للقراءة: كتاب "مقدمة لفلسفة العقل" لادوارد جوناثان لو

ما هو العقل؟ هل هو شيء ما مختلف عن الجسم؟ وإذا كان كذلك، فما هذا الشيء الذي نسميه عقلا؟ ما المشكلة في أن يكون العقل هو الدماغ؟ كيف يمثل العقل الأشياء؟ كيف يعرف الإنسان حالاته الداخلية كالألم؟ ما هو الوعي؟ هل يمكن اختزاله في أحداث في الدماغ؟ هذه الأسئلة قد شغلت الفلاسفة على مر العصور لأنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بفروع فلسفية أخرى، كنظرية المعرفة وفلسفة الأخلاق، لكن منذ ديكارت ( أي مع بداية الفلسفة الحديثة زاد الوعي بهذه الأسئلة وأصبحت أكثر إلحاحا لتولد مناخ علمي سرعان ما حاول أن يشمل كل شيء، في سعيها المحموم لإنتاج: "نظرية كل شيء"، ومن الواضح أن كل شيء هذه تشمل كل شيء حقا، حتى الإنسان. إن فلسفة العقل "لا تهتم بالتحليل الفلسفي للمفاهيم العقلية فحسب وإنما تهتم أيضًا بالقضايا الميتافيزيقية المرتبطة بهذه المفاهيم.. وتتضمن الميتافيزيقا جانبًا مهما هو الأنطولوجيا، وهي دراسة المقولات العامة للوجود أي أنها تقدم تصوراً عاما لكيفية وجود الأشياء. وتحفل فلسفة العقل بالميتافيزيقا لأنها لا بد من أن تقول شيئًا عن العقول والكائنات العاقلة ومكانها ضمن الإطار العام للوجود". باختصار، موقف الفرد من فلسفة العقل يحدد موقفه من الأسئلة الكبرى في الفلسفة. لقد كان من المهم أن يتوفر مرجع عربي لدراسة فلسفة العقل، لا سيما مع ندرة المراجع العربية المؤلفة والمترجمة في المذاهب المعاصرة في فلسفة العقل. وقد اخترنا هذا الكتاب لأن مؤلفه يربط الموضوعات بأسلوب سهل، ولا يقتصر على تعريف المذاهب تعريفا معجميًا، وإنما يحاول إيجاد التشابهات وبيان الاختلافات في منطلقات ونتائج هذه المذاهب. كما أن المؤلف موضوعي إلى حد كبير في عرضه للمذاهب وهذا قليل في الكتب المعاصرة في فلسفة العقل، لأن معظم المؤلفين اختزاليون لهم موقف مادي اختزالي أو إقصائي بشكل أو بآخر من قضايا فلسفة العقل. وهذا لا يعني أن المؤلف ينتصر للثنائية الديكارتية بصورتها التقليدية على النحو الحاصل عند اللاهوتيين المعاصرين مثل ألفين بلانتنجا وريتشارد سوينبرن، وإنما هو ضد الاستخفاف بها، وضد الاختزال المبدئي للإنسان في جسد أو دماغ، وضد هيمنة علم الأعصاب على تصوراتنا لذواتنا.