صدى أفريقيا.. استِعْمار فرنسا.. التاريخ يتحدث
| احمد عبدالله الحسين
تُطالعنا الاخبار وزخم التغيرات في بعض اقطار القارة الأفريقية في تحديد بوصلتها، ونشدان حماية مقوماتها، قارة ما برحت تنزف جراحا عبر التاريخ، وهي بشعوبها لها أن تعيش كغيرها دونما مكائد من أحد. والمؤمل لها ان تكرس حاضرها ومستقبلها باخذ العبرة والتنمية وبناء الإنسان.
فرنسا وأفريقيا لهما تماس قديم، وتجذَّر فعل فرنسا بهذه القارة بمفهوم الاستعمار الذي ضاهى بعض جوانبه ظلامية امبراطورية إنكلترا في ظلمها وسرديته خلال القرن السادس عشر ميلادي وما بعده. والاستعمار الفرنسي ملئ صفحات الزمان، بحروب ودماء ابرياء واستلاب ثروات ظلم واستعلاء، ونفي للأحرار وإقصاء، لازال رجيعة الى اليوم يحكى مأسي التغول الفرنكوفوني. أسست فرنسا التي استقرت في مدينة "الجزائر" منذ عام 1830م كمستعمرة استيطانية، ولم يكن هناك حينها إلا "تونس والمغرب" ثم وضعت يدها بعدها، على "وهران ومراكش" امتدادا إلى "القيروان". وصدت الاتراك في قسنطينة. نجحت فرنسا في إدماج الجزائريين ذوي الديانة اليهودية، اكثر مما استطاعت مع السكان الأصليين المسلمين. وكان لها في الجزائر شعب من المواطنيين المستعمرين، مزيج من الفرنسيين والاسبان والمالطيين والايطاليين واليهود المحليين مقابل شعب لم يدمج من المسلمين.
فرنسا عام 1862م وضعت يدها على الميناء الاستراتيجي "لدكار" الذي يحكم جنوب الأطلسي. واحتلت السنغال وبعدها استولت على نهر الكونغو. وضمت جزيرة مدغشقر إلى املاكها فكان لها نفوذ ممتد من الجزائر إلى الكونغو، ومن دكار إلى جيبوتي، أي مُلكا أفريقيا واسعا من كتلة واحدة. التقى فيها التقدم الفرنسي من الغرب إلى الشرق مع التقدم الإنكليزي من الشمال إلى الجنوب في هذة القارة السوداء، فكان النيل الأعلى هو الفاصل للاستعمارين. جندت فرنسا كما فعلت بريطانيا في الهند الأفارقة من الجزائر والمغرب والسنغال، وأسست وحدات من القناصة بقيادة ضباط فرنسيين، وكذلك قوات ما سمي "جيش أفريقيا" وفتحت في باريس مدرسة خاصه في عام 1900م لتخريج قادة من أفريقيا لبذرة حكام يدينون لها بالولاء.
تقاسم الاوربيون عام 1885م القارة الأفريقية اذ لم يكن الانكليز والفرنسيون وحدهم المستعمرون، فكان حوض الكونغو الواسع من نصيب بلجيكا التي استغلت ثرواتها من العاج والمطاط والنحاس والماس، وألمانيا التي دخلت المنافسة متأخرة فأخذت الكاميرون ونامبيا وتنزانيا. واحتفظ البرتغاليين في افريقيا ببقايا مجدهم القديم بأنغولا وموزنبيق. أما ايطاليا فكان لها ارتيريا والصومال وانتزعت ليبيا من الأتراك. كان العالم حينها محتلا من الأوربيين أو الأميركيين حيث كانت دول أمريكا اللاتينية تحت حماية الولايات المتحدة، ويستثنى من هذا ما هو تحت نفوذ الإمبراطورية القيصيرية الروسية لأرمينيا وجورجيا واذربيجان وبخارى وسمرقند.
السلطنة العثمانية فقد تقلص نفوذها في أجزاء من أفريقيا ومناطق الخليج وبلدان الأناضول، خصوصا فيما سماه الأوربيين لها فترة "الرجل المريض" التاسع عشر ميلادي وما بعده والذي تمخض منه نصيب احتلال فرنسا لسوريا ولبنان بعد انتصار عام 1918م خلال الحرب العالميه الاولى.
هكذا كانت ايادي الأكلة على قصعة ثروات الشعوب تدفعهم مصالح واطماع وتنافس. قدر مضى لجغرافية عانى شعوبها وتاريخها الكثير من ظلم المستعمرين وصنفوهم بالعالم الثالث أو النامي. وما على الدهر انتقاد على حال فان الحال ذات انتقال