"البلاد" تفتح ملف الإدمان وتستعرض تجارب "المحاربين"

بالفيديو: شباب بحرينيون سقطوا في قعر الإدمان وحاربوا للنجاة

| حوراء مرهون | تصوير: رسول الحجيري

هل‭ ‬للحب‭ ‬فوائد‭ ‬أخرى‭ ‬لم‭ ‬تكتشف‭ ‬بعد؟‭ ‬وهل‭ ‬يغني‭ ‬عن‭ ‬الأدوية‭ ‬العلاجية؟

حين‭ ‬يغيب‭ ‬الحُب،‭ ‬يكبر‭ ‬جوع‭ ‬القلب،‭ ‬وتنخر‭ ‬حفرة‭ ‬في‭ ‬صدر‭ ‬شباب‭ ‬عجزوا‭ ‬عن‭ ‬إدراك‭ ‬مكمنها،‭ ‬أسموها‭ ‬“الخوف،‭ ‬الوحدة،‭ ‬العزلة،‭ ‬الحاجة‭ ‬للهرب،‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬طبيعية،‭ ‬المشكلات‭ ‬الأسرية”،‭ ‬وكلها‭ ‬دوافع‭ ‬تمثل‭ ‬غياب‭ ‬نقطة‭ ‬الأمان‭ ‬في‭ ‬الروح،‭ ‬ذكرها‭ ‬شباب‭ ‬انجروا‭ ‬دون‭ ‬وعي‭ ‬لإدمان‭ ‬المخدرات‭.‬

‬“البلاد”‭ ‬جالت ‬في‭ ‬مركز‭ ‬نصف‭ ‬الطريق‭ ‬للتعافي‭ ‬من‭ ‬الإدمان،‭ ‬لتروي‭ ‬عن‭ ‬قرب‭ ‬بعضًا‭ ‬من‭ ‬حكايات‭ ‬شباب‭ ‬أفنوا‭ ‬أعز‭ ‬سني‭ ‬أعمارهم‭ ‬في‭ ‬غمرة‭ ‬الغياب،‭ ‬غياب‭ ‬عن‭ ‬الوعي‭ ‬والأسرة،‭ ‬والأهم‭ ‬غياب‭ ‬عن‭ ‬الحب‭ ‬حيث‭ ‬سعوا‭ ‬لتعويضه‭ ‬بالمخدرات‭.‬

 

بدايات‭ ‬طائشة

“بدأت‭ ‬تعاطي‭ ‬المخدرات‭ ‬حين‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬الخامسة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬عمري‭ ‬بصحبة‭ ‬أبناء‭ ‬الحي،‭ ‬كنت‭ ‬أهرب‭ ‬من‭ ‬أسلوب‭ ‬عائلتي‭ ‬المتشدد‭ ‬في‭ ‬التربية،‭ ‬كانوا‭ ‬يطردونني‭ ‬من‭ ‬المنزل‭ ‬أو‭ ‬يحبسونني‭ ‬في‭ ‬غرفتي‭ ‬كلما‭ ‬ارتكبت‭ ‬خطأ‭ ‬بسيطًا،‭ ‬غلبني‭ ‬الخوف‭ ‬والرغبة‭ ‬في‭ ‬الهرب‭ ‬من‭ ‬مشكلاتي‭ ‬ومشاعر‭ ‬الوحدة‭ ‬وسلوكي‭ ‬العنيف،‭ ‬كنت‭ ‬أخاف‭ ‬المجتمع‭ ‬والناس‭ ‬فاحتضنني‭ ‬مدمنو‭ ‬المخدرات،‭ ‬ظننت‭ ‬أن‭ ‬التعاطي‭ ‬مهربي‭ ‬وملاذي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أفلست‭ ‬روحانيًا”‭. ‬

هكذا‭ ‬يختصر‭ ‬جاسم‭ - ‬وهو‭ ‬اسم‭ ‬مستعار‭ ‬لشاب‭ ‬بحريني‭ ‬يبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬30‭ ‬عامًا‭ - ‬بداية‭ ‬رحلته‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬الإدمان‭.‬

بداية‭ ‬محمد‭ - ‬وهو‭ ‬اسم‭ ‬مستعار‭ - ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مختلفة‭ ‬كثيرًا‭ ‬عن‭ ‬صديقه‭ ‬جاسم‭ ‬رغم‭ ‬اختلاف‭ ‬بلد‭ ‬النشأة،‭ ‬حيث‭ ‬قدم‭ ‬محمد‭ ‬الشاب‭ ‬الخليجي‭ ‬لتلقي‭ ‬العلاج‭ ‬في‭ ‬البحرين‭.‬

بدأ‭ ‬محمد‭ ‬التعاطي‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬الرابعة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬عمره،‭ ‬وقضى‭ ‬نصف‭ ‬عمره‭ ‬فاقدًا‭ ‬لوعيه‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬المخدر‭.‬

يقول‭ ‬محمد‭ ‬“كان‭ ‬لدي‭ ‬سلوك‭ ‬مختلف‭ ‬عن‭ ‬أقراني‭ ‬قبل‭ ‬تعاطي‭ ‬المخدرات،‭ ‬كنت‭ ‬فضوليًا‭ ‬لتجربة‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬أصاحب‭ ‬مجموعة‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬عمري‭ ‬من‭ ‬مثيري‭ ‬المشكلات‭ ‬في‭ ‬الحي،‭ ‬وأعيش‭ ‬وسط‭ ‬بيئة‭ ‬من‭ ‬متعاطي‭ ‬المخدرات‭ ‬اتخذتهم‭ ‬قدوة‭ ‬لي،‭ ‬ورغبت‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬قويًا‭ ‬مثلهم،‭ ‬أدخل‭ ‬السجن‭ ‬ويهابني‭ ‬الناس‭ ‬بدل‭ ‬أن‭ ‬أخافهم،‭ ‬فبدأت‭ ‬تدخين‭ ‬السجائر‭ ‬ثم‭ ‬المخدرات‭ ‬لاحقًا،‭ ‬تماديت‭ ‬كثيرًا‭ ‬وتمرّدت‭ ‬حتى‭ ‬فقدت‭ ‬إنسانيتي‭ ‬وصرت‭ ‬كالحيوان،‭ ‬أفعل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬المخدر،‭ ‬سرقت‭ ‬المال‭ ‬من‭ ‬أهلي‭ ‬ومن‭ ‬الناس،‭ ‬ورفعت‭ ‬السكين‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬كثيرين‭ ‬لأحصل‭ ‬على‭ ‬مالهم‭ ‬للتعاطي“‭.‬

 

سرقت‭ ‬ذهب‭ ‬أخواتي‭ ‬وبعته‭ ‬بـ‭ ‬32‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭ ‬لأتعاطى

ويعترف‭ ‬محمد‭ ‬بأنه‭ ‬يشعر‭ ‬بالندم‭ ‬الشديد‭ ‬كلما‭ ‬تذكر‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬طيلة‭ ‬السنوات‭ ‬السابقة،‭ ‬ويقول‭ ‬إنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يدرك‭ ‬أنه‭ ‬حامل‭ ‬لمرض‭ ‬مزمن‭ ‬متفاقم‭ ‬يدعى‭ ‬الإدمان‭.‬

وروى،‭ ‬حين‭ ‬سألته‭ ‬عن‭ ‬أشد‭ ‬الأفعال‭ ‬التي‭ ‬ندم‭ ‬عليها،‭ ‬قصة‭ ‬سرقته‭ ‬ذهب‭ ‬أخواته‭ ‬الذي‭ ‬تبلغ‭ ‬قيمته‭ ‬32‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭ ‬قائلًا‭: ‬“كنت‭ ‬أتعاطى‭ ‬الشبو‭ ‬بشكل‭ ‬جنوني‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬10‭ ‬مرات‭ ‬يوميًا،‭ ‬وفي‭ ‬تعاطي‭ ‬الشبو‭ ‬يفقد‭ ‬الإنسان‭ ‬سيطرته‭ ‬تمامًا‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬لي،‭ ‬حين‭ ‬رأيت‭ ‬باب‭ ‬غرفة‭ ‬أمي‭ ‬مفتوحًا‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬ووجدت‭ ‬صندوق‭ ‬أخواتي‭ ‬المتزوجات‭ ‬الممتلئ‭ ‬بالذهب،‭ ‬فحملته‭ ‬وهربت‭ ‬لأبيعه‭ ‬وأنفق‭ ‬الأموال‭ ‬على‭ ‬التعاطي”‭.‬

ويكمل‭ ‬“دخلت‭ ‬السجن‭ ‬في‭ ‬بلدي‭ ‬7‭ ‬مرات‭ ‬لقضايا‭ ‬تتعلق‭ ‬بالمخدرات“‭.‬

 

أنفقت‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭ ‬على‭ ‬المخدرات‭ ‬خلال‭ ‬15‭ ‬عامًا

بدأ‭ ‬جاسم‭ ‬طريق‭ ‬الإدمان‭ ‬بتدخين‭ ‬السجائر،‭ ‬ثم‭ ‬مادة‭ ‬”الستوب“‭ ‬فالحشيش‭ ‬والشبو،‭ ‬ثم‭ ‬الخمر‭ ‬وصولًا‭ ‬للهيروين،‭ ‬ويذكر‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يسرق‭ ‬المال‭ ‬في‭ ‬البدايات‭ ‬لتأمين‭ ‬المخدرات،‭ ‬ثم‭ ‬كوّن‭ ‬لنفسه‭ ‬معارف‭ ‬وأصبح‭ ‬يدبّر‭ ‬طرقًا‭ ‬مختلفة‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬المخدرات‭. ‬

ويذكر‭ ‬نادمًا‭ ‬أنه‭ ‬أنفق‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭ ‬على‭ ‬المخدرات‭ ‬خلال‭ ‬15‭ ‬عاما،‭ ‬ويضيف‭ ‬“حسب‭ ‬معرفتي‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬يقدر‭ ‬سعر‭ ‬كيلو‭ ‬المخدر‭ ‬بـ‭ ‬4‭ ‬آلاف‭ ‬دينار،‭ ‬لكن‭ ‬المتعاطي‭ ‬يشتري‭ ‬أجزاءً‭ ‬مقسمة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة،‭ ‬نصف‭ ‬أو‭ ‬ربع‭ ‬كيلو،‭ ‬وكنت‭ ‬أشتري‭ ‬ربع‭ ‬الكيلو‭ ‬بألف‭ ‬دينار‭ ‬ولا‭ ‬يكفيني‭ ‬لأسبوع‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬التعاطي‭ ‬النشط“‭.‬

 

المدمن‭ ‬يعيش‭ ‬ليتعاطى‭ ‬ويتعاطى‭ ‬لكي‭ ‬يعيش

تعرف‭ ‬معصومة‭ ‬عبدالرحيم‭ )‬طبيبة‭ ‬نفس‭ ‬استشارية،‭ ‬رئيسة‭ ‬قسم‭ ‬وحدة‭ ‬المخدرات‭ ‬والكحول‭ ‬بمستشفى‭ ‬الطب‭ ‬النفسي‭ ‬سابقا‭( ‬الإدمان‭ ‬بأنه‭ ‬”التعود‭ ‬الشديد‭ ‬على‭ ‬استعمال‭ ‬إحدى‭ ‬المواد‭ ‬والعقاقير‭ ‬المخدرة‭ ‬أو‭ ‬المنبهة‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للمدمن‭ ‬الانقطاع‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬المواد،‭ ‬ويُحدث‭ ‬أعراض‭ ‬نفسية‭ ‬وعضوية‭ ‬تختلف‭ ‬باختلاف‭ ‬المادة‭ ‬المخدرة‭ ‬أو‭ ‬المنبهة“‭.‬

بينما‭ ‬يعرف‭ ‬خالد‭ ‬الحسيني‭ - ‬وهو‭ ‬رئيس‭ ‬مركز‭ ‬نصف‭ ‬الطريق‭ ‬للتعافي‭ ‬من‭ ‬الإدمان‭ - ‬المدمن‭ ‬بأنه‭ ‬“الإنسان‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬لكي‭ ‬يتعاطى‭ ‬ويتعاطى‭ ‬لكي‭ ‬يعيش،‭ ‬وليس‭ ‬له‭ ‬أي‭ ‬هدف‭ ‬آخر‭ ‬سوى‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬جرعات‭ ‬من‭ ‬المخدر،‭ ‬وهو‭ ‬إنسان‭ ‬يتنازل‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬ذلك،‭ ‬قد‭ ‬يتنازل‭ ‬عن‭ ‬كرامته‭ ‬أو‭ ‬إنسانيته‭ ‬مثلًا“‭.‬

وأشار‭ ‬الحسيني‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المجتمع‭ ‬يقصي‭ ‬المدمن‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬احتوائه،‭ ‬رغم‭ ‬كونه‭ ‬ضحية‭ ‬في‭ ‬الأساس،‭ ‬فقد‭ ‬يكون‭ ‬ضحية‭ ‬تجار‭ ‬المخدرات،‭ ‬أو‭ ‬مشكلات‭ ‬أسرية،‭ ‬وضحية‭ ‬تخلّي‭ ‬كثيرين‭ ‬عن‭ ‬مسؤوليتهم‭ ‬في‭ ‬التوعية‭ ‬والتثقيف‭ ‬بأضرار‭ ‬المخدرات‭.‬

ولفت‭ ‬الحسيني‭ ‬الى‭ ‬ضرورة‭ ‬انتباه‭ ‬الأهالي‭ ‬لسلوك‭ ‬أبنائهم،‭ ‬وعدم‭ ‬الانتظار‭ ‬حتى‭ ‬يصل‭ ‬الشاب‭ ‬لمرحلة‭ ‬الإدمان‭ ‬النشط‭ ‬كمعظم‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬عليه‭ ‬فيصعب‭ ‬علاجه،‭ ‬ومن‭ ‬أشكال‭ ‬السلوك‭ ‬المؤدي‭ ‬للانجرار‭ ‬خلف‭ ‬المخدرات‭: ‬قلة‭ ‬الثقافة‭ ‬الدينية،‭ ‬حب‭ ‬البروز‭ ‬والظهور‭ ‬بمظهر‭ ‬القوي،‭ ‬العزلة،‭ ‬مصاحبة‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬سنه‭.‬

ومن‭ ‬أهم‭ ‬علامات‭ ‬وصول‭ ‬الشاب‭ ‬لمرحلة‭ ‬الإدمان‭: ‬طلب‭ ‬المال‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬اعتيادي،‭ ‬الانعزال‭ ‬في‭ ‬الغرفة‭ ‬خلف‭ ‬الأبواب‭ ‬الموصدة،‭ ‬التأخر‭ ‬في‭ ‬دورات‭ ‬المياه،‭ ‬النوم‭ ‬الكثير‭.‬

 

إحصاءات‭ ‬معدومة‭ ‬وأرقام‭ ‬غير‭ ‬دقيقة

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬حصر‭ ‬470‭ ‬حالة‭ ‬تعافي‭ ‬في‭ ‬مركزين‭ ‬خاصين‭ ‬للعلاج‭ ‬في‭ ‬4‭ ‬أعوام‭ ‬فقط،‭ ‬‭ ‬وضبط‭ ‬519‭ ‬متعاطيًا‭ ‬بالعام‭ ‬2020‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الإحصاءات‭ ‬الرسمية‭ ‬لأعداد‭ ‬المدمنين‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬معدومة‭.‬

وسعت‭ ‬“البلاد”‭ ‬للتواصل‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬للتحقق‭ ‬من‭ ‬دقة‭ ‬أعداد‭ ‬المدمنين‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬المهنية‭ ‬الصحافية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الرد‭ ‬لم‭ ‬يصل‭ ‬حتى‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭. ‬

وغياب‭ ‬الإحصاءات‭ ‬يعرقل‭ ‬جهود‭ ‬إيجاد‭ ‬المستشفيات‭ ‬والكوادر‭ ‬الطبية،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬نشر‭ ‬التوعية‭ ‬وإجراء‭ ‬الدراسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والصحية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬حسب‭ ‬معصومة‭ ‬عبدالرحيم‭.‬

وتعتبر‭ ‬وحدة‭ ‬المؤيد‭ ‬لعلاج‭ ‬وتأهيل‭ ‬مدمني‭ ‬الكحول‭ ‬والمخدرات‭ ‬التي‭ ‬تأسست‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬1987‭ ‬بمستشفى‭ ‬الطب‭ ‬النفسي‭ ‬التابع‭ ‬لوزارة‭ ‬الصحة،‭ ‬الجهة‭ ‬الحكومية‭ ‬الوحيدة‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬علاج‭ ‬المدمنين‭ ‬مجانًا،‭ ‬ولا‭ ‬يتوافر‭ ‬في‭ ‬الوحدة‭ ‬جناح‭ ‬خاص‭ ‬للإناث،‭ ‬اللاتي‭ ‬يلجأن‭ ‬للعلاج‭ ‬في‭ ‬المستشفيات‭ ‬الخاصة‭ ‬أو‭ ‬السفر،‭ ‬بكلفة‭ ‬عالية‭ ‬تزيد‭ ‬عن‭ ‬150‭ ‬دينارًا‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الواحد‭.‬

 

“CBD” للشيشة الإلكترونية بـ 5 دنانير يؤكد‭ ‬خالد‭ ‬الحسيني‭ ‬أن‭ ‬المخدرات‭ ‬باتت‭ ‬منتشرة‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬الشباب‭ ‬بأسعار‭ ‬في‭ ‬متناول‭ ‬اليد،‭ ‬وأنه‭ ‬يمكن‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المواد‭ ‬المخدرة‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والمواقع‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬انتشار‭ ‬بيع‭ ‬مادة‭ ‬الـ‭ ‬CBD‭ ‬عبر‭ ‬الانترنت،‭ ‬وهي‭ ‬مادة‭ ‬سائلة‭ ‬تدخن‭ ‬في‭ ‬الشيشة‭ ‬الإلكترونية‭.‬

وخلال‭ ‬بحث‭ ‬سريع‭ ‬أجرته‭ ‬”البلاد“‭ ‬على‭ ‬الإنترنت،‭ ‬تبين‭ ‬وجود‭ ‬مواقع‭ ‬إلكترونية‭ ‬توفر‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬بنكهات‭ ‬مختلفة‭ ‬وسعر‭ ‬منخفض‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬5‭ ‬دنانير‭.‬

 

أساليب‭ ‬علاجية‭ ‬مختلفة

ومركز‭ ‬نصف‭ ‬الطريق‭ ‬يفتح‭ ‬نافذة‭ ‬أمل‭ ‬للمدمنين

تؤكد الاستشارية معصومة عبدالرحيم أن الأساليب العلاجية مختلفة، ومن الأدوية العلاجية المعتمدة من منظمة الصحة العالمية دواء Suboxone، ويقلل من الرغبة الشديدة للمخدر الأفيوني ويهدئ من أعراض الانسحاب الناتجة عن توقف التعاطي، وهو مستخدم في الدول المتقدمة ولكنه غير متوافر في البحرين.

وتضيف‭ ‬عبدالرحيم‭ ‬أن‭ ‬العلاج‭ ‬السلوكي‭ ‬والجلسات‭ ‬النفسية‭ ‬مفيدة‭ ‬أيضًا،‭ ‬ولكن‭ ‬خطة‭ ‬العلاج‭ ‬تختلف‭ ‬باختلاف‭ ‬كل‭ ‬مريض‭ ‬ونوعية‭ ‬الاعتمادية‭ ‬لديه،‭ ‬وأن‭ ‬زمالة‭ ‬المدمنين‭ ‬المجهولين‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬برنامج‭ ‬الـ‭ ‬12‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة‭ ‬جدًا‭ ‬أيضًا،‭ ‬ويجب‭ ‬توثيق‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المستشفى‭ ‬وزمالة‭ ‬المدمنين‭ ‬المجهولين‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أسس‭ ‬خالد‭ ‬الحسيني‭ ‬مركز‭ ‬نصف‭ ‬الطريق‭ ‬للتعافي‭ ‬من‭ ‬الإدمان‭ ‬بالعام‭ ‬2018،‭ ‬ويقوم‭ ‬المركز‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬الاحتضان‭ ‬الشامل‭ ‬بالسكن،‭ ‬وبطاقة‭ ‬استيعابية‭ ‬تكفي‭ ‬لـ‭ ‬20‭ ‬سريرًا‭.‬

ويؤكد‭ ‬أنه‭ ‬عالج‭ ‬470‭ ‬حالة‭ ‬إدمان‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬عمله‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬قبل‭ ‬4‭ ‬أعوام‭.‬

وكان‭ ‬الحسيني‭ ‬قد‭ ‬خضع‭ ‬لدورات‭ ‬تدريبية‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬والدمام‭ ‬مسبقًا،‭ ‬وعمل‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬بداية‭ ‬الطريق‭ ‬بالدمام‭ ‬ثم‭ ‬مستشفى‭ ‬الأمل‭ ‬مشرفا‭ ‬للسكن‭ ‬ثم‭ ‬معالجا،‭ ‬ونقل‭ ‬تجربته‭ ‬بتأسيس‭ ‬جمعية‭ ‬التعافي‭ ‬من‭ ‬المخدرات‭ ‬بالحد‭ ‬العام‭ ‬2011‭.‬

 

سر‭ ‬الـ‭ ‬12‭ ‬خطوة

يمارس‭ ‬الحسيني‭ ‬أساليب‭ ‬علاجية‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬نصف‭ ‬الطريق‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أنها‭ ‬الأساليب‭ ‬المتبعة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية،‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬احتواء‭ ‬الشخص‭ ‬بالإقامة‭ ‬الكاملة،‭ ‬لتغيير‭ ‬الأفكار‭ ‬والسلوك‭ ‬السلبي‭ ‬معتمدًا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬كتاب‭ ‬الـ‭ ‬12‭ ‬خطوة،‭ ‬فكرة‭ ‬اليوم،‭ ‬المحاضرات‭ ‬الفردية‭ ‬والجماعية،‭ ‬الأنشطة‭ ‬الرياضية،‭ ‬الرحلات‭ ‬والترفيه‭ ‬ضمن‭ ‬برنامج‭ ‬متكامل‭ ‬لاحتضان‭ ‬المدمن‭.‬

ويشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬كتاب‭ ‬الـ‭ ‬12‭ ‬خطوة‭ ‬يعلم‭ ‬الإنسان‭ ‬تغيير‭ ‬طريقة‭ ‬حياته،‭ ‬والعيش‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬مواد‭ ‬مخدرة،‭ ‬إضافة‭ ‬لتعليم‭ ‬الفرد‭ ‬نقاط‭ ‬القوة‭ ‬والضعف‭ ‬في‭ ‬شخصيته،‭ ‬التصالح‭ ‬مع‭ ‬النفس‭ ‬والآخرين‭ ‬ومواجهة‭ ‬الحياة‭.‬

ويقول‭ ‬خالد‭ ‬الشملان،‭ ‬وهو‭ ‬معالج‭ ‬نفسي‭ ‬بالمركز‭ ‬ومتعاف‭ ‬من‭ ‬الإدمان،‭ ‬إن‭ ‬العلاج‭ ‬يتضمن‭ ‬3‭ ‬أقسام‭: (‬علاج‭ ‬عقلي‭ ‬بتصحيح‭ ‬الأفكار،‭ ‬علاج‭ ‬روحي‭ ‬بالدين‭ ‬والحب‭ ‬والمساعدة،‭ ‬وعلاج‭ ‬جسدي‭ ‬بالرياضة‭ ‬والحركة‭).‬

 

مدمن‭ ‬يعالج‭ ‬مدمنًا‭ ‬بالحب‭ ‬كطفل‭ ‬يولد‭ ‬من‭ ‬جديد

سألت‭ ‬خالد‭ ‬الشملان‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬نجاح‭ ‬مركز‭ ‬نصف‭ ‬الطريق‭ ‬للتعافي‭ ‬فأجاب‭ ‬”نجاح‭ ‬المركز‭ ‬باختصار‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬مدمن‭ ‬يساعد‭ ‬مدمنا‭ ‬بالحب“‭.‬

وكان‭ ‬الشملان‭ ‬قد‭ ‬عانى‭ ‬سلفًا‭ ‬من‭ ‬آفة‭ ‬الإدمان‭ ‬وخضع‭ ‬لعلاج‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬وعاد‭ ‬للبحرين‭ ‬راغبًا‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬المدمنين‭ ‬على‭ ‬التعافي‭.‬

ويضيف‭ ‬الشملان‭ ‬”كما‭ ‬تحررت‭ ‬من‭ ‬قيود‭ ‬الإدمان،‭ ‬رغبت‭ ‬في‭ ‬تحرير‭ ‬غيري،‭ ‬عملي‭ ‬معالجا‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬هنا‭ ‬يشمل‭ ‬تحرير‭ ‬من‭ ‬أمامي،‭ ‬وإطلاق‭ ‬زمام‭ ‬نفسه‭ ‬للحديث‭ ‬بما‭ ‬يجول‭ ‬في‭ ‬صدره،‭ ‬نحن‭ ‬نعيش‭ ‬هنا‭ ‬حياة‭ ‬أشبه‭ ‬بالحضانة‭ ‬التي‭ ‬تحفز‭ ‬فيها‭ ‬الأطفال‭ ‬على‭ ‬بدء‭ ‬الكلام‭ ‬والنطق،‭ ‬كالطفل‭ ‬يولد‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬يولد‭ ‬الشباب‭ ‬هنا،‭ ‬وأشعر‭ ‬بسعادة‭ ‬بالغة‭ ‬حين‭ ‬يبدأ‭ ‬إخوتي‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬والاندماج‭ ‬مع‭ ‬المجموعة‭ ‬وأرى‭ ‬فيهم‭ ‬أبنائي‭ ‬الذين‭ ‬يكبرون‭ ‬أمام‭ ‬عيني“‭.‬

 

تحديات العودة للمجتمع... ورغبة في الاندماج

يؤكد‭ ‬الحسيني‭ ‬أنه‭ ‬يعكف‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬حياة‭ ‬المتعافي‭ ‬قبل‭ ‬الخروج‭ ‬للمجتمع،‭ ‬عبر‭ ‬إيجاد‭ ‬نمط‭ ‬حياة‭ ‬صحي‭ ‬أكثر،‭ ‬وقد‭ ‬يتحقق‭ ‬ذلك‭ ‬عبر‭ ‬إيجاد‭ ‬وظائف‭ ‬تشد‭ ‬على‭ ‬إزر‭ ‬المتعافي‭ ‬وتمنعه‭ ‬من‭ ‬العودة‭ ‬والانتكاسة،‭ ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬يشكل‭ ‬تحديا‭ ‬في‭ ‬الآن‭ ‬ذاته،‭ ‬عبر‭ ‬إيجاد‭ ‬وظائف‭ ‬مناسبة‭ ‬للمتعافين‭.‬

ويأمل‭ ‬توسعة‭ ‬المركز‭ ‬وتوفير‭ ‬خدمات‭ ‬ومساحة‭ ‬أكبر‭ ‬للأنشطة‭ ‬اليومية‭ ‬مثل‭ ‬البلياردو‭ ‬والمسبح،‭ ‬وأضاف‭ ‬في‭ ‬ختام‭ ‬اللقاء‭ ‬”أطمح‭ ‬لفتح‭ ‬مستشفى‭ ‬يسع‭ ‬200‭ ‬سرير‭ ‬وليس‭ ‬بالضرورة‭ ‬أن‭ ‬أملكه،‭ ‬ولكن‭ ‬يكفي‭ ‬أن‭ ‬أعمل‭ ‬فيه،‭ ‬وهو‭ ‬مشروع‭ ‬ناجح‭ ‬اقتصاديًا‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬يبصر‭ ‬النور“‭.‬

 

”رحلة‭ ‬لدولة‭ ‬آسيوية‭ ‬رمتني‭ ‬في‭ ‬السجن‭ ‬عامين“

الشبو... المادة المحفزة للجرائم

”كان‭ ‬لدي‭ ‬سلوك‭ ‬سيئ‭ ‬مثل‭ ‬التمرد‭ ‬والكذب‭ ‬والهرب‭ ‬من‭ ‬المدرسة،‭ ‬وكنت‭ ‬أشعر‭ ‬بأنني‭ ‬أجد‭ ‬نفسي‭ ‬أستطيع‭ ‬مواجهة‭ ‬الحياة‭ ‬بالتعاطي،‭ ‬يتركني‭ ‬الخجل‭ ‬والخوف‭ ‬والعنف‭ ‬وأصبح‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬التحدث‭ ‬للآخرين‭ ‬بهدوء‭ ‬كلما‭ ‬تعاطيت‭ ‬فأتمادى‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬أكثر‭ ‬وأكثر“‭ ‬يقول‭ ‬جاسم‭.‬

دمرّ‭ ‬الإدمان‭ ‬حياته،‭ ‬ومنعه‭ ‬من‭ ‬إكمال‭ ‬دراسته‭ ‬الجامعية،‭ ‬فطلب‭ ‬من‭ ‬أهله‭ ‬إرساله‭ ‬للخارج‭ ‬للدراسة‭ ‬علّه‭ ‬يترك‭ ‬أصحابه‭ ‬المدمين‭ ‬ويعود‭ ‬لرشده‭ ‬وعقله،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬إن‭ ‬هبطت‭ ‬الطائرة‭ ‬في‭ ‬البلد‭ ‬الآسيوي‭ ‬حتى‭ ‬تعاطى‭ ‬مجددًا‭ ‬وكره‭ ‬نفسه‭ ‬أكثر‭.‬

ويصف‭ ‬جاسم‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة‭ ‬من‭ ‬حياته‭ ‬بأنها‭ ‬الأسوأ‭ ‬والأشد‭ ‬ضياعًا،‭ ‬حيث‭ ‬عاش‭ ‬في‭ ‬شقة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬كهرباء‭ ‬ولا‭ ‬أساسيات‭ ‬الحياة،‭ ‬وتعاطى‭ ‬فيها‭ ‬مواد‭ ‬أخرى‭ ‬أسوأ‭ ‬مثل‭ ‬الشبو،‭ ‬الهيروين،‭ ‬والحبوب‭ ‬مثل‭ ‬الزينكس‭ ‬والروش‭ ‬والفاليوم،‭ ‬والخمور‭.‬

ويضيف‭ ‬أن‭ ‬”الشبو“‭ ‬حرمه‭ ‬من‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تناول‭ ‬الطعام‭ ‬والنوم‭ ‬والحركة،‭ ‬وكان‭ ‬يعجز‭ ‬عن‭ ‬فعل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬سوى‭ ‬التعاطي،‭ ‬حتى‭ ‬ارتكب‭ ‬جريمة‭ ‬خطف‭ ‬وبيع‭ ‬مخدر،‭ ‬قضى‭ ‬بسببها‭ ‬سنتين‭ ‬من‭ ‬عمره‭ ‬يتعاطى‭ ‬الهيروين‭ ‬في‭ ‬السجن،‭ ‬وعاش‭ ‬حياة‭ ‬يرثى‭ ‬لها‭ ‬بمجاورة‭ ‬المجرمين،‭ ‬حياة‭ ‬كلها‭ ‬كذب‭ ‬مرواغة‭ ‬واستغلال،‭ ‬كان‭ ‬سهلًا‭ ‬عليه‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬لأنه‭ ‬اعتاد‭ ‬هذه‭ ‬الصفات‭.‬

يبتسم‭ ‬جاسم‭ ‬ويقول‭ ‬”الله‭ ‬يحبني‭ ‬وأنقذني‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬أقدمت‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬الانتحار،‭ ‬لأنه‭ ‬يعرف‭ ‬بأن‭ ‬في‭ ‬داخلي‭ ‬خيرا“،‭ ‬ويذكر‭ ‬أن‭ ‬حياته‭ ‬تدهورت‭ ‬بعد‭ ‬إدمان‭ ‬الشبو،‭ ‬وكرهه‭ ‬الناس‭ ‬جميعًا‭.‬

بداية‭ ‬النهاية‭... ‬قرار‭ ‬يتطلب‭ ‬الصبر‭ ‬

”كنت‭ ‬مدمنا‭ ‬أعيش‭ ‬حالات‭ ‬اليأس‭ ‬والإحباط‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬التعاطي،‭ ‬وأخاف‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الناس،‭ ‬وشخَّص‭ ‬الأطباء‭ ‬حالتي‭ ‬بأنني‭ ‬مصاب‭ ‬بالفصام‭ ‬الذي‭ ‬يمنعني‭ ‬من‭ ‬الجلوس‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬يزيد‭ ‬فيه‭ ‬الأفراد‭ ‬عن‭ ‬5‭ ‬أشخاص،‭ ‬وأعطوني‭ ‬أدوية‭ ‬زادت‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬حالتي،‭ ‬حيث‭ ‬كنت‭ ‬أستخدم‭ ‬الأدوية‭ ‬للتعاطي‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬العلاج،‭ ‬واتخذتها‭ ‬بديلًا‭ ‬عن‭ ‬المخدر“‭.‬

هكذا‭ ‬وصف‭ ‬خالد‭ ‬الشملان‭ ‬نهاية‭ ‬الإدمان‭ ‬لديه،‭ ‬وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يراقب‭ ‬الناس‭ ‬وهم‭ ‬يذهبون‭ ‬لأعمالهم‭ ‬وحياتهم‭ ‬كل‭ ‬نهار‭ ‬ويشعر‭ ‬بالأسى،‭ ‬فقرر‭ ‬وضع‭ ‬حد‭ ‬لمأساته،‭ ‬وأكد‭ ‬أن‭ ‬نهاية‭ ‬المدمن‭ ‬الذي‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬العلاج‭ ‬تكون‭ ‬هكذا‭.‬

أما‭ ‬عن‭ ‬جاسم‭ ‬ومحمد،‭ ‬فالاثنان‭ ‬كرها‭ ‬حياتهما‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬نبذهما‭ ‬المجتمع،‭ ‬وشعرا‭ ‬برغبة‭ ‬في‭ ‬التوقف‭ ‬حالًا‭ ‬وعمل‭ ‬الخير،‭ ‬وجربا‭ ‬العلاج‭ ‬بالأدوية‭ ‬في‭ ‬مستشفيات‭ ‬التعافي‭ ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬نفعًا،‭ ‬فتوجها‭ ‬لمركز‭ ‬نصف‭ ‬الطريق‭ ‬الذي‭ ‬رسم‭ ‬لهما‭ ‬طريق‭ ‬التعافي‭ ‬بالخطوات‭ ‬الاثني‭ ‬عشر‭ ‬وبالحب‭.‬

في‭ ‬ظل‭ ‬الحاجة‭ ‬للحب،‭ ‬تمد‭ ‬شجرة‭ ‬الإدمان‭ ‬أغصانها‭ ‬لتخلق‭ ‬دفئا‭ ‬وهميًا‭ ‬يسميه‭ ‬المدمنون‭ ‬”الهدوء،‭ ‬المزاج،‭ ‬والحياة‭ ‬الطبيعية“‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬تمنحهم‭ ‬الحياة‭ ‬لذتها‭ ‬يومًا‭..‬

هي‭ ‬حفرة‭ ‬تكبر‭ ‬في‭ ‬الصدر،‭ ‬وقع‭ ‬فيها‭ ‬شباب‭ ‬اعتقدوا‭ ‬أنها‭ ‬ملاذهم،‭ ‬ثم‭ ‬اكتشفوا‭ ‬أنهم‭ ‬أمضوا‭ ‬عمرهم‭ ‬يركضون‭ ‬مثقلين‭ ‬بأوزار‭ ‬خطاياهم‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭ ‬له،‭ ‬حتى‭ ‬تقدم‭ ‬الشجعان‭ ‬منهم‭ ‬للارتماء‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬التعافي‭ ‬ومجابهة‭ ‬أمواج‭ ‬الانتكاسة‭ ‬حتى‭ ‬النجاة‭.‬