوير الكوادر القائمة على تنفيذها، ومنها تسكين البرنامج التأسيسي الدبلوماسي على الإطار الوطني للمؤهلات، وتقديم برامج تدريبية حسب الطلب لجهات حكومية وغير حكومية محليًّا ودوليًّا.
وقالت تم إعادة هيكلة الأكاديمية إلى 3 إدارات، وتشكيل هيئة تدريس دائمة بخبراء محليين ودوليين في مختلف المجالات، حيث تعمل الأكاديمية حاليًّا كجهة استشارية داعمة لعدد من المعاهد والأكاديميات الدولية.
وفيما يلي نص الحوار بالكامل مع المدير العام لأكاديمية محمد بن مبارك للدراسات الدبلوماسية بوزارة الخارجية الشيخة منيرة بنت خليفة آل خليفة.
ما الدور الذي تقوم به أكاديمية محمد بن مبارك للدراسات الدبلوماسية لتأهيل الدبلوماسيين؟
نؤمن في أكاديمية محمد بن مبارك آل خليفة للدراسات الدبلوماسية، وبتوجيه من وزير الخارجية عبداللطيف الزياني، بضرورة تأهيل “الدبلوماسي الشامل”، حيث إن مفهومنا للتدريب الدبلوماسي، خاصة في البرنامج التأسيسي الدبلوماسي مبنى على 3 ركائز رئيسية وهي: المعارف، والمهارات، والشخصية.
حيث إن هذه البرنامج، والتدريب الدبلوماسي في الأكاديمية بشكل عام يقوم على إعداد كوادر دبلوماسية مهيأة لتمثيل البحرين والدفاع عن مصالحها ومكتسباتها ونقل رسالتها النبيلة إلى العالم، وذلك من خلال تزويد الدبلوماسيين على اختلاف درجاتهم بأهم المعارف اللازمة لمواكبة المتغيرات في عالم السياسة الخارجية والعلاقات الدولية بشتى تفرعاتها، علاوة على الأهمية البالغة التي نوليها للمهارات العملية كبناء العلاقات الشخصية والمؤسسية، والتفاوض، والبروتكول الدبلوماسي، والشؤون القنصلية وخدمة المواطنين، وغيرها من المهارات التي تستلزمها طبيعة العمل الدبلوماسي، كما نحاول أيضًا صقل شخصياتهم من خلال تعزيز ثقتهم بوطنهم وثقافته، وقدرتهم على التكيف، وتحمل المتطلبات التي تأتي مع المهمة الجليلة المنوطة بهم.
ونؤمن أيضًا بأن اللغة مرتكز أساسي في الممارسة الدبلوماسية، ولذلك، نُدرّس في الأكاديمية 8 لغات نراها ذات أهمية في إطار العمل الدبلوماسي للمملكة، ونعمل على تهيئة الكوادر الدبلوماسية لتكون مهيأة ليس فقط للحديث والتعامل والعمل بلغات أجنبية، بل للقيام أيضًا بمهام متخصصة كالترجمة التحريرية والفورية، بدأنا بتطبيق برامج تهدف للوصول إلى مرحلة الفصاحة في عدد من اللغات الأجنبية في غضون 3 سنوات.
كما أننا في الأكاديمية نؤمن بأهمية التدريب المستمر طوال المسيرة المهنيّة، حيث تقدّم الأكاديمية برامج تأسيسية للدبلوماسيين المراحل التأسيسية والمتوسطة والمتقدمة، وتم ربط التقدم المهني للدبلوماسيين لإتمامهم لهذه البرامج، والتي تم تصميمها بصورة تضمن تأهيلهم بما يتناسب مع متطلبات تطورهم المهني، علاوة عن استفادة الدبلوماسيين من مجموعة من البرامج والشهادات التخصصية في شتى المجالات ذات الصلة بالعمل الدبلوماسي، وصولاً إلى تأهيل قيادات دبلوماسية على درجة عالية من الكفاءة.
ما المشاريع والبرامج المقبلة لأكاديمية محمد بن مبارك؟
برعاية ودعم متواصل من القيادة الرشيدة، ومتابعة دائمة من مجلس الوزراء بقيادة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ووزارة الخارجية منذ تأسيسي المعهد الدبلوماسي في سنة 2017 بقيادة الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، مستشار جلالة الملك المعظم للشؤون الدبلوماسية، ومن ثم تشريفنا في عام 2019 بأن نكون أكاديمية دبلوماسية تحمل اسم رائد الدبلوماسية البحرينية، قطعنا شوطًا في وضع الأسس الرئيسية لتدريب دبلوماسي بحسب أفضل المعايير الدولية، ففي العام 2021 تم تشكيل مجلس أمناء للأكاديمية يضم نخبة من السفراء والمسؤولين في وزارة الخارجية، كما تم إعادة هيكلة الأكاديمية إلى 3 إدارات، وتشكيل هيئة تدريس دائمة بخبراء محليين ودوليين في مختلف المجالات، وتطور دورنا الدولي، ونعمل حاليًّا كجهة استشارية داعمة لعدد من المعاهد والأكاديميات الدولية، وفي العام الماضي، حصلت الأكاديمية على شهادة الجودة (ISO) في مجالي التدريب والعمل الإداري.
كما نطمح في الفترة المقبلة لإنجاز عدد من المشاريع التي تصب في خدمة السياسة الخارجية للبحرين، وتطوير الكوادر القائمة على تنفيذها، ومنها تسكين البرنامج التأسيسي الدبلوماسي على الإطار الوطني للمؤهلات، وتقديم برامج تدريبية حسب الطلب لجهات حكومية وغير حكومية محليًّا ودوليًّا، وتقديم خدمات الترجمة الفورية والتحريرية بالاعتماد على كوادر وطنية دبلوماسية، كما أننا نريد أن نؤسّس الأكاديمية مركزًا دوليًّا معتمدًا لتعليم اللغة العربية للناطقين وغير الناطقين بها، وسيعيننا في تحقيق كل ذلك الانتقال إلى مقر دائم للأكاديمية يتسق مع أفضل المعايير والممارسات الدولية في مجال التدريب الدبلوماسي، وصولاً إلى هدف الاعتماد الأكاديمي الدولي.
كيف تنسّقون علاقتكم مع المراكز والمعاهد المحلية والدولية والإقليمية للتعاون في المجال الدبلوماسي؟
طوّرت الأكاديمية منذ إنشائها علاقات وثيقة مع عدد من المعاهد والأكاديميات الدبلوماسية حول العالم، حيث وقعنا 13 مذكرة تفاهم في هذا المجال، حيث إننا نقدّم برامج تدريبية مشتركة، ونتبادل الخبرات في مجال التدريب الدبلوماسي بصورة دائمة، كما أننا قدمنا خدمات استشارية لعدد من مؤسسات التدريب الدبلوماسي دوليًّا، ونؤمن بأن هذا التعاون جزء من مفهوم “دبلوماسية التدريب”، موقنين بأننا في أكاديمية محمد بن مبارك آل خليفة للدراسات الدبلوماسية في موقع خدمة أهداف السياسة الخارجية للمملكة.
كما أطلقنا عددًا من المبادرات التي استهدفت جمهورًا دوليًّا، ويشكّل برنامج الدبلوماسيين الدوليين “ضيافة” قصة نجاح في هذا الإطار، فمنذ انطلاق النسخة الأولى للبرنامج في عام 2019، استضفنا من خلاله 37 دبلوماسيًّا من 30 دولة في البحرين، زاروا المملكة، وتعرّفوا على إنجازاتها على مختلف الأصعدة، وتنوعها الثقافي والاجتماعي، وعراقة تاريخها، وطيبة شعبها، وشكلنا من خلال البرنامج شبكة قوية من العلاقات في خدمة السياسة الخارجية البحرينية.
كم عدد الدبلوماسيين الذين تخرّجوا من الأكاديمية حتى الآن؟
تشرّفنا بتخريج 118 دبلوماسيًّا من البرنامج التأسيسي الدبلوماسي بدفعاته السبع منذ انطلاقته في 2017، برعاية كريمة من ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، وتكريم من الممثل الخاص لجلالة الملك المعظّم سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، شكّل النساء 50 % منهم، وكما تم ابتعاث ثلث خريجينا لتمثيل المملكة في بعثاتها الدبلوماسية والقنصلية حول العالم، ونحن فخورون بالثقة التي نالوها للعمل في ميدان الدبلوماسية البحرينية.
هؤلاء الخريجون الذين نفخر بهم، هم نتاج لعملية بنيناها على مبادئ الجدارة، والتنافسية، والشفافية، حيث إنه في كل عام، يتقدّم المئات من الشباب البحريني والشابات المتميزين للالتحاق بالكادر الدبلوماسي، وتلقّت الأكاديمية منذ 2017 أكثر من 2000 طلب للتقديم، ودورنا في الأكاديمية هو أن نختار الأفضل، حيث يكمل المرشحون 5 جولات قبل أن يتم قبولهم في البرنامج التأسيسي الدبلوماسي، ويخضعون لسلسلة من الاختبارات في اللغتين العربية والإنجليزية، والعلاقات الدولية، والتاريخ والثقافة البحرينية، والإدراك العام بالمتغيرات العالمية، ومن ثم يتم تدريبهم بصورة مكثفة لفترة تمتد 6 أشهر، يشتمل على أكثر من 400 ساعة من التعلم النظري، إلى جانب 250 ساعة إضافية من التدريب العملي، إضافة إلى دورات مكثفة في لغات أجنبية.
ما الخطط المستقبلية لإتاحة الفرص لغير العاملين في السلك الدبلوماسي للاستفادة من برامج الأكاديمية؟
قدّمت الأكاديمية عددًا من المبادرات والفعاليات تهدف لرفع مستوى الوعي بالشأن الدبلوماسي والعلاقات الدولي لدى المجتمع بشكل عام، ففي عام 2020 قدّمت الأكاديمية برنامج (الشهادة المتخصصة في الدراسات الدبلوماسية)، بمشاركة 34 موظفًا من منتسبي وزارة الخارجية والجهات الحكومية بمملكة البحرين، والذي امتدّ لفترة 9 أسابيع، استفاد فيها المشاركون من خبرات ومعارف متنوعة، قدمها نخبة من أبرز المتخصصين والأكاديميين والشخصيات الدبلوماسية من داخل البحرين وخارجها، في مجالات السياسة والدبلوماسية والشؤون الدولية.
وفي العام 2021 تم إطلاق برنامج الدبلوماسية البرلمانية، والذي قدمته الأكاديمية للمرة الأولى في العام 2021، بمشاركة 36 عضوًا من أعضاء مجلس النواب، حيث أتى البرنامج كمبادرة تعاونية تنفيذًا لتوجيهات جلالة الملك المعظّم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، لتعزيز التعاون بين الهيئات الحكومية والسلطة التشريعية في البحرين، كما تم تطويره انطلاقًا من الاهتمام المُطلق من قِبل وزارة الخارجية، متمثلةً في أكاديمية محمد بن مبارك آل خليفة للدراسات الدبلوماسية، بالعمل البرلماني البحريني وانعكاساته الدولية المتجسّدة في القوى الناعمة والدبلوماسية البرلمانية البحرينية، وتفعيلًا لمذكرة التفاهم الموقعة بين أكاديمية محمد بن مبارك آل خليفة للدراسات الدبلوماسية والأمانة العامة لمجلس النواب، حيث تمحور البرنامج بشكل أساسي حول موضوعات ومهارات ذات صلة بالدبلوماسية العامة والدبلوماسية البرلمانية، حيث تضمّن البرنامج ورش عمل تفاعلية ومحاضرات لاستعراض آخر مستجدات الأوضاع السياسية والموضوعات ذات الصلة بالعمل الدبلوماسي فيما يخص مجلس النواب، كما تم طرح ورش عمل مكثفة في بعض المهارات الأساسية في البرنامج ذات أهمية لأصحاب السعادة الأعضاء، والتي شملت “البروتوكول الدبلوماسي” و”الخطابة في الاجتماعات والمؤتمرات الدولية”.
كما تقدم الأكاديمية برامج متنوعة تستهدف فئة الشباب كبرنامج “الدبلوماسية والشباب” الذي نظمته الأكاديمية بالتعاون مع وزارة شؤون الشباب والرياضة كجزء من “مدينة شباب 2030”، والذي هدف لتعريف الشباب على ركائز الدبلوماسية البحرينية، وأهم مهام وزارة الخارجية، إضافة إلى تعرفهم على مهارات العمل الدبلوماسي من خلال التعلم بالتجربة، كما نظّمت الأكاديمية أيضًا برنامج نموذج جلسات الأمم المتحدة على مستوى مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والذي أتاح لعدد من شباب البحرين والدول الشقيقة لاكتساب مهارات عملية في فن التفاوض والخطابة والتمثيل الدبلوماسي، إضافة إلى العلاقات والقانون الدوليين، وتستضيف الأكاديمية طلبة المدارس في زيارات تعريفية لتعريف الناشئة بالدبلوماسية البحرينية، وستقوم الأكاديمية في عام 2023 بتكثيف جهودها لإطلاق المزيد من مثل هذه المبادرات العامة المفتوحة للمجتمع بشكل عام.
ما الخدمات التي تقدمها مكتبة الأكاديمية للباحثين في المجال السياسي والدبلوماسي؟
تحوي المكتبة الدبلوماسية مجموعة كبيرة من المؤلفات ذات العلاقة بالشأن الدبلوماسي والعلاقات الدولية بمختلف اللغات، كما أننا قمنا فيها بأرشفة جزء كبير من التاريخ الدبلوماسي المكتوب والمرئي للبحرين، وهو نتاج للعمل الدبلوماسي منذ تأسيس دائرة الخارجية في سنة 1969، ويشكّل ذاكرة مؤسسية مهمة، نعمل على أرشفتها وتحليلها، ونقل الخبرات التي تحملها إلى الأجيال الجديدة من الدبلوماسيين البحرينيين الشباب، وإلى المجتمع عامة، وكنا فخورين بعرض جزء من هذا التاريخ خلال المعرض المصاحب للاحتفال بخمسين عامًا من الدبلوماسية البحرينية في عام 2019 في متحف البحرين الوطني، والذي قام بزيارته 10 آلاف شخص تقريبًا، كما تقوم الأكاديمية كجهة بحثية برفد المكتبة الدبلوماسية بالدراسات والبحوث في المجالات المتعلقة بالدبلوماسية، كان منها نشر عدد من الكتب ككتاب “البحرين في ذاكرة الأمم”، وكتاب “الثقافة الدبلوماسية”، والذي نشر بالتعاون مع هيئة البحرين للثقافة والآثار، وكما يستفيد من مصادر المكتبة المطبوعة والمرئية والإلكترونية عدد من الدارسين والباحثين من داخل وزارة الخارجية وخارجها.