أبوالغيط: الشعوب العربية لن تنسى العنف الأعمى لإسرائيل

أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، أن الشعوب العربية لن تنسى العنف الأعمى الذي أظهره الاحتلال الإسرائيلي وهو يستهدف النساْ والأطفال ويطارد المهجرين، مشيراً إلى أن بعض الدول الغربية قدمت غطاء سياسيا بالذات مع بدء العدوان. وطالب بإقامة مؤتمر دولي للسلام يجسد رؤية الدولتين، التي تحظى بالإجماع العالمي. وفيما يلي نص كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط خلال القمة الـ 33 التي جرت في البحرين. حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين أصحاب الفخامة والسمو السيدات والسادة اسمحوا لي في البداية أن أتقدم بجزيل الشكر وعميق الامتنان لكم جلالة الملك، ومن خلالكم إلى شعب مملكة البحرين الحبيب الكريم وحكومتها.. على ما أحطنا به من رعاية وكرم وحسن وفادة.. وأن أهنئكم على تبوئكم رئاسة القمة في دورتها الثالثة والثلاثين.. وأدعو الله أن يوفقكم إلى ما فيه خير أمتنا وشعبنا ... كما أتقدم بجزيل الشكر والامتنان الي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي العهد الامير محمد بن سلمان على ما بذلته الرئاسة النشطة للمملكة العربية السعودية خلال القمة الماضية والتي تزامنت مع أحداث جسام شكلت تحدياً كبيراً للعرب ولجامعتكم العتيدة. السيد الرئيس إن قمتكم تعقد اليوم في ظروف استثنائية.. فالعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة، بكل ما ينطوى عليه من وحشية وتجرد من الضمير يُمثل حدثاً تاريخياً فارقاً. لن تنسى الشعوب العربية ذلك العنف الأعمى الذي أظهره الاحتلال الاسرائيلي، وهو يستهدف النساء والأطفال.. ويطارد المهجرين والمشردين من ملاذ إلى آخر بالقنابل والرصاص.. وقد صار العالم كله مدركاً لحقيقة باتت ساطعة وهي أن الاحتلال والسلام لا يجتمعان.. فالاحتلال لا يُمكنه الاستدامة سوى بممارسة التطهير العرقي وبالإمعان في فرض واقعه الغاشم بقوة السلاح. أما طريق السلام والاستقرار في هذا الاقليم فيقتضي منهجاً مختلفاً .. يقتضي تخلي الاحتلال الاسرائيلي عن أوهام الاحتفاظ بالأرض والسيطرة على البشر .. ويقتضي الإنهاء الفوري للاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية على حدود 67.. لكن ما رأيناه من الاحتلال عبر الشهور الماضية يُشير إلى أن الأوهام لا زالت تحكم التفكير، وأن تصورات القوة والهيمنة العرقية لا زالت تسيطر على السياسات. وللأسف قدمت بعض الدول الغربية غطاء سياسياً، بالذات مع بداية العدوان، لكي تُمارس إسرائيل هذا الإجرام في قطاع غزة... واليوم يقف حتى أقرب أصدقائها عاجزاً عن لجمها. إن النكبة التاريخية لم تمحو الفلسطينيين من الوجود.. لم تخرجهم من الجغرافيا ولم تشطبهم من التاريخ.. فأبناء أبنائهم هم من يُمارسون هذا الصمود الأسطوري اليوم على الأرض في قطاع غزة وكافة ربوع فلسطين... إن التهجير القسري مرفوض عربياً ودولياً.. مرفوض أخلاقياً وإنسانياً وقانونياً ... مرفوض ولن يمر. إن أحداً لا يريد العودة إلى اليوم السابق على السابع من أكتوبر... وما يرتكبه الاحتلال من فظائع وشناعات في غزة لن يُعيد إليه الأمن... إننا نريد الانتقال إلى المستقبل وليس العودة إلى ماض مأسوي أوصلنا إلى هذه النقطة ... ولا مستقبل آمناً في المنطقة سوى بمسار موثوق، لا رجعة عنه، لإقامة الدولة الفلسطينية. إننا نطالب المجتمع الدولي، بمن فيه أصدقاء إسرائيل... بل بالأخص أصدقاء إسرائيل.. بإقامة مؤتمر دولي للسلام يُجسد رؤية الدولتين التي تحظى بالإجماع العالمي.. وبالعمل على مساعدة الطرفين، ومرافقتهما لتحقيق هذه الرؤية في أجل زمني قريب .. إنقاذاً لمستقبل الشعوب الذين يستحقون السلام والأمن.. في فلسطين والعالم العربي.. وفي إسرائيل أيضاً. السيد الرئيس إن أزمات منطقتنا لا زالت مفتوحة والكثير من الجراح لم يلتئم.... الجرح في السودان غائر وخطير ، لأنه يُهدد بقاء الدولة ووحدة مؤسساتها الوطنية... ويُهدد حياة الملايين من الناس.. وإننا ندعو الجميع الي إسكات البنادق فوراً صوناً لحرمة الدم السوداني الغالي ولوحدة الوطن المهدد بالانقسام. وفي اليمن وليبيا وسوريا أزمات أنهكت الدول والشعوب.. أزمات مجمدة تنتظر حلولاً وتسويات تستعيد الأوضاع الطبيعية التي تتطلع إليها الشعوب في هذه الدول، وكذلك جيرانهم ممن طالهم أذى هذه الأزمات وتبعاتها الخطيرة.. إنني أدعو وأعمل بلا كلل للاستمرار ومواصلة الجهد من أجل إيجاد حلول عربية للأزمات العربية. السيد الرئيس

يمر العالم بحالة غير مسبوقة من الاستقطاب المنذر بالخطر والخسارة للجميع ... وينأى العالم العربي بنفسه عن أن يكون طرفاً في استقطاب نرى بوضوح مآلاته السلبية على العالم... ونستمر من خلال الجامعة العربية في إدارة علاقات متوازنة بين المجموعة العربية وكافة الشركاء والمجموعات الدولية .. من الشرق والغرب.. علاقات تتأسس على الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة.. ولا تحمل انحيازاً لطرف ضد طرف أو اصطفافاً في صراعات يخرج الجميع منها خاسراً. وبالمثل، تسعى الدول العربية في علاقاتها مع جيرانها في الإقليم إلى علاقات بناءة من حسن الجوار تتأسس على مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول.. فهدف الشعوب العربية هو التنمية ومواجهة المشكلات القائمة .. والكثير من الدول العربية يتبنى خططاً طموحة تهدف إلى وضع المنطقة العربية في مكانها اللائق على الساحة العالمية ... ونؤكد هنا أن العمل الجماعي هو السبيل إلى تحقيق رخاء الجميع.. فلن يخرج العرب من عثراتهم إلا بالتضامن مع بعضهم.. ولن ينهضوا إلا معاً... على الله قصد السبيل. شكراً لانصاتكم... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.