بعد ترشحه للأوسكار..

"الهامور ح.ع" على نتفلكس.. والتمرد على الحياة!

| طارق البحار

بعد ترشحه للأوسكار باسم السعودية، وعرضه في السينمات، دخل مؤخرا الفيلم السعودي "الهامور ح.ع" منصة نتفلكس للمشاهدة، وهو من إخراج عبد الإله القرشي، ويستند إلى قصة حقيقية لحارس أمن يتحول إلى محتال، وفي الاحداث يتبع رواية لقصة حامد حارس الأمن الذي توصل إلى مخطط ليصبح رجل أعمال ناجح، مما أدى إلى سقوطه في نهاية المطاف.  

في هذا الفيلم، حامد هو شخص طموح لم يرغب أبدا في أن يعيش حياة عادية، ولكن حتى بدون طبيعته الجشعة والطموحة، فقد كل من أحبائه في حياته بسبب عقليته السلطوية والأبوية! 

وفي التفاصيل نشاهد عندما استأجر حامد، وهو حارس أمن متزوج حديثا، شقة صغيرة حيث كان يعيش مع زوجته فاطمة، التي اختارتها والدة حامد. على الرغم من أنه كان قادرا على خدمة عائلته، إلا أنه لم يرغب في أن ينتهي به المطاف كحارس أمن لبقية حياته.  

منذ البداية، كان لدى حامد المهارات اللازمة للتلاعب بالناس لشراء أي شيء منه، لذلك مع أخذ ذلك في الاعتبار، أراد أن يصبح رجل أعمال، لكنه لم يكن متأكدا مما سيبيعه بالضبط، وفي أحد الأيام، أدى جدال مع صاحب العمل إلى استقالة حامد من وظيفته كحارس أمن.  

بعد ذلك، تحدث حامد مع عائلته، وبمساعدة صهره، دخل في المبيعات وبدأ العمل من مركز اتصال لبيع حزم القنوات التلفزيونية عبر الهاتف، ومع ذلك كان حامد لا يزال غير راض عن الراتب، لذلك قرر البحث عن صخب جانبي، واتصل بصديقه القديم سيلي، وهو صاحب متجر للهواتف، قرر حامد معه بيع الهواتف المزودة بكاميرا، والتي كانت محظورة في البلاد.  

تدريجيا، حول حامد تركيزه إلى بيع منتجات مختلفة أخرى، مثل أقراص الأفلام المدمجة المحظورة وغيرها الكثير، حتى وضع يديه في أحد الأيام على بطاقات مسبقة الدفع في منزل صديق يدعى أبو عزة، وأنشأ حامد مجموعة ادخار مع جميع زملائه راكان وسليمان وأبو محمد في مركز الاتصال، وبعد بيع مجموعة من البطاقات المدفوعة مسبقا بنجاح، قام بسدادها جميعا مع بعض النقود الإضافية.  

وهكذا تمكن حامد من كسب ثقة زملائه، الذين قرروا دعمه في عمله، واستقال حامد وموظفوه من وظائفهم في مركز الاتصال وبدأوا العمل لبيع البطاقات المدفوعة مسبقا، ومع ذلك سرعان ما بدأ حامد وزملاؤه في التلاعب بمستثمري بطاقاتهم في استثمارات مشكوك فيها، مما سرعان ما جعله مليارديرا. 

وهكذا كلما جاء المزيد من المال في طريقه، أصبح حامد أكثر جشعا، وسرعان ما بدأت حياة حامد القديمة تحمله، حيث تحول انتباهه بالكامل من عائلته إلى نساء جميلات أخريات، وذهب حامد إلى اجتماع عمل مع رجل يدعى فيصل أراد أن يشاركه، ولكن بعد تعاطي المخدرات والوقوع في حب امرأة جميلة تدعى جيهان من النظرة الأولى، نسي حامد الاجتماع تماما ورفض الشراكة قائلا إنه جاء إلى الحفلة فقط للمتعة.  

في صباح اليوم التالي، كان لدى حامد وضوح أنه لا ينبغي أن يخون زوجته فاطمة، حتى يمنع نفسه من التشتت، طلب منها صبغ شعرها باللون الأشقر، ولكن على الرغم من أن فاطمة صبغت شعرها، إلا أن حامد لم يستطع إلا مقابلة جيهان سرا! 

 ومع ذلك علمت فاطمة بعلاقة حامد مع جيهان وقررت منح الرجل الطلاق فورا لخيانته لها، بعد أن انطلقت مع أطفالهم، ترك حامد بمفرده وحرا في مواصلة علاقته مع جيهان، لكن جيهان لم تكن خاضعة مثل فاطمة، الأمر الذي أصبح مصدر قلق لحامد. 

كان لدى حامد عقلية متخلفة نموذجية، لأن المرأة التي تتخذ خياراتها المستقلة في الحياة لم تكن اختياره الخاص، ولم يستطع تحمل حقيقة أن جيهان كانت لها علاقات سابقة، مما أدى إلى بعض الجدال الحاد بينه وبين جيهان التي كانت حرة الروح، لذلك على الرغم من وقوعها في حب رجل مسيطر مثل حامد، حاولت إصلاحه، مع أن حامد ضن انها أرادت أن تكون معه فقط بسبب ماله، على الرغم من أن والد جيهان كان أغنى من حامد! 

 بعد أن تصالحا، أعربت جيهان عن رغبتها في الزواج من حامد، الذي وافق على جعل علاقتهما رسمية. ولكن بعد الزفاف مباشرة، أدركت مدى شخصية حامد المسيطرة والمعادية للنساء، وقف حامد مرارا وتكرارا في طريق جيهان للاختلاط بأصدقائها وطلب منها عدم ارتداء ملابس كاشفة، ولكن في أحد الأيام، في حفل زفاف، عبر حامد كل الحدود.  

رأى حامد جيهان تتحدث إلى رجل، الأمر الذي أغضبه كثيرا وأخيرا كسر قلب جيهان إلى أشلاء، وعندها قررت جيهان عدم الاستمرار في الزواج منه بعد الآن فغادرت المنزل، وفي هذه الأثناء، بينما بدأت حياة حامد العائلية تنهار كان عمله على وشك مواجهة كارثة! 

وكما نشاهد تلاعب حامد وزملاؤه بعملائهم للاستثمار في البطاقات المدفوعة مسبقا، والتي من شأنها مضاعفة أموالهم، لكن المستثمرين اكتشفوا تدريجيا أنها ليست سوى عملية احتيال، وجاء المستثمرون واحدا تلو الآخر إلى مكتبهم للبحث عن حامد وطلب أموالهم، لكن موظفي حامد طردوهم من المكتب بإذلالهم وإهانتهم.  

وبما أنه لم يتبق خيار آخر، ذهب أحد المستثمرين مباشرة إلى الشرطة واشتكى عليه، ومع ذلك تمكن حامد بدعم من مستشاره القانوني أبو محمد، من الخروج من الوضع من خلال نفي تورطه تماما في استثمارات البطاقات المدفوعة مسبقا، ولكن كان عليه أن يواجه عواقب مخالفاته. فكر أحد موظفيه منصور الذي كان متهورا في تسليط الضوء على أعمالهم الناجحة، لذلك انتهى به الأمر بالاتصال بوسائل الإعلام وإخبارهم أن حامد كان نتيجة تجارب سرقة صاعدة.  

وجد حامد صورته مع الأخبار المسربة عن عمله على غلاف مجلة وعرف أن منصور هو العدو الداخلي، لم يضيع حامد أي وقت وهرع عائدا إلى قصره وأخرج كل أمواله وسبائك الذهب، وذهب إلى أرض مهجورة بعيدة ودفنها تحت الأرض، وقام بعمل خريطة لهذا الموقع للعثور على الثروة لاحقا إذا تمكن من التهرب من السلطة، تسلل الخوف عندما أدرك أن الشرطة يمكن أن تعتقله في أي وقت قريب. ذهب للتصالح مع جيهان، لكنها كانت مصممة على منحه الطلاق، على الرغم من أن جيهان أرادت المغادرة بسلام، إلا أن حامد الأناني أساء إليها، واصفا إياها بأنها تحبه من اجل ماله! 

نظرا لعدم وجود طريقة أخرى للخروج من هذه المشكلة، طلب حامد المساعدة من شخص ثري، فعاد إلى فيصل، الذي كان يريد الشراكة معه سابقا لكنه قوبل بالرفض، ولم يرفض فيصل مساعدته فحسب، بل أهان حامد أمام رجاله، لكنه توسل له طلبا للرحمة، لكن فيصل ظل غير مبال. 

في نهاية المطاف، أدرك حامد أنه فقد أصدقاءه وزملائه في العمل الذين كانوا بجانبه طوال الوقت، وهكذا تم القبض عليه في نهاية المطاف واحتجازه، حيث وجد نفسه وحيدا، حيث غادر جميع زملائه في العمل، وواجه جميع التهم وحده، أمضى حامد 20 عاما في السجن، وبعد أن قضى عقوبته، رأيناه يخرج من السجن مع تلك الخريطة في يده، ووصل إلى الموقع الذي دفن فيه أمواله، لكنه اكتشف أن هذا المكان لم يعد أرضا مهجورة، حيث تم بناء العمارة المترامية الأطراف على تلك الأرض، وهكذا ينتهي الفيلم بشعور حامد بعدم الندم على أفعاله، لكنه أعلن نفسه بفخر كرجل أعمال وليس لصا.  

توفيت والدة حامد بعد عامين من سجنه، بينما انتقلت فاطمة من زواجها وتزوجت من رجل اخر، وهي تعيش الآن مع طفليها بسلام، وعاد زميله منصور إلى وظيفته القديمة، بينما افتتح راكان، الذي تمكن من التهرب من القانون سلسلة مقاهي متخصصة وأصبح أبو محمد منتجا للمسلسلات التلفزيونية.  

في هذه الأثناء ظل أبو عزة بعيد المنال، وكانت الشرطة لا تزال تبحث عنه، ربما لم يسترد حامد الحقيبة المليئة بالمال الذي دفنه، أو ربما تمكن من العثور عليها، ولكن في نهاية الفيلم، توحي ابتسامته الغامضة بأنه ربما ابتسم لمصيره، مدركا أن جشعه الغامر وتعطشه للسلطة سلبه ثروته ولم يترك له شيئا، ولم تنفعه تمرده على اوضاعه شيء! 

يشارك في بطولة الفيلم الدرامي الكوميدي نخبة من الفنانين العرب؛ من بينهم: فهد القحطاني، وخالد يسلم، وإسماعيل الحسن، وخيرية أبو لبن وحسام الحارثي، وعلي الشريف، وفاطمة البنوي الممثلة والمؤلفة والتي لها عدة إسهامات فنية مؤخرًا أبرزها المشاركة كعضو لجنة تحكيم بإحدى مسابقات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي. 

كما يضم طاقم عمل الفيلم الموسيقار المصري هشام نزيه، مؤلف الموسيقى التصويرية المصاحبة لأحداث "الهامور ح.ع"، التي نالت اشادات الكثير من الجمهور.