فيديو "البلاد": "ماما نوال" بعد 40 عاماً بغصة وحنين تكشف الستار عن ذكرياتها في عالم رياض الأطفال

| دلال العلوي تصوير رسول الحجيري

نوال فارس الدوسري كما يسميها أهل البديع "ماما نوال" والتي أفنت من حياتها أكثر من 40 عاماً في خدمة رياض الأطفال منذ الإنطلاقة في عام 1979م حتى لحظة الوداع الأخيرة في زمن الكورونا 2021م. بروضة دار الطفل التابعة لجمعية الهلال البحريني سابقاً والتي تحمل الآن أسم روضة الفيصل.

لأول مرة تكسر حاجز الصمت الإعلامي وحاورتها "البلاد" في ظهورها الحصري بمنزلها في البديع "ماما نوال" أغرقتنا بدموع حنينها لتكشف الستار عن الذكريات النابضة في أعماقها على أمل أن لا تفقد الأمل بالعودة.

محبة الأطفال لا تقدر بثمن الأهم أن نصنع الأثر لنبقى في ذاكرتهم هكذا عبّرت وحرصت الحنونة ماما نوال في طريقة تعاملها أن تحتوي الأطفال وتوفر لهم السكينة والبيئة النفسية والتربوية المناسبة لأنها تؤمن بأن التعليم السليم يتحقق بدعمهم نحو الإيمان بأنفسهم والشعور بالمسؤولية والاطمئنان، مهنة التعليم ليست سهلة كما يظنها البعض وتؤكد على المعلم ان يتحلى باالمصداقية والإنسانية قبل أن يؤدي مهنته مع طلاب العلم.

تقول ماما نوال ان الروضة احتضنت خليط مميز من الأولاد والبنات الذين لم تفرّق بينهم المذاهب بل جمعتهم صدف الأقدار وحتى الزي كان موحداً على الجنسين، "ماما نوال" كانت بؤرة التلاقي بين أطفال الجسرة وباربار وأبناء الدراز وبني جمرة والقُريّة الذين جلسوا على كراسي صفوفهم زملاء وأصدقاء، وتستذكر بعد مرور السنين لم ينقطع التواصل بينها وبين طلبتها وأولياء أمورهم حيث أتصل بها ذات يوم أحد طلابها وطلب رأيها في الزواج من زميلته التي كانت معه في الروضة وتمنى ان تشاركة باقي حياته فتحققت أمنيته، عبرّت ماما نوال عن فرحتها بحضورها حفل زواجهم الذي أثمر بأطفال رائعين.

دكتورة القلب، ملاك الرحمة، ضابط الجوازات وطيارين ومعلمين جميعهم من أبناء البديع وبعضهم من الجاليات العربية والأجنبية تفخر ماما نوال بأنها ساهمت في تعليمهم حتى نالوا نصيبهم من المناصب المرموقة بالإضافة إلى أنهم عندما يرونها في أماكن عملهم يتسابقون على خدمتها وتقديم المساعدة لها تقديرا لما قامت به معهم خلال 40 عام. تقول ماما نوال عندما تراهم يمارسون وظائفهم لا تنسى شقاوتهم في أرجاء الروضة.

تؤمن ماما نوال بأن "الطيب يغلب الطبيب" حسب قولها مؤكدة ذلك في سلوكيات "علاوي" والذي كان حركي وعدواني بعض الشيء ولكن كل صباح علّمته ان يغمرها ومن حولهم بكلمات طيبة ومعامله حسنه حتى شهدت ماما نوال التحول الإيجابي في شخصية "علاوي" وأثبتت بأنها لم تكن مديرة الروضة فحسب بل معالجة نفسية بالفطرة. كما استطاعت ماما نوال أن تحول مواقف العداوة والمشاعر السلبية بين الأطفال إلى صداقة ومحبة من خلال تعزيز ثقتهم بنفسهم وتعزيز روح الترابط بينهم، مصرّة أن العنف والضرب لن يصلح ما أفسده الشيطان بينهم.

أما من أكثر المواقف الصعبة التي مرت بها عندما يصلها خبر وفاة أحدهم و مرور شريط الذاكرة منذ أن كانوا أطفالاً على الكراسي الخشبية إلى آخر لحظة من احتضارهم على فراش الموت، كما إنها تتذكر الطالبة رافقتها ماما نوال إلى المقبرة وغرفة غسيل الأموات.

مستذكرة موقف آخر، للطالب المرحوم أحمد الشرقي "بو يوسف " رحمه الله والذي كانت له بصمته الإجتماعية الشعبية الواضحة وبعد مرور 20عام تقول ماما نوال كانت صورة بويوسف معلقة على أحد الجدران حتى زارتني بالصدفة أحد النساء وأجهشت في البكاء فجأة وقالت " ماما نوال كيف لم يسقط أحمد من ذاكرتك المزحمة بأبناء البديع؟" وكيف أنسى قطعة من الروح هم أطفالي قبل أن يكونوا طلاب الروضة.

اما من المواقف الطريفة، في أحد الأيام كان وليّ أمر يوبخ إبنه لأنه يتكاسل عن الحضور بالنوم حيث أخبرت ماما نوال ولي الأمر بأنها ستتولى مهمة إقناعه ونجحت في المهمة حيث أتفقت مع الطالب ان يحضر إلى الروضة يومياً وستكافئه بوقتاً اضافياً ليأخذ كفايته من النوم.

بحرقة ودموع غفيرة تقول ماما نوال"مازلت متعلقة بالروضة والأطفال ولكن ظروف الحياة الصعبة تمنعني من العودة إلى رياض الأطفال ولكنني لستث فاقدة الأمل بعودة الحياة إلى روضتنا" في عام 2021 بغصة وانقباضة في الصدر هكذا عبّرت ماما نوال حينما ودّعت الروضة وغادرت المكان بلا عودة بعد 40 سنة من العطاء على نشيدة "وين أيامنا وين قضيناها راحت في غمضة عين يا محلى ذكراها" وأخذت معها الكثير من الذكريات والصور واللوحات ودروع التميز لتبقى في حوزتها حتى آخر لحظة من عمرها.