الحرب تولّد أزمة خبز في قطاع غزة: طوابير طويلة وكميات قليلة

| وكالة الصحافة الفرنسية - AFP

قبل شروق الشمس، تصل اعتدال المصري لتحجز لها دورا أمام مخبز في مخيم رفح بجنوب غزة أملا في الحصول على ربطة خبز لأفراد عائلتها الذين تركوا بيت حانون ولجأوا إلى مدرسة في ظل القصف الإسرائيلي على القطاع.

وبعدما انتظرت ساعات طويلة أمام مخبز في رفح بجنوب القطاع، أصيبت المصري (60 عاما) بخيبة أمل بسبب نفاد الخبز من دون أن تتمكن من شراء أي رغيف.

وصاحت السيدة "حرام عليكم، أنا هنا منذ الفجر، لم يأتِ دوري بسبب الفوضى"، مضيفة "منذ الخامسة صباحا وأنا انتظر في الطابور للحصول على خبز".

ونزحت المصري مع عائلتها بعدما دمّر منزلهم في بيت حانون بشمال القطاع.

ووفق الأمم المتحدة، نزح نحو 1,4 مليون شخص عن منازلهم في غزة، أي أكثر من نصف سكان القطاع، منذ اندلاع الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر بعد هجوم غير مسبوق شنّته حركة حماس ضد الدولة العبرية.

وأدى الهجوم إلى مقتل 1400 شخصا في إسرائيل معظمهم مدنيون سقطوا في اليوم الأول من الهجوم حسب السلطات التي أفادت أن مقاتلي حماس احتجزوا أيضا حوالى 230 شخصا رهائن.

وردت إسرائيل بقصف مكثف على قطاع غزة واستشهد منذ ذلك الحين أكثر من ثمانية آلاف شخص في قطاع غزة نصفهم من الأطفال، وفق آخر حصيلة أعلنتها وزارة الصحة في حكومة حماس ليل السبت الأحد.

وشددت إسرائيل حصارها المفروض على قطاع غزة، وقطعت امدادات الكهرباء والمياه والوقود والمواد الغذائية، ما يؤدي الى أزمة انسانية متصاعدة.

ويعاني مئات الآلاف من النازحين صعوبة في توفير الخبز وغيره من المواد الأساسية، وشاهد صحافي في وكالة فرانس برس مئات النساء والأطفال والرجال يصطفون في طابور طويل في انتظار دورهم خارج مخبز "القدس" في رفح.

وقبل أسبوع، حصل المخبز من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) على 400 كيس من دقيق القمح يزن كلّ منها 50 كلغ للمرة الأولى منذ بدء الحرب.

والى العبء الذي تواجهه المخابز لتوفير الخبز، أدى القصف الإسرائيلي الى تدمير 40 منها، وفقا لرئيس مكتب الإعلام الحكومي سلامة معروف.

ويشير رئيس جمعية أصحاب المخابز عبد الناصر العجرمي إلى أن "60 في المئة من المخابز لا تعمل بسبب تعرضها للقصف والتدمير".

ويضيف "نعاني لتوفير الدقيق والغاز والكهرباء" ناهيك عن عدم تمكن الكثير من العاملين من "الوصول إلى المخابز بسبب القصف وخطر الموت".

"بائس"

تنعكس كل هذه الصعوبات على يوميات سكان القطاع المكتظ لتوفير غذائهم.

ويقول محمد القرناوي إن منزله في مخيم الشابورة وسط رفح يأوي 25 شخصا.

ويضيف "يمكن أن تقف في الدور لساعات وفي النهاية لا تحصل على الخبز".

بالنسبة لسليمان الحوّلي (63 عاما) صاحب أحد المخابز في القطاع، فإن الحرب الدائرة حاليا "أقسى من النكبة التي عاشها أجدادنا" في العام 1948.

ويضيف "أشعر بالضيق عندما لا أستطيع منح الخبز للجميع"، موضحا أن "المخبز يدوي وينتج 30 ربطة في الساعة... هذا أقل من حاجة الناس بكثير".

وفي ظل هذه الصعوبات، يظهر سكان القطاع الى الانتقال بين مخبز وآخر أملا في الحصول على الخبز، في معاناة يومية تضاف الى القصف وانقطاع العديد من الخدمات الأساسية والاكتظاظ.

وتؤكد عائشة إبراهيم (39 عاما) أنها أخذت دورا أمام المخبز عند الساعة الخامسة والنصف فجرا.

وتقول السيدة التي نزحت من الأطراف الشرقية لقطاع غزة الى مدرسة في وسطه "هذا ليس أول مخبز، هذا الثالث".

ووصف برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة الأوضاع في قطاع غزة بأنها "بائسة بشكل لا يمكن تصوره" بعد أن أحكمت إسرائيل حصارها.

وقالت المتحدثة باسم البرنامج شذى المغربي للصحافيين الجمعة "كان برنامج الأغذية العالمي يعتمد على 23 مخبزا، إنتاجها كافٍ لإطعام 220 ألف شخص يوميا"، مشيرة الى أن اثنين من هذه المخابز فقط يعملان حاليا.

ويوضح سامي الحوّلي الذي يعمل في المخبز مع والده إن إمكانيات المخبز تكفي لتوفير الخبز لثلاثمئة شخص "بينما الناس (التي تنتظر) في الدور في الخارج أضعاف" ذلك.

وفي حين يبدي الحوّلي قلقه من تعرض المخبز للقصف، يؤكد أنه يعمد الى تقنين الكميات التي يبيعها للزبائن.

ويوضح "أحاول أن أعطي كل شخص ربطة خبز واحدة لتكفي الكمية أكبر عدد ممكن... نضطر أحيانا إلى إغلاق المخبز" بسبب الضغط ونفاد الكميات.

ويبدي خشيته من تعرّض المخبز "للقصف كما قصفت مخابز في غزة وغيرها".