للقراءة: "أزمتنا المعاصرة.. دراسة اجتماعية ثقافية"

على مدار تطور التاريخ الإنساني حدثت ثورات كثيرة هدفت إلى إقامة الجنة على الأرض ولا تزال هذه الثورات تحدث حتى الآن بالرغم من أن واحدة منها لم تنجح في تحقيق هدفها. تشهد كل صفحة من صفحات التاريخ الإنساني على أن من يطلقون العنان لاندلاع الحروب على قناعة صلبة بأنهم يستطيعون أن يضعوا نهاية للحروب، ويقضوا على الاستبداد، ويجعلوا العالم آمنًا لتنمية الديمقراطية، ويتغلبوا على الظلم، ويحدوا من الفقر، إلخ. نحن نرى أن الهومو سابينس لا يزال يؤمن حتى الآن بهذه الفكرة الجنونية. 

تاريخ التقدم الإنساني من هذا المنظور هو في واقع الأمر تاريخ حماقة يتعذر علاجها! تظهر عدم قدرة الإنسان على استخلاص الدروس من الماضي أيضًا في أمله الدائم في إمكانية التحرر من أغلال الأزمة بفضل طرق مختلفة بسيطة لكنها سطحية، ودون أي إعادة توجيه جوهرية للقيم ولا رغبة حقيقية لدى كل إنسان في إدراك مهمته الإلهية الخلاقة على الأرض والسلوك بطريقة ليست آلية انعكاسية بسيطة ولا كجسد له وظائف هضمية وجنسية وحسب، ترشده الدوافع والغرائز الأساسية. هذا تحديدا هو منبع الأزمة، الكتاب من تآليف بيتريم سوروكين، وترجمة يوسف نبيل.