إنغمار بيرغمان.. العالم بين حركتي جفن العين

| أسامة الماجد

عند مشاهدة أفلام المخرج السويدي إنغمار بيرغمان، يجد المرء نفسه امام ابعاد وصور عدة، انها تتداخل ملتفة على بعضها ومتقاطعة، مجدولة معا، لتخلق ايحاء واحدا، وتقدم رؤية واحدة. أفلام بيرغمان استطاعت ان تسهم في تحريك التفكير والتمرد على الروتينيات والمخلفات ورواسب المعتقدات.

وفيما يلي أراء بعض الكّتاب والمخرجين في تجربة بيرغمان التي تمثل رحلة عكسية في الشعور الإنساني والواقع المحسوس.

 

يقول الكاتب جان كوليه:

أصبح اسم بيرغمان مرادفاً لكلمة سينما في جميع أنحاء العالم.. فما من ناد للسينما يمكنه أن يمرر موسما من دون فيلم لبيرغمان أو أكثر، وهو - مع انطونيوني - ينتمي مباشرة الى أعلى شرائح الانتلجنسيا السينمائية، وهو يعرف هذا.. ويقول، مديراً ظهره لكل أولئك الذين يحبون أفلامه مع شيء من المرارة - في صف ناقديه، يقول: انني - وكثيرين غيري - أجد أفلام رعاة البقر ، أكثر إثارة من أي فيلم لأنطونيوني أو لبيرغمان.

وما هذا إلا لأن حسن البصيرة واحدة من أولى مزايا بيرغمان، وهو حسن بصيرة قاس يقوم على أساس القاء الضوء الساطع على ما يقاوم، عادة مثل هذا الضوء وهو لا يكف ابداً عن الاستجابة لحاجته الغامضة للتنقيب في أعماق الليل .. لذا يمد كشافه الضوئي إلى كل ما ينتمي الى الظلمات، ويطلق عقال عالم يقف بين الذئب والكلب، بين الحلم والوعي .عالم يكون بيرغمان نفسه، أول ضحايا مفاجآته .. عالم يربكه ويتهمه في آن معاً.

 

المخرج جان لوك غودار قال عنه:

إنغمار بيرغمان هو مخرج اللحظة الآنية. كل واحد من أفلامه يولد خلال التفكير بأبطال اللحظة الحاضرة، ثم يتعمق ذلك التفكير بواسطة نوع من مد الفترة الزمنية على طريقة بروست الى حد ما، ولكن بقوة أكثر، كما لو أننا أضفنا الى بروست جويس وروسو في آن معا. وهذا التفكير يصبح في نهاية الأمر، تأملا كبيراً ولا محدوداً، انطلاقاً من لحظة آنية. بيرغمان هو العالم بين حركتي جفن العين، هو الحزن بين دقتي قلب، وهو الفرح بين ضربتي يد".

 

ووصفه المخرج الفرنسي أدو كيرو:

لقد سبق لنا أن آمنا ببيرغمان، ولسنا بعد مستعدين لنسيان ذلك المشهد المشرق في " ليلة الريفيين" أو ابتسامة هارييت في " ليلة الصيف". لكن المؤسف أن بيرغمان الذي هو أشهر ابن قسيس في تاريخ السينما، يسقط ويسقط. بل وحتى قوته التعبيرية التي استعادها مؤخراً وهو أمر يفرحنا لست بقادرة على اخراجه من سقوطه ومن حماقاته التي ينظر اليها نقادنا المعاصرون وكأنها خوارق ميتافيزيقية رمزية ومتعالية.

 

أما الكاتب الفرنسي فرانسو مورياك فقال:

ليس الأمر أنني شاهدته يعني فيلم "الصمت"، ولا أنني أود مشاهدته.. فأنا لا أقلق بسبب الفيلم نفسه، بل بسبب تدخل وزارة الثقافة التي مقابل قص بعض المشاهد القصيرة، سمحت للفرنسيين بتذوق هذا المخدر.

يجدر بالذكر أن الروائي والسيناريست القدير أمين صالح يشتغل حاليا على انهاء كتاب عن المخرج بيرغمان .