الجنيه والخليج.. أي سعر عادل للأصول المصرية؟

| ياسر سليم

 تترقب أسواق الخليج هذا الأسبوع السعر الجديد الجنيه للمصري مقابل العملات الأخرى، لتنفيذ صفقات مؤجلة من العام الماضي، حيث من المتوقع أن يقر البنك المركزي هذا الأسبوع تعويما جديدًا للجنيه، كان مقررا نهاية العام الماضي. وتأجل قرار المركزي من العام الماضي لاعتبارات عديدة يقدرها مسؤولو المالية في مصر، بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي حول قرض جديد ربما يلامس عتبة العشرة مليارات دولار، زيادة من ثلاثة مليارات كانت مقررة، وارتفعت عقب تطورات الأحداث الإقليمية الأخيرة، تقديرا للخسائر التي ألمّت بالاقتصاد المصري نتاج تلك الأحداث، سواء في غزة أو البحر الأحمر.  وزاد الفارق في السوقين الرسمي والموازي بين سعر الدولار - والعملات الأخرى - وبين سعر الجنيه، بنسبة وصلت إلى مائة بالمائة، حيث يدور سعر الدولار الرسمي في البنوك حول 31 جنيها، حتى أمس الأحد، فيما يقدره متعاملون بالسوق الموازية بنحو يتراوح ما بين ستين وسبعين جنيها، بحسب المبلغ المتوافر من الدولار أمام طالبيه من المستوردين. وتمثل تلك الازدواجية في السعرين والفارق الهائل بينهما عقبة أمام تنفيذ عدد من صفقات بيع الأصول المصرية لمستثمرين ومواطنين خليجيين ومصريين مقيمين بالخليج. وتغري السوق الموازية لاجتذاب تلك العملات الخليجية والدولار، بدلًا من ضخها في المصارف الرسمية، سواء لشراء أصول مصرية من قبل مؤسسات خليجية أو مواطنين خليجيين يقبلون على شراء العقارات والاستثمار المحدود بمصر، أو حتى المصريون بالخارج الراغبين في تحويل مدخراتهم، والتي انخفضت مؤخرًا بنسبة تصل إلى 30 %، نزولًا من 32 مليار دولار، حيث تتحقق مكاسب مضاعفة من التحويل عبر مسارات أخرى خارج الجهاز المصرفي. ويرى ثلاثة محللين اقتصاديين مصريين استطلعت “البلاد” آراءهم أن أي سعر للدولار يقره المركزي يقل عن سعر السوق الموازي، لن ينجح في تسريع وتيرة تنفيذ تلك الصفقات، فيما رأى محللان آخران أن المركزي المصري مضطر لتحريك سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأخرى بهامش محدود يتوسط المسافة بين السعرين الرسمي والموازي، وهو ما لن يحل أزمة الصفقات المؤجلة، والتحويلات المعلقة.

   وقال مصدر اقتصادي  لـ ”البلاد” - تحفظ على ذكر الاسم - إن الحكومة المصرية تلقّت طلبات من مؤسسات استثمار خليجية كبرى خلال العام الماضي، بشأن التعامل على الصفقات بالسعر الواقعي له، في السوق الموازي، بحيث يجري تقدير قيمة الأصول والشركات المعروضة للبيع وفق ذلك السعر لا السعر الرسمي، غير أن قرار المركزي المرتقب خلال أيام، ربما يعجّل بالتنفيذ بناءً على السعر الجديد، مع مراعاة قيمة واقعية للأصول والشركات المعروضة للبيع. وتواجه مصر أزمة نقص كبيرة في العملات الأجنبية، نتاج اختلال الميزان بين الصادرات والواردات، فضلًا عن أقساط خدمة الدين الضخمة، إذ يتعيّن على مصر سداد نحو 9.5 مليار دولار أخرى من أقساط الديون والفوائد قصيرة الأجل خلال النصف الأول من العام الجاري 2024.  ومن المقرّر سداد الجزء الأكبر من تلك الديون خلال الشهرين الحالي فبراير، ومارس المقبل، من جملة تبلغ نحو 32.8 مليار دولار، يتوجب على مصر سدادها هذا العام، وتعادل نحو 20 % من إجمالي الديون الخارجية للبلاد، وهي ديون متوسطة وطويلة الأجل مستحقة خلال 2024.