خريطتنا ضيقة على الإنجازات الإنسانية لجلالته

البابا فرنسيس.. أَطلِع العالم عن جلالة الملك المعظّم

| البلاد – علوي الموسوي

قداسة البابا فرنسيس باب الفاتيكان..  لقد مضت على الزيارة الميمونة التي قام بها قداسة البابا فرنسيس للبحرين ما يقرب من 11 شهرًا، وكانت الزيارة ناجحة بكل ما تحمل الكلمة من معانٍ، ووصفت بالتاريخية.

 البابا فرنسيس.. زرتَ البحرين وزيارتكم لم تكن كباقي الزيارات إنما هي زيارة تاريخية، اطلعتم من خلالها عن كثب على التنوع الثقافي والديني والاجتماعي والتسامح والتعايش في البحرين، سواء ما يتعلق بالثقافات والديانات المختلفة أو الفنون وكل إنجازات الإنسان في البحرين.

ووقفت على حرية ممارسة العبادات لكافة الأديان والطوائف ومدى قوى الترابط والتسامح بين الناس في المملكة، ورفعت الصوت عاليًا للعالم متخذًا أرض البحرين منبرًا لإسماع العالم عن قيم التسامح والتعايش، إلا أن العالم ما زال متعطشًا لنقل ما شاهدته وسمعته من تطلعات جلالة الملك المعظم لوضع البحرين في القادم في مقامها الطليعي على صعيد المنطقة والعالم العربي والعالم.

البابا فرنسيس.. إن جلالة الملك هو من فجر الكلام، وملك القلوب، هو الذي خرج على كل القوالب والرموز التي لم يجرؤ أحد على الاقتراب منها وأطلق مشروعه الإصلاحي وبايعه 98,4 % من شعب البحرين، جاء ثائرًا على كثير من الأمور والأشياء المألوفة وغيّر واقع البحرين إلى طريق المجد، وحمل مشروعه الإصلاحي على أكتافه وسار به إلى الأمام رغم ثقل الإصلاح في المنطقة.

جلالته لا يؤمن بالأشياء التي تشتعل بسرعة؛ لأنها تنطفئ بسرعة، فأراد أن يكون الإصلاح مسيرة حافلة بالإنجازات، انطلقت جذوته قبل 20 عامًا ومازال مستمرًّا تنهل منه البحرين بكل عنفوانها، هذا المشروع الإصلاحي يعتبر جرأة غير مطروقة من زمن بعيد، أطلقه في زمن تقمع فيه الموهبة والحرية في البلدان الأخرى.

 أي شجاع هذا الذي أعاد تشريع الحياة البرلمانية والنقابية والبلدية وأعاد المغتربين وأطلق المساجين وسعى إلى تعمير البشر والحجر في البحرين بكل ما استطاع إليه سبيلًا.

قداسة البابا.. إن جلالة الملك المعظم منارة أرشد سفينة البحرين التي أبحرت في ظلام المنطقة لطريق الصواب، ففي الوقت الذي يذبح فيه الإنسان في العراق وسوريا وبعض الأقطار على الهوية كان الإنسان البحريني شريكًا في تقوية مناعة الدولة والمساهمة في التشريع والرقابة.

جلالته آمن بالإصلاح والشفافية؛ لذلك أطلق ديوان الرقابة المالية وهو يعنى بمتابعة وتدقيق ورقابة كل شاردة وواردة لدى الدولة ومؤسساتها وشركاتها، هذا الجهاز المسؤول عن رصد الفساد ومواجهته ومحاربته.

 إن حضورك في البحرين يا  قداسة البابا كان سليل إنجازات عظيمة بدأت منذ أكثر من 23 عامًا وأكثر وما زالت مستمرة، هذه الإنجازات التي أظلت ظهيرة صحراء البحرين القاحلة.

للبحرين صفحات بيضاء خلّدها ومازال يخلدها التاريخ ولعلّ من أبرز هذه الصفحات المقروءة التي كتبت بحبر البحرين صفحة تحولات الديمقراطية التي أرسى دعائمها المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم. الذي أطلقه قبل 20 عامًا وسهر على رعايته إيمانًا منه بأهمية الإصلاح المبني على الواقعية السياسية.

 ومثل هذا المشروع العملاق لم يكن ليرى النور أو ليبقى متألقًا سياسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا على مجمل القطاعات لولا أركانه الإنسانية والوطنية التي بلا شك كانت وستبقى مداميك صيرورته.

البابا فرنسيس.. أكثر من عشرة أشهر مضت منذ زيارتك إلى البحرين ولا نشك لحظة بأن موقع قداسة البابا الإنساني والعالمي قد لمس ما لمسه من إنجازات صناعة الإنسان والأوطان لدينا، وإن هذا المشهد الكبير بكل أبعاده المتقدمة قد جعله يحمل أمانة لتعريف العالم عن البحرين كما رآها عن قرب وما أرساه جلالة الملك المعظم من قواعد التعايش والتسامح الإنساني وحرية الأديان وتعدد الثقافات إضافة إلى كل ما يتعلق بمفردات حقوق الإنسان.

 الرجل الأول في البحرين من موقعه الملكي المعظم، أطلق العنان للحريات المدنية وبنى صروحًا لم تكن موجودة في المنطقة، وبالذات على مستوى الجمعيات السياسية والمجالس البلدية والبرلمان وبالذات النقابات العمالية التي سمح لها التحوّل القانوني في البحرين حسب المرسوم الصادر من جلالة الملك المعظم بأن تكون في موقع الصدارة بالنسبة لدول العالم، والبحرين هي الدولة الصغيرة في جغرافيتها، الكبيرة في المعاني القانونية فهي الدولة الوحيدة التي أقرت بنص القانون تدشين النقابات العمالية بإيداع خطاب إشهار لوزارة العمل مع توفير الحماية الضامنة لكل من يعمل في حقل الدفاع عن حقوق العمال.

وأطلق جلالته مشروعًا أخلاقيًّا يتعلق بالعقوبات البديلة والسجون المفتوحة وعمل على تبييض السجون بكل ما استطاع إليه سبيلًا، وتقدم البحرين نفسها كنموذج للإصلاح والتأهيل على مستوى العالم، وهو ما يعيد بناء الإنسان من جديد.

 وقاد جلالته واحدة من أوسع المشاريع الخدمية والإسكانية في المنطقة وذلك عندما تبنى هو شخصيًّا مشروع بناء 40 ألف وحدة سكنية بكافة مرافقها التربوية والخدمية والصحية، وعمل على تدشين شبكات طرق ومجارٍ وصرف صحي ذات مواصفات عالمية، ودعم رواتب المتقاعدين، وتحسين مستوى معيشة المواطنين عبر إطلاق العديد من المبادرات، ومجانية التعليم والعلاج بما في ذلك المقيمين.

 ولا يمكن أن يغيب عن البال أن جلالته كان ولا يزال يعمل بمبادرات واعدة بين الحين والآخر سواء على صعيد بلاده مملكة البحرين أو على صعيد الإقليم ممثلًا في عضوية البحرين في مجلس التعاون الخليجي، كما ودفع بدور البحرين الإقليمي إلى مستويات مرتفعة تخطت منطقة الخليج ووصلت إلى العمق العربي استنادًا إلى ما هو مطروح إلى استضافة البحرين القمة العربية في شهر مايو 2024، وتستعد البحرين من الآن إلى تنظيم هذا الحدث الكبير.

وأخيرًا أيها الحبر الأعظم.. إن للبحرين ملكًا ما أروعه يشتق من الرماد تبرًا ومن الجفاف نبعًا إصلاحيًّا لشتى ظروف الحياة، وسيظل اسمه عاليًا في بورصة التألق والإنجازات والإصلاح، لذلك نريدك أن تخبر العالم عن جلالة الملك المعظم ورسالته النبيلة الداعمة للإنسانية والتسامح والتعايش في العالم.