تتميز بالرؤية  التشكيلية المتجددة

السينما الروسية.. إبداع بلا حدود

| أسامة الماجد

لقد وصفت السينما الروسية من قبل بأنها كانت ومازالت ستبقى الأقوى بالتيارات والاتجاهات وبالمخرجين العظام من أمثال اندريه تاركوفسكي وغيرهم، واكتسبت السينما الروسية هذا المذاق الخاص والمتميز لأنها باختصار السينما التي تعيش بقوة وتماسك، وفي مقال بعنوان" السينما الروسية أبداع بلا حدود " في جريدة الفنون الشهرية التي يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت، استعرضت الكاتبة امل الجمل من مصر مجموعة من كلاسيكيات السينما الروسية التي عرضت في أسبوع الفيلم الروسي بالمركز الثقافي الروسي بالقاهرة، فأوضحت أن  أهم ما يميز تلك الأفلام اهتمامها بالموضوعات الإنسانية، هذا إلى جانب الرؤية التشكيلية المتجددة، التي تؤكد أن المجال أمام الإبداع ما زال مفتوحا ولكنه يقتصر على من لديه الجرأة لاقتحامه، وهذا ليس بالشيء الجديد على السينما الروسية، ولكنها منذ العشرينيات كانت إحدى مدرستين سيطرتا على تطور الفن السينمائي كانت المدرسة الأولى في ألمانيا، أما المدرسة الثانية، فكانت في الاتحاد السوفيتي، وإذا كانت ثورة 1917 ، عزلت روسيا عن بقية أوروبا من الناحيتين الاقتصادية والثقافية، فإنه في أوائل العشرينيات جرت تجارب فنية جريئة في روسيا، ففي الموسيقى ظهرت أصوات جديدة غريبة تقلد خلاطات الأسمنت والجرارات والشواكيش، وفي المسرح امتزجت المسرحيات الكلاسيكية على خشبة المسرح بالبهلوانات، وأخذت السينما نصيبها أيضا من هذا التطور، وبدأت سلسلة عظيمة من الأفلام الروسية تظهر بين عام 1925 وعام 1930، وكانت البداية بفليمين هائلين عام 1925 ، وهما : "المدرعة بوتمكين" للمخرج إيزنشتين، الذي يدرس اليوم في جميع معاهد العالم، وأصبح أحد أهم عشرة أفلام في تاريخ السينما العالمية، وفيلم "الأم"، للمخرج الروسي العظيم بودوفكين، الذي وصفه المؤرخ السينمائي الفرنسي بأن أفلامه أشبه ما يكون بالأغنية. ثم جاءت تحف فنية أخرى مثل " نهاية سانت بيترسبرج" و: "عشرة أيام هزت العالم" و "عاصفة فوق آسيا" 1928 و"الترسانة" وجزء من إمبراطورية" و"القديم والجديد" .. وتضيف الكاتبة: كانت هذه الأفلام اللافتة للنظر ثورية في موضوعاتها وفي أسلوبها، ففيها كانت الصور المتحركة تعامل لأول مرة لا كفن فقط ولكن كعلم أيضا . علم ظهر نتيجة لندرة الفيلم الخام ونقص معدات التصوير التي ظلت الاستديوهات الروسية تعاني منها عشر سنوات تقريبا بعد قيام الثورة، وإذا ما قورن ما فعله السينمائيون الروس بما فعله السينمائيون الألمان، فإننا نجد أن الروس خلقوا أفلاما من لا شيء. ففي نهاية الثورة وجد الاتحاد السوفيتي الجديد نفسه من دون صناعة، وكانت صناعة السينما الروسية بدأت فقيرة وضعيفة، فحتى عام 1907  ، لم يكن يوجد استديو سينمائي واحد في روسيا، ثم أنشئت بعد ذلك استديوهات صغيرة بعضها فرنسي وبعضها ألماني والبعض روسي، وعندما قامت الثورة كان عدد دور العرض في روسيا كلها 1045 دارا، ولكن ما كادت الثورة تهب حتى تدهورت الصناعة وانسحب الأوروبيون وتبعهم الروس البيض آخذين معهم كل ما استطاعوا من كاميرات وأفلام، وأصبحت الاستديوهات أشبه ما يكون بالأرض الجرداء، وكانت كلمات لينين في خطابه الشهير تدل على الذكاء وبعد النظر وخاصة حينما قال: "تعتبر السينما من بين الفنون جميعا، أهمها بالنسبة إلينا".