إيجاد حل لمشكلة “الآيلة” وإفساح الطريق أمام الخريجين الجامعيين لتلقي التدريب

رئيس “الشورى” لـ“البلاد”: ندعم رفع رسوم العمل على الأجانب.. وستترسخ لدى “الخاص” تدني كلفة توظيف البحريني

| راشد الغائب | تصوير: رسول الحجيري

تنظيم أنشطة المراكز والأكاديميات الرياضية والرقابة عليها البحرين حافظت على الاستقرار الاقتصادي والمالي عبر ضخ حزم مالية توحيد الأحكام الإجرائية المشتركة للسلطة التشريعية بغرفتيها “الشورى” لن يتوانى عن العمل من أجل الصالح العام زيادة الإيرادات وارتفاع نسبة توظيف المواطنين وخفض البطالة ثمار التجربة الديمقراطية جلية بدور الانعقاد الماضي البحرين ملتزمة التزاماً شديداً ببرنامج التوازن المالي

قال رئيس مجلس الشورى علي صالح الصالح إن من شأن فرض رسوم العمل على الموظفين غير البحرينيين أن يؤثر بشكل سلبي على ميزانية المستثمر البحريني بالقطاع الخاص على المدى القصير، لكنه أكد أن أثر ذلك على المديين المتوسط والبعيد سيكون إيجابياً عندما يرى القطاع الخاص بأن تكلفة توظيف المواطن أقل من توظيف الموظف غير البحريني.

وقال في حوار مع “البلاد” إن التقرير السنوي الذي تسلمه أخيراً جلالة الملك المعظم لأعمال مجلسي الشورى والنواب لدور الانعقاد الماضي، تضمن عدة مبادرات ومقترحات، بينها إفساح الطريق أمام الخريجين الجامعيين البحرينيين لتلقّي تدريب عملي في شركات القطاع الخاص التي يعمل لديها 50 عاملاً فأكثر، وتنظيم أنشطة المراكز والأكاديميات الرياضية والرقابة عليها وكذلك.

وشدد على أن مجلس الشورى لن يتوانى عن العمل؛ من أجل الصالح العام، وأن الجهود مستمرة ومنصبة لخدمة الوطن والمواطن، وفيما يلي نص الجزء الأول من الحوار:

خلال تسلم جلالة الملك المعظم للتقرير السنوي لأعمال مجلسي الشورى والنواب لدور الانعقاد الماضي، فقد نوه جلالته بما تضمنه التقريران من مبادرات ومقترحات بناءة لتطوير الأداء التشريعي، فما أبرز هذه المبادرات والمقترحات؟

- اتضحت ثمار التجربة الديمقراطية في دور الانعقاد المنصرم بمبادرات ومقترحات السلطة التشريعية، حيث تفضل مجلسا الشورى والنواب بالسعي لتحقيق تطلعات الشعب البحريني، ولضمان دوام الأمن والاستقرار ورفعة المملكة.  

فضلاً عن جهود مجلس الشورى المتجلية في النظر في المراسيم بقوانين الصادرة، وإقرار مشاريع القوانين المحالة إليه، وقد تجسدت مبادرات ومقترحات المجلس في عدة صور، حيث ناقش المجلس 35 موضوعاً شملت مراسيم بقوانين ومشاريع قوانين واقتراحات بقوانين خلال 22 جلسة اعتيادية و93 اجتماعاً للجان المجلس. كما وجه الأعضاء 25 سؤالاً إلى الوزراء الذين تفضلوا بالإجابة عنها.

وقد قدم أعضاء مجلس الشورى عددا من الاقتراحات بقوانين التي رمت لتحقيق الصالح العام وتطوير الأداء التشريعي منها الاقتراح بقانون بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم (55) لسنة 2002م بشأن اللائحة الداخلية لمجلس الشورى والمقدم من عدد من الأعضاء والذي يهدف لتحقيق غاية المشرّع الدستوري، بتوحيد الأحكام الإجرائية المشتركة للسلطة التشريعية بغرفتيها الشورى والنواب، وبالتالي انسيابية العمل التشريعي.

كما تم تقديم اقتراحات بقوانين لم يُبت فيها من قبل مجلس الشورى؛ بسبب فض دور الانعقاد، كالاقتراح بقانون بتعديل المادة (18) من المرسوم بقانون رقم (21) لسنة 1989م بإصدار قانون الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية والهيئات الخاصة العاملة في ميدان الشباب والرياضة والمؤسسات الخاصة والذي يهدف لتنظيم أنشطة المراكز والأكاديميات الرياضية والرقابة عليها، والاقتراح بقانون بإضافة مادة جديدة برقم (16 مكررا) إلى القانون رقم (17) لسنة 2007م بشأن التدريب المهني والذي يرمي إلى تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين من حيث إفساح الطريق أمام الخريجين الجامعيين البحرينيين لتلقي تدريب عملي في شركات القطاع الخاص التي يعمل لديها 50 عاملاً فأكثر، والاقتراح بقانون بتعديل المادة (1) من المرسوم بقانون رقم (10) لسنة 1976 في شأن الإسكان والذي سعى إلى إيجاد حل لمشكلة البيوت الآيلة للسقوط ولحفظ حق المواطنين من ذوي الدخل المحدود وتلبية آمالهم وتطلعاتهم في توفير السكن المناسب مع مراعاة ظروفهم المادية والاجتماعية والمعيشية، والاقتراح بقانون بشأن التطبيب عن بعد والذي كان من أهدافه وضع إطار تشريعي محدد ونظام قانوني منضبط للتطبيب عن بُعد داخل مملكة البحرين.

ومما لاشك فيه أن الأسئلة البرلمانية التي وجهها الأعضاء عن الأمور ذات الأهمية العامة حققت الغرض المرجو منها كذلك، كالأسئلة التي تعلقت بالمجال الصحي، حقوق كبار السن، الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، وبشأن المتقاعدين وغيرها من الأسئلة التي استوضح بموجبها الأعضاء من الوزراء المختصين عن الأمور المتعلقة بالمصلحة العامة.

وفي إطار التعاون الدولي وتطوير العمل التشريعي نجحت الشعبة البرلمانية في استضافة أعمال الجمعية العامة الـ 146 للاتحاد البرلماني الدولي، واحتضان أعمال اجتماع اللجنة المعنية بالشؤون الاقتصادية والتنمية المستدامة التابعة للجمعية البرلمانية الآسيوية، فضلاً عن مشاركة الأعضاء والشعبة البرلمانية في عددٍ من المؤتمرات الدولية التي تركز على القضايا الدولية كمكافحة الجوع والأمن الغذائي، الأمن البشري والبرلمانات وغيرها.

كما تضافرت الجهود بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في سبيل التواصل والتعاون لتحقيق الأهداف التنموية لمملكة البحرين في الاجتماعات المشتركة التي ناقشت ثلة من المواضيع كاستعراض نتائج الإقفال نصف السنوي للفترة المنتهية في 30 يونيو 2023، التباحث حول إعادة هيكلة الدعم الحكومي، فضلاً عن مناقشة الميزانية العامة للعامين 2023- 2024 والتي تم الموافقة عليها.

ومن المؤكد أن مجلس الشورى لن يتوانى عن العمل من أجل الصالح العام، وأن الجهود مستمرة ومنصبة لخدمة الوطن والمواطن، فدور الانعقاد الحالي سيشكل استكمالاً لمسيرة تطوير المنظومة التشريعية لمملكة البحرين بإذنه تعالى بما يعود بالخير والنفع على الجميع.

 ما تقييمكم لمدى الالتزام الحكومي بتحقيق أهداف برنامج التوازن المالي بما يصب في تعزيز الاستقرار المالي والتنمية الاقتصادية في البحرين؟

- التزاماً من حكومة مملكة البحرين بتحقيق الاستدامة المالية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي، تم الإعلان عن برنامج التوازن المالي في العام 2018 إلى العام 2022، وقد ثبت الأرقام بأن حكومة مملكة البحرين قادرة على تحقيق هذا التوازن، والدليل على ذلك أن العجز الأولي في الميزانية العامة للدولة للعام 2019 بلغ أدنى من 40 مليون دينار فقط، أي بعد عامين من تطبيق البرنامج. إلا أنه وبسبب الظروف الاستثنائية التي مر بها العالم آنذاك جراء جائحة كورونا تم إعادة ترتيب الأولويات في سبيل حماية الحق في الحياة والحق في الصحة بالإضافة إلى مجموعة من المكتسبات التي يجب أن يتمتع بها المواطنون والمقيمون بمملكة البحرين، إلى جانب ذلك حافظت مملكة البحرين على الاستقرار الاقتصادي والمالي عن طريق ضخ حزم مالية.

وعلى إثره توجهت الحكومة آنذاك إلى تحديث البرنامج ضمن أولويات خطة التعافي الاقتصادي، وهو ما يمثل تمديداً لبرنامج التوازن المالي الذي تم إطلاقه في العام 2018 لمدة عامين إضافيين، والذي يستهدف الوصول إلى نقطة التوازن بين المصروفات العامة والإيرادات العامة بحلول عام 2024.

حكومة مملكة البحرين ملتزمة التزاماً شديداً بشأن تحقيق هذا البرنامج، ومنذ انطلاقه قدمت الحكومة 8 مبادرات من ضمن البرنامج، والتي تهدف إلى تحقيق إيرادات جديدة ومتنوعة من جانب، وتخفيض النفقات الحكومية من جانب آخر، ومن المتوقع أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط واستئناف ضبط الإنفاق بموجب برنامج التوازن المالي إلى تقليص العجز المالي والوصول للهدف المرجو بإذن الله.

السياسات التي تنتهجها الحكومة في سبيل تحقيق الأهداف المرسومة لبرنامج التوازن المالي، قد أثبتت صحتها وكفاءتها من خلال الأرقام والإحصاءات التي تم الإعلان عنها مؤخراً في البيانات النصف سنوية للعام 2023، والحساب الختامي للدولة للعام 2022، فقد أشارت الأرقام والإحصاءات إلى زيادة الإيرادات الفعلية، وارتفاع نسبة التوظيف للمواطنين وخفض البطالة، وهذا يدل على الالتزام الذي تتمتع به الحكومة تجاه هذا البرنامج، مؤكدين دعم السلطة التشريعية للجهود الحكومية التي تصب في مصلحة الاستقرار المالي والاقتصادي، وما يعود به من نفع للوطن والمواطن.

 من بين التوافقات بين السلطتين بقانون الميزانية العامة رفع رسوم العمل على الموظفين غير البحرينيين، ألا ترون أن ذلك سيؤثر على ميزانية التاجر والمستثمر البحريني بالقطاع الخاص؟

- مملكة البحرين تبذل جهدًا كبيرًا في جعل المواطن البحريني الخيار الأمثل في سوق العمل، ففي إطار سعي الحكومة لإطلاق المبادرات والمشاريع الهادفة إلى توفير فرص العمل المناسبة للمواطنين، وتوفير برامج التدريب الملبية لمتطلبات سوق العمل لتغطية الاحتياجات الوطنية من العمالة المدربة والكوادر المتمكنة والمؤهلة، تقوم وزارة العمل بوضع استراتيجيات لتدريب وتأهيل وتوظيف الكوادر الوطنية؛ من أجل إيجاد وتوفير فرص عمل مناسبة وملائمة للمواطن البحريني.

كما أنوه إلى أن توظيف المواطن وجعله الخيار الأمثل هو واجب وطني يجب على الجميع المشاركة في تفعيله عبر توفير فرص عمل جيدة لهم. أنا أقول نوعاً ما نعم سيؤثر بشكل سلبي على ميزانية المستثمر البحريني بالقطاع الخاص على المدى القصير، ولكن أثر ذلك على المديين المتوسط والبعيد سيكون إيجابي عندما يرى القطاع الخاص بأن تكلفة توظيف المواطن أقل من توظيف الموظف غير البحريني، مما سيساعد ذلك في تحقيق أمرين، الأول خفض معدل البطالة برفع نسبة توظيف البحرينيين، والثاني تخفيض التكلفة على القطاع الخاص وعدم تأثر ميزانياتهم.

 يتوجه العالم اليوم إلى الاقتصاد الرقمي باعتباره بوابة الاستثمار في المستقبل، فما الدور المتوقع من السلطة التشريعية لتشجيع الابتكار في مجال الاقتصاد الرقمي من أجل تعزيز مكانة مملكة البحرين كمركز رقمي عالمي؟

- تهدف مملكة البحرين إلى تبوؤ الريادة الإقليميّة في مجال الاقتصاد الرقمي، وعملت الحكومة على تنفيذ مجموعة من المبادرات والمشاريع التي تدعم نمو القطاع الرقمي بمختلف مجالاته. وتضمنت وضع إطار تنظيمي قوي، وإرساء بنية تحتيّة متطورة، فضلًا عن تعزيز قدرات الكوادر الوطنيّة وصقل مهاراتها.

وقد سنّت السلطة التشريعية مجموعة من التشريعات المتطورة، منها قوانين حماية البيانات الشخصيّة والمعاملات الإلكترونيّة، إلى جانب جهود السلطة التنفيذية في صياغة سياسات التكنولوجيا المالية (فنتك)، الأمر الذي أسهم في إرساء قواعد قوية للاقتصاد الرقمي في المملكة.

كما ساهمت هذه المبادرات في خلق بيئة خصبة تساعد على تشغيل الأعمال بسلاسة وتعزيز نموها وازدهارها، فضلاً عن جذب الاستثمارات الأجنبية والمواهب والكفاءات. وقد أثمر كل ذلك عن تحوّل المملكة إلى مركز بارز للأعمال والابتكار في المجال الرقمي.

اليوم نعيش في زمن التكنولوجيا الرقمية الحديثة، وعلينا أن نواكب ما هو مطلوب منا كدولة لمواكبة هذا التطور؛ لأننا لسنا بمنأى عن الغير، ومملكة البحرين سباقة في مواكبة كل التطورات ومنها التكنولوجية، فلقد تم إطلاق استراتيجية قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي في يناير من العام  2022، والتي تتمحور حول تطوير البنية التحتية لقطاع الاتصالات، وتعزيز الحوكمة الإلكترونية، ودعم الاقتصاد الرقمي، وتطوير القدرات الرقمية، وتتمثل أهم مؤشرات الأداء للاستراتيجية في زيادة نسبة تغطية الشبكة الوطنية للنطاق العريض بجميع أنحاء المملكة إلى 100 % بحلول عام 2026، وزيادة عدد الشركات الناشئة في قطاع تقنية المعلومات، ورفع نسبة الكوادر الوطنية للعاملين في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وبناء القدرات البشرية الوطنية في الأمن السيبراني.

وتعمل السلطة التشريعية بالتعاون مع السلطة التنفيذية على سن التشريعات التي تدعم التطور التكنولوجي بشتى مجالاته، والعمل على ترسيخ مكانة مملكة البحرين من خلال دراسة التشريعات المعززة للنمو الاقتصادي المستدام، واقتراح التشريعات الجديدة وتطوير التشريعات النافذة؛ لتواكب أفضل الممارسات والتجارب الدولية من خلال المجلس أو اللجان المختصة.