ليس مجرد تراب.. بل تاريخ وذكريات طفولة

أهالي المالكية يطالبون بإعادة النظر بخطط تطوير الساحل

| البلاد: أمل العرادي

الأهالي: "لا نرفض التطوير.. ولكن نريد ضماناً للمحافظة على البيئة والطابع المحلي"  المخطط 525 متر مربع من مساحة الساحل الرملي التي لا تتجاوز الـ 250 متر مربع  المطالبة بنقل المشروع إلى مكان بعيد عن المنطقة الرملية بما يضمن الحفاظ على الطابع الطبيعي للساحل المشروع يقع في منطقة تُعرف بارتفاع منسوب المدّ، وتُسمى محليًا بـ"ماية لهلال"  الأهالي يستعرضون المواقع البديلة أمام وزارة البلديات والعضو البلدي، ونائب الدائرة 

 

جدل واسع طال منطقة المالكية بعد خطة تطوير ساحلها الرملي، إذ دعت مجموعة من الأهالي إلى إعادة النظر في هذه الخطط لتتوافق وضمان الحفاظ على البيئة الطبيعية للساحل وطابعه المحلي. 

ورغم أن الأهالي لا يعارضون أي خطط لطوير المنطقة، إلا أنهم ضد أي فكرة أو خطة يُنتج عنها آثار سلبية قد تنتج عن أي مشروع.  

تواصلت صحيفة "البلاد" مع الناشط الاجتماعي، وعضو لجنة ساحل المالكية محمد عبدالعال للوقوف على أبرز المستجدات والأسباب التي دفعت الأهلي للاعتراض على هذا المشروع، فضلا عن تسليط الضوء على أهم المقترحات البديلة، وأملهم في تحرك الجهات الرسمية. 

أضرار بيئية تُثير القلق 

رغم تأكيد أهالي منطقة المالكية على دعمهم لأي مشروع يهدف إلى تطوير ساحل المالكية وتحسين الخدمات فيه، إلا أن اعتراضهم لا ينصب على مبدأ التطوير بحد ذاته، بل على الأسلوب المفاجئ الذي تم به تنفيذ المشروع دونما إشراك للمجتمع المحلي، إذ تفاجأ الأهالي، دون سابق إنذار، ببدء تسوير مساحة تُقدّر بـ 35 مترا × 15 مترا مربعا، أي بإجمالي مساحة تقدر بـ 525 متر مربع من مساحة الساحل الرملي الإجمالية البالغة 250 متر مربع فقط، ويعتبر هذا الجزء الصغير المتنفس الطبيعي الوحيد للأهالي وزوار المنطقة. 

وعليه، أعرب السكان عن مخاوفهم من أن تشييد المبنى بارتفاع يصل إلى 5 أمتار سيحجب المنظر الطبيعي تماما، ويحرمهم من جمال المشهد البحري المفتوح، كما أن المشروع، في موقعه الحالي، سيقيد ممارسة الأنشطة الرياضية، والترفيهية التي اعتاد عليها الأهالي كالمشي على الرمال، وسيؤدي إلى تقليص المساحات المخصصة للأطفال للعب، والترويح عن النفس. 

وتزداد هذه المخاوف تعقيدًا نظراً لوقوع المشروع في منطقة تُعرف بارتفاع منسوب المدّ، وتُسمى محليًا بـ "ماية لهلال"، ما يجعلها بيئيا غير مناسبة للبناء، كما أشار إلى ذلك عدد من الناشطين البيئيين. 

من هذا المنطلق، يؤكد الأهالي أن مطلبهم لا يخرج عن إطار التطوير المستدام، لكنهم يشددون على ضرورة أن يتم ذلك وفق نهج تشاركي يجمع بين الجهات الرسمية، والمجتمع المحلي، بما يضمن التوازن بين التنمية والحفاظ على الطابع البيئي والاجتماعي للمنطقة. 

مبنى وكوفي شوب 

وبالسؤال عن تفاصيل المشروع، قال محمد عبد العال:"المشروع يتضمن بناء كوفي شوب على الساحل، وقد تم طرح المناقصة لبناء المبنى، ورست على إحدى الشركات التي ستقوم بإنشاء المبنى خلال ستة أشهر، بعدها سيتم عرض المبنى للتأجير عبر المزايدة، دون أن يتم الاتفاق مع أي مستثمر حتى وقتنا الراهن، وذلك وفق ما أكده العضو البلدي". 

صوت في مهب الرياح  

وفيما يتعلق بالتواصل مع الجهات المعنية ورفع الأهالي صوتهم لتلك الجهات، أكد عبد العال على أنه في إطار اعتراضات الأهالي على المشروع الساحلي قيد التنفيذ، شهدت الأسابيع الماضية تحركات متواصلة من قِبل السكان للتواصل مع الجهات الرسمية المعنية، بهدف نقل المشروع إلى موقع بديل يحظى بقبول مجتمعي أوسع. 

وقال:"بدأت الجهود الأهلية بالتواصل مع المجلس البلدي، إلا أن هذه المساعي لم تسفر عن أي نتائج واضحة، تلا ذلك تقديم شكاوى متعددة عبر برنامج "تواصل"، غير أن الردود الواردة من الوزارة المعنية جاءت موحدة، مشيرة إلى أن المنطقة مشمولة ضمن خطة لتطوير الساحل، مما أدى إلى إغلاق الشكاوى دون حلول عملية". 

وفي خطوة تصعيدية، سعت اللجة الأهلية لتنظيم لقاء مباشر مع المعنين في البلديات لعرض وجهة نظر الأهالي وتقديم ملاحظاتهم، إلا أن ذلك لم يتحقق حتى الآن، وعلى ضوء ذلك، أُطلقت عريضة شعبية تطالب بنقل المشروع، وقد حظيت العريضة بتفاعل واسع من الأهالي، ودعم رسمي من النائب البرلماني الممثل للمنطقة النائبة حنان الفردان. 

بالإضافة إلى أنه تم عقد اجتماع مع مديرية أمن المنطقة الشمالية، التي أكدت بدورها على سلمية التحركات الأهلية ومشروعيتها، داعية إلى ضرورة التفاهم المشترك بين السكان والجهات الرسمية. 

وفي تطور مهم، قام وفد من وزارة البلديات، برفقة العضو البلدي ونائب الدائرة، بزيارة ميدانية لموقع المشروع، حيث تم استعراض عدد من المواقع البديلة المحتملة، ولا يزال الأهالي بانتظار صدور موقف رسمي يُترجم هذه الزيارة إلى خطوات عملية تلبي تطلعاتهم. 

وعن المقترحات البديلة التي قدمها الأهالي في صراعهم للحفاظ على ساحلهم، فقد اقترحوا نقل المشروع إلى مكان بعيد عن المنطقة الرملية بما يضمن الحفاظ على الطابع الطبيعي للساحل، وتطوير المناطق الداخلية التي لا تشكل تهديدًا للبيئة الساحلية، إلى جانب المطالبة بإشراك الأهالي في التخطيط لأي مشاريع مستقبلية بما يخص مصالحهم المباشرة. 

هذا، وأكد عبد العال على أن الأهالي يؤكدون تماما على ضرورة إجراء دراسات بيئية واجتماعية لتقييم الأثر قبل تنفيذ أي مشروع، وذلك لضمان أن يكون التطوير مستداما ويعزز من الطابع المحلي دون الإضرار بمصالح الأهالي أو البيئة، مشددين على أن المشاريع السياحية يجب أن تكون متوافقة مع الحفاظ على جمالية الساحل وعدم المساس بتاريخ المنطقة أو تضرر البيئة الطبيعية. 

التحرك في إطار القانون  وفي هذا السياق، تسعى اللجنة إلى توظيف جميع الوسائل القانونية المتاحة لإيصال صوت الأهالي وحماية حقوقهم، وتُظهر العريضة الشعبية أن الأهالي يتعاملون مع القضية بأسلوب حضاري، حيث يوجهون خطابهم بطريقة محترمة إلى المسؤولين وصناع القرار المعنين في انتظار أن يُتخذ القرار الذي يحقق مطالبهم، لا سيما وأن كافة تحركاتهم تظل في إطار ما يكفله لهم القانون والدستور البحريني. 

ونوه محمد عبدالعال على أن موقف لجنة الساحل يحظى بدعم شعبي قوي وإجماع في الآراء والقرى المجاورة، إذ تلقوا رسائل دعم من مناطق مختلفة في البحرين، كمدينة المحرق، والرفاع، والمنامة، كما أبدى العديد من مرتادي الساحل من مختلف المناطق رغبتهم في نقل المشروع، مؤكدين أنه يمثل إرثًا تاريخيًا يجب الحفاظ عليه. 

أهمية سرعة الاستجابة  وفي الختام، أكد الناشط الاجتماعي وعضو لجنة ساحل المالكية محمد عبدالعال أن الأهالي يوجهون رسالة إلى النائب والجهات المسؤولة، داعين إلى دعم مطالبهم بشكل عاجل والنظر في مواقع بديلة للمشروع، إذ يُشدد الأهالي على أن الساحل ليس مجرد تراب، بل هو جزء من تاريخهم وذكرياتهم منذ الطفولة، ويأملون أن تُؤخذ مطالبهم بعين الاعتبار وأن يعمل الجميع سويًا لتحقيق تطلعات المجتمع والحفاظ على هذا الإرث التاريخي للأجيال القادمة.