نفتقر إلى تخصيص مهرجان خاص الكوميديا .. والتكنولوجيا خدمت السينما

المخرج المصري القدير أشرف فايق: ”الجمهور يختار دائما الكوميديا“

| طارق البحار

يتواجد دائما المخرج المصري القدير أشرف فايق في المهرجانات السينمائية ويقدم بخبرته "ماستر كلاس“ عن الإخراج وتصوير الأفلام للحضور بصورة مهمة جدا؛ نظرا لخبرته الطويلة في تقديم الأفلام، وهو مستشار الاتحاد للشؤون السينمائية العربية في مصر، قدم للسينما العديد من الفلام الناجحة مثل ”اللبيس، الزمهلوية، اللمبي 8 جيجا، تك تك بوم، قصة الحي الشعبي، اسانسير 5 نجوم“ وغيرها. 

يذكر أن المخرج أشرف فايق من عائلة فنية، فوالده السيناريست والمخرج الكبير فايق إسماعيل، وعماه الكاتب بهيج إسماعيل والفنان والنجم محيي إسماعيل. التقينا فيه ضمن فعاليات الدورة الـ 24 لمهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، وكان معه الحوار التالي:

اليوم نعيش وسط كم كبير من المهرجانات السينمائية.. هل هذا أمر صحي؟

* بسبب عشقي للسينما منذ الصغر وحضوري المستمر لها في كل مكان، وأيضا أقدم في هذه المهرجانات ”ماستر كلاس“ بصورة مستمرة والذي هو من دون مقابل حبا للسينما، ويتم تقديمه في يوم لمدة ساعات طويلة؛ نظرا لتبسيط ما أقدمه، وفي نظري الشخصي لسؤالك، فأرى أنهم يتعمدون خلق ”صراع بين المهرجانات“؛ بسبب أن في السابق كان هناك صراع على الأفلام، واليوم مع الحالة الاقتصادية العالمية تحول هذا الصراع إلى المهرجانات السينمائية، فمثلا مع وجود 100 فيلم نرى هناك صراع بين هذه المهرجانات؛ لاقتناص الأفضل بصورة طبيعية ومشروعة طبعا، لكن غير الطبيعي هو الاستحواذ على الإداريين والضيوف بدل الأفلام!

وأكثر ما يضايقني وجود مثلا 5 مهرجانات في نفس الوقت، فتراهم يقيمون مهرجانهم في نفس الوقت وفي نفس الشهر، ويتذرعون بأشياء لا قيمة لها مثل الشتاء والصيف أو شهر رمضان أو  أن هذا هو موعد المهرجان منذ أكثر من 20 سنة ولا مجال للتغيير، وأنا أستغرب من ذلك بالرغم من وجود مهرجانات عربية كبيرة تقدم موعدها وتغيره بصورة عادية لأجل مهرجان آخر وهذا التعاون مهم جدا لنا جميعا في هذا المجال، فأصبح توقيت المهرجان أزمة لهم لعدم قدرة فنانة أو فنان معين الحضور والريد كاربت، لكن المهرجان أهم من ذلك، المهرجان السينمائي أفلام وندوات ودورات ونقاشات واختلاط صناع الأفلام مع رؤساء المهرجانات والمهتمين، وبالطبع التنظيم الدقيق لمواعيد الأفلام ومكانها، خصوصا وأن معظم المهرجانات لا تعرض أفلامها في مكان واحد؛ لأنه بالرغم من كل النجوم والصرف، سيتحول هذا المهرجان من دون تنظيم إلى فوضى، مثل إلغاء الأفلام والمشاكل التقنية.

أمنية حياتي أن المهرجانات تقوم بالتعاون والتنسيق بينها لتوزيعها على طوال الـ 12 شهرا من العام بصورة دقيقة، وأن تقوم المهرجانات الكبيرة بأخذ المبادرة والتنسيق لذلك، خصوصا وأن الكبير دائما يتازل للصغير في الموعد، والابتعاد عن موضوع أن مهرجاني شتوي أو صيفي، ولا يمكن تعيير فصله! ومنذ زمن طويل نحلم بوجود جهة أو جمعية للمهرجانات العربية تنسق فيما بينها، وأقتبس كلام وزارة الثقافة المصرية عندما دعت بتقديم ”العدالة الثقافية“ في مصر، حيث تقدم كل محافظة مهرجان سينما بتوزيع عادل في التوقيت، وهذا لن يتم إلا مع وجود اتحاد للمهرجانات بالرغم من صعوبة ذلك بسبب المنافسة بينها!

* تقديمك لعدد كبير من  ”ماستركلاس ” في تطوير المخرج؟

منذ أكثر من 20 سنة وأنا أقوم بتدريس ذلك حول العالم، وأنا أقوم بتبسيط العملية الإخراجية والسينمائية بصورة سهلة بعيدة قليلة عن الكتب والمناهج؛ لأن ببساطة كتاب ”كيف تصنع فيلم سينمائي؟ “ موجود في كل مكان وبلغات مختلفة، لكن معرفة مثلا لغة ”اللوكيشن“ أمر مهم جدا للذي يصنع أول فيلم، ودائما أقدم مثالا أنه عندما تقوم بفتح كتاب ”كيف تصنع فيلم سينمائي“ المترجم غالبا ترى أول جملة وهي أنه عليك أن تستخدم عدسة طويل البعد البؤري، وشخصيا لم أقل أبدا للمصور هذه الجملة وأنا أصور فيلمي، لكني أطلب منه أن يصور لي مع ”عدسة 50“ أو 25 أو 16 وهكذا، وأنت كمخرج تعرف أبجديات العمل هذا ما أقدمه في الماستركلاس دائما، وأقول لهم أن اليوم الحياة أسهل لأي مخرج  أو صانع أفلام في تصوير أي فيلم وصولا إلى استخدام الايفون، فأبدأ في البداية بتعريف العدسات؛ لأن ذلك مهم جدا في العملية، ووظائفها طبعا مع الأحداث، وأذكر لهم جميع أرقام هذه العدسات؛ لان هناك أرقام كثيرة غير مدرجة في الكتب، مع بعض الأسرار الخاصة بها طبعا، وبذلك أشجع المخرجين المستقلين أن يقوموا بصناعة أفلامهم؛ لأن دائما هناك اعتقادا أن ما ينقصني في عملي هي المعدات الخاصة، وهذا أمر غير صحيح أبدا، فالمحتوى أهم اليوم من أي شيء، ونقدر أن نصنع فيلما كاملا ”بالحديدة التي في يدك“ وبعد ما تنتهي أرفعه عبر برامج على الكمبيوتر؛ لتعديل الجودة وغيره بالرغم من جودة كاميرات الهواتف، أو مع بعض الكاميرات التي تستطيع استئجارها مع جميع المعدات، والتكنولوجيا اليوم سهلت جدا عمل المخرجين، خصوصا وأن معظم المهرجانات تهتم أول بالمحتوى قبل أي جودة، مع توصيل الفكرة والصور وتقوم بسرد جميل خصوصا وأن المشاهد لن يسألك بأي كاميرا صورت هذا الفيلم.

هل في نظرك نحن في حاجة إلى المزيد من الاعمال الكوميدية؟

* نعم جدا، في بعض الاوقات أطلق عليّ أني متخصص أفلام كوميدية فقط، ومن وجهة نظري أن طول ما نعيش في حالة اقتصادية صعبة في أي وقت، فإن الجميع يبحث عن الكوميديا للهروب والضحك في كل مكان، وأرى أرخص علاج لهذه الحالة هو دخولك فيلم كوميدي في السينما أو مشاهدته في التلفزيون؛ للخروج من الحالة التي يعيشها، وهذا هو سبب إقبال الجمهور الكبير عليها في كل مكان، وهو يعرف تماما بساطتها أو أنها للتسلية، خصوصا ونحن نعرف أن كل فيلم يجب أن يعتمد على جزء الترفيه، والمعلومة، والأهداف، لكن الكوميدية هي دائما المسيطرة وتبقى لفترات طويلة في الذاكرة؛ لأننا احيانا نريد أن نهرب من واقعنا عبر هذه الأفلام.

قدمت مع النجم محمد سعد المعادلة الصعبة في فيلم 8 جيجا مع المؤلف نادر صلاح الدين الذي قدم معظم أفلامه الأخرى مثل ”بوحة“ و“اللي بالي بالك“ ومعا قمنا بتقدم اللمبي الذي يعرفه الجمهور، ومن ثم تقديم فكرتنا بصورة معتدلة في قصة خفيفة كوميدية، وهي زرع شريحة، ومن المدهش أن بعد سنوات هذه الشريحة أصبحت من الحقيقة اليوم في أمريكا!

وللأسف بالرغم من سطوع المهرجانات، يبقى الفيلم الكوميدي بعيدا عنها لسبب لا أعرفه، ولا يوجد مهرجان خاص للأفلام الكوميدية عربيا، فالممثل الكوميدي أرقى من يهمل وأذكر عندما فاز الفنان محمد سعد بجائزة التمثيل عن دوره في ”الكنز“ غير الكوميدي أثبت قدرته وفنه وثقافته للجميع.