الفيلم الاردني (ان شاء الله ولد) في كان صرخة معاناة المرأة في المجتمع العربي

| عبدالستار ناجي

يطلق الفيلم الاردني الاول في التظاهرات الرسمية في مهرجان كان السينمائي (ان شاء الله ولد) للمخرج أمجد الرشيد والذي عرض في تظاهرة اسبوع النقاد التي تقدم عروضها في صالة  ميرمار صرخة مدوية لمعاناة المرأة في الاردن والعالم العربي حيث سطوة المجتمع والاسرة والتقاليد . فيلم كتب بعناية وادارة المخرج الشاب أمجد الرشيد بتميز ولغة سينمائية تبشر بميلاد مخرج يمتلك ادواته وحرفة ولغته السينمائية حتى وان ظلت تحمل تأثيرات سينمائيين وصناع افذاذ على طريقة المخرج الايراني الكبير على اصغر فرهادي والذي سيظل العالم يتذكر له مجموعة من التحف الخالدة ومنها (انفصال) و(بطل) وغيرها، وان ظل فيلم (ان شاء الله ولد) شديد الخصوصية والتماس مع المجتمع الاردني والعربي بشكل ابعد وأكبر وأعمق . فيلم لا يدعي يحلل ويبحث في الظروف الموضوعية لحياة امرأة عربية حيث تفقد (نوال) زوجها لتجد نفسها مع ابنتها امام الاشكاليات الخاصة بالإرث تكاد تهدد حياتها ومستقبلها وتجعلها قاب قوسين من ان تفقد شقتها وكل مقتنياتها امام اصرار شقيق زوجها وشقيقاته في الحصول على حصتهم من الارث، الا إذا انجت (نوال) صبيا حيث تأول له الملكية. في خط متوازي نرصد حكاية ابنه السيدة التي تعمل عندها (نوال) وهي عربية مسيحية وتعاني هي الأخرى اشكاليات مع زوجها التي تريد الخلاص منه وايضا الخلاص من الحمل الذى تحمله، مع مجموعة من الخطوط المتداخلة ومن بينها المعالج الطبيعي الذي يحمل لنوال الكثير من الحب ورغم ثراء الخط الدرامي والمشهد الرائع الذى جمع بينهما في احدي الساحات التي تطل على مدينة عمان الا ان هذا الخط يبتر لسبب نجهله لينشغل السيناريو في اشكاليات الصراع اليومي بين نوال وشقيق زوحهازوجها الذى يمثل بشكل او باخر السطوة المجتمعية والذكورية وهكذا هو شقيقها. وي الوقت الذي تساعد به نوال ابنه السيدة التي عندها من اجل التخلص من حملها فانها تظل تنتظر نتائج الفحوصات لإثبات انها حامل من زوجها لان هكذا امر سيكون هو طوق النجاة لمستقبلها مع طفلتها الصغيرة التي تظل تمثل نقطة ضغط اجتماعي من قبل شقيق الزوج الذي يريد حضانتها والسيطرة بالتالي على الارث المتمثل بالشقة وسيارة بيك اب. في الفيلم الكثير من الدلالات الذكية والكتابة الاحترافية العميقة مثل مشهد الفأر الذي يظل يعيش على فتتات المطبخ كما هي (نوال) وغيرها من النساء في المجتمعات العربية التي تظل تعيش على الفتتات وسط مجتمع متسلط للرجل سطوته، بل جبروته بحكم القانون والتشريعات وايضا الاعراف الدينية سواء الاسلامية ومنها او المسيحية . تظل تجتهد نوال من اجل دفع المبالغ المستحقة على زوجها الذي توفي تاركا حفنة من الاشكاليات ومنها غموض طرده من عمله وعدم تسلمه رواتبه بالإضافة لعدم تسديد اربعة اقساط مستحقة للبيك اب لصالح شقيقة الذي يظل يضغط من اجل الحصول اولا على تلك المستحقات بالاضافة الي نصيبة من الارث . حكاية تأتي كذريعة ليمرر من خلالها المخرج الشاب أمجد الرشيد اسلوبه المقرون بالبساطة والحلول الاخراجية الذكية التي تؤشر لميلاد مخرج يمثل رهان اضافي للسينما الاردنية والعربية وان ظلت الحاجة دائما الى مشروع أكبر وأعمق واثرى يعمق تلك اللغة التي قدمها باحترافية عالية . المتن الروائي للفيلم محدد الشخصيات والمضامين التي تذهب اليها حتى أصغر تلك الشخصيات والمتمثل بذلك الصبي الذي يقف في زاوية الحارة وهو يتحرش بنوال كلما مرت دوان مراعاة للجيرة والعلاقات الاجتماعية . وهكذا بقية الشخصيات التي تبدو للوهلة الاولى مجرد شخصيات ممزوعة لاستكمال الفيلم، ولكنها في حقيقة الامر عميقة وثرية وشفافة وتمثل شرائح اجتماعية تحيط بنا ونعرفها. المشهد الاخير في نتيجة يبدو ومن وجهة نظر خاصة قريبا من الدراما التلفزيونية العربية، بينما الواقع هو أكثر قسوة فلماذا ارخى المخرج الشاب أمجد الرشيد حصانه الجامح المشاكس المغير متصالح مع مجتمعة المدافع الصارخ في ايصال صوت المرأة والتركيز على جوانب هامة من المها ومعاناتها اليومية المعاشة . لماذا كبيرة نوجهها الى المخرج أمجد الرشيد الذى ذهب الى نهاية ترضي المجهور وتفرغ الشحنات السلبية بينما الواقع هو عكس ذلك وليته عرف بان مزيد من الالم ومزيد من الصراخ ومزيد من المعاناة خير ما يعبر وعن القضية ويشرع الابواب لمزيد من الحوار الذي يصب لصالح القضية والمرأة . في الفيلم وعبر اداء شديد الحساسية والعمق تطل علينا الفنانة مني حوا بدور (نوال) التي جسدتها بعمق وحضور عال الكعب ومعها في الفيلم هيثم عمري يمنى مروان وسلوى نقارا ومحمد الجزوا واسلام العوضي وسيلينا رابا، خلف العمل فريق متميز من الدعم الانتاجي والتقنية الذي يغطي كافة الحرفيات ساهم في تقديم تجربة سينمائية اردنية – عربية تستحق ان تكون اول عمل سينمائي يمثل الاردن في مهرجان كان السينمائي الدولي . ويبقي ان نقول فيلم (ان شاء لله ولد) عميق ثري مشاكس مدافع عن المرأة عبر لغة سينمائية تشير الى ميلاد مخرج سينمائي عبر نتوقع منه الكثير في قادم الايام، وبرافو!