القضاء المدني المستعجل يعيد طفلة للعيش مع والدتها

أقرضت زوجها 70 ألف دينار لاستكمال بناء بيت الزوجية وكافئها بطرد ابنتها اليتيمة

| شيماء عبدالكريم

استغل زوج مشاعر زوجته في بداية مرحلة زواجهم، وطلب منها إقراضه مبلغاً مالياً لاستكمال بناء بيت الزوجية، فأقرضته الزوجة، لكنه بعد فترة طرد ابنتها التي تمتلك حق حضانتها من زوجها السابق المتوفي من البيت، للضغط عليها للتنازل عن حقوقها الشرعية والقانونية.

وتشير التفاصيل بحسب ما افاد به المحامي عبد الهادي خمدن بأن موكلته الزوجة تمتلك حق حضانة طفلتها التي أنجبتها من زوجها السابق، بحكم أن والد الطفلة متوفي، وتزوجت الزوجة بزوجها الحالي، واتفقا شفويا على أن تعيش طفلتها معهم ومع أطفاله في بيت واحد، واستغل الزوج رغبة زوجته في بناء اسرة جديدة، وطلب منها أن تقرضه مبلغ 70 ألف دينار لاستكمال بناء بيت الزوجية، وذلك لأن البنوك لن تقرضه مجددا او ستطلب منه فائدة اعلى، وبدورها أقرضته الزوجة المبلغ المذكور وبسند موثق، وبعد مرور فترة قررا كلا الطرفين في أن يتم استبدال ثمن القرض الذي يجب أن يسلمه الزوج لزوجته بتمليكها 20% من المنزل الذي يعيشون فيه، ونظرا لأن المنزل مرهون، فلا يمكن للزوجة توثيق حصتها البالغة 20%، فلجأ الزوج للقضاء الشرعي لإثبات التسوية التي أبرمها مع زوجته، وبناء على ذلك تم الحكم بإثبات إقرار الزوج بالمديونية وإثبات الاتفاق القاضي باستبدال المديونية الى تمليكها 20٪؜ من البيت.

وبعد مرور فترة أراد الزوج أن يتخلص من زوجته ومن دفع مؤخر صداقها، وبغى الاستيلاء على حصتها من ملكية البيت، فلجأ الى مضايقتها وهجرها، وطلب من العاملات المنزليات ازعاجها ومضايقتها، حتى تخرج من المنزل وتطلب الطلاق وتتنازل عن حقوقها الشرعية والقانونية (مؤخر الصداق وحصتها من البيت)، ولكن الزوجة تجاهلت كل الإساءات والمضايقات، فلم يحصل الزوج على مراده، ما حدا به الامر الى اللجوء الى وسيلة أخرى إضافية وهي طرد ابنة زوجته اليتيمة من البيت.

وبدوها لجأت الزوجة الى الحلول الودية مع زوجها عن طريق على مكتب المحاماة التابع لوكيلها، كونها لا ترغب في الطلاق، وإنما حل الخلاف، وخُطب الزوج من قبل المكتب، وعُرض عليه مقابلته لأجل تسوية الخلافات بينهما، إلا أن الزوج تجاهل الأمر ولم يجب على الاتصالات، فتم التيقن من أنه غير راغب في حل الخلافات، ما حد الأمر بمكتب المحاماة لإقامة دعوى مستعجلة مدنية ضده لإلزامه من تمكين زوجته من إعادة ابنتها للبيت والعيش معهم، وانتفاع الزوجة بحصتها من المنزل، وقدم مكتب المحاماة للمحكمة ما يثبت المديونية والتسوية القضائية التي تنص على امتلاك المدعية حصة مشاعة بنسبة 20% من البيت المكون من خمسة أدوار، مما يحق لها الانتفاع بمقدار طابق واحد الذي يساوي حصتها, فاعترض محامي الزوج على ذلك القرار مشيرًا بأن ملكية الزوجة للحصة المذكورة غير مسجلة في التسجيل العقاري و أن النزاع هو نزاع شرعي و ليس مدني، كما أنكر قيام موكله الزوج بطرد الطفلة من البيت، وباستماع المحكمة لشهادة شهود الإثبات تبين صحة حدوث واقعة الطرد.

ومن جانبه أكد محامي الزوجة بأن المطالبة تكمن في انتفاع الزوجة بحصتها من المنزل بنسبة 20% استنادًا على حق الملكية و ليس الى العلاقة الزوجية، وبما أن الطفلة ليست ابنة الزوج ولا توجد علاقة ابوة بين الابنة والزوج؛ فلا دور للقضاء الشرعي للفصل في الموضوع، وإنما يفصل فيها القضاء المدني، ولجأ مكتب المحاماة للقضاء المدني المستعجل لكون الحالة مستعجلة و تعتبر خطر محدق على الطفلة ، وبناء على ما تقدم رأت المحكمة أن واقعة الطرد ثابتة بشهادة الشهود، و ان البنت يتيمة و في حضانة أمها وكانت تعيش معها في نفس المنزل حتى حدوث واقعة الطرد، وبناء على ذلك حكمت المحكمة بإلزام الزوج بتمكين زوجته من إدخال طفلتها للعيش معها في المنزل و الانتفاع بالمبنى في حدود حصتها المقدرة ب20%، وألزمته بالمصاريف القضائية وأتعاب المحاماة، واستندت المحكمة في حكمها على الواقعة لأحكام تمييز حديثة تنص على احقية مالك العقار في الانتفاع بالعقار حتى لو لم يكن حق الملكية مسجل في التسجيل العقاري.

ومن جانبه يقدم المحامي خمدن نصيحة مهمة للأزواج؛ بعدم الجمع بين العلاقة الزوجية والعلاقة التجارية، ولا التشارك في الأموال وخصوصا اذا كانت شركات وعقارات وقروض، لما له من شأن في فساد العلاقات الزوجية، واثارة المشاكل وصعوبة تسويات الانفصال عند المصير إليه عندما تفشل العلاقة الزوجية، وبالتالي صعوبة حلها، منوهاً بأنه طبقا للشريعة الإسلامية و قوانين مملكة البحرين فإنه يحق لكل من الزوجين الحصول على ملكية خاصة مستقلة في تملك العقارات والشركات والنشاط التجاري المستقل، لافتاً قوله بنصيحة قانونية تفيد بعدم مشاركة الزوجين بينهم في إقراض الأموال او الاقتراض من البنوك لتجنب التورط بان تتحول العلاقة الزوجية الى استغلال او استغفال او انتقام او ابتزاز، مشيرا الى تأطير المساعدة في حدود المأكل والملبس مما يستهلك و لا يبقى فقط وليس في الاقتراض او التمويل او شراء العقارات المشترك ، وإذا اضطر أحد الزوجين لإقراض الآخر فليكن ذلك مثبتا بوسائل رسمية ثابتة وأن تتم واقعة تسليم المال أو الشيك امام كاتب العدل وليس الإقرار امامه بالمديونية لأن النفس البشرية لا تستقر على حال، والذمة والضمير والأخلاق ليست محل التزام من الجميع، وتجدر الإشارة الى أن القانون شُرع لتنظيم الحياة وحفظ الحقوق والانتصار للطرف الضعيف وليس كما يشاع بأن القانون لا يحمي المغفلين.