لجنة الدعوم.. كالتي نقضت غزلها من بعد قوة
| سيد علي المحافظة
بين “أبريلَين”، عام شهد تحولات دراماتيكية في لجنة إعادة توجيه الدعم لمستحقيه، فعادت “كالتي نقضت غزلها من بعد قوة”. “اللجنة قدمت كل تصوراتها للحكومة قبل سنة، وأنهت عملها في أغسطس الماضي”، هذا ما قاله رئيس اللجنة النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالنبي سلمان لـ “البلاد” عند سؤاله عن ترتيبات استئناف عمل اللجنة وآفاق التوافقات بعد إقرار الميزانية العامة للدورة الحالية. أما رئيس اللجنة المالية والاقتصادية بالمجلس النائب أحمد السلوم، فأكد في حديثه لـ “بودكاست البلاد” أن الميزانية الحالية وضعت اللبنة الأولى لتوجيه الدعم بشكل أكثر عدالة وفعالية، عبر رصد ميزانية أكبر، واستحداث بند خاص بحساب المواطن الذي يعد أحد توصيات اللجنة.
أضخم ميزانية ملف الدعم الحكومي كان حاضرا بقوة في اجتماعات مناقشة الميزانية العامة، عبر مناقشة المعايير والآليات الخاصة بحساب المواطن، وزيادة ميزانية الدعم الحكومي وزيادة عدد المستفيدين. وترجمت الميزانية العامة للدورة الحالية 2025 و2026 هذا التوجه، عبر رصد أضخم ميزانية للدعم الحكومي بلغت مليارًا و565 مليونا و85 ألف دينار، كان نصيب حساب المواطن منها - الذي يضم علاوتي الغلاء واللحوم - نحو 624 مليون دينار. كما برزت جدية الطرف الحكومي في استمرار عمل اللجنة عبر خطاب وزير شؤون مجلس الوزراء حمد المالكي المضمن بقرار سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، بتسمية أعضاء الوفد الحكومي في الاجتماعات المشتركة مع السلطة التشريعية لإعادة هيكلة الدعم الحكومي في ديسمبر الماضي. وضم الوفد الحكومي حسب القرار كلا من وزير شؤون مجلسي الشورى والنواب غانم البوعينين (رئيسا)، وعضوية كل من وزير شؤون البلديات والزراعة وائل المبارك، ووزير شؤون الكهرباء والماء ياسر حميدان ، ووزير شؤون مجلس الوزراء حمد المالكي، ووزير الإسكان والتخطيط العمراني آمنة الرميحي، ووزير التنمية الاجتماعية أسامة العلوي.
دعونا نتفاءل في 31 أكتوبر 2024 كان آخر تصريحات رئيس اللجنة في لقاء له مع إحدى الصحف المحلية، إذ أكد أن الاجتماعات لم تتوقف، وأن وفد السلطة التشريعية قدم للحكومة تصوراته المتفق عليها بين أعضاء اللجنة، وأنها أصبحت في يد الحكومة منذ شهور بانتظار إجابات تفصيلية عنها. “دعونا نتفاءل” هذا ما دعا له رئيس اللجنة في لقائه مع الصحيفة، مؤكدا أن اللجنة “بإمكانها أن تجتمع مرة أخرى إن كانت هناك حاجة لدراسة ما يمكن عمله، وأن أمامنا فرصة للعبور عبر هذا الملف الذي هو أساسي بالفعل”.
إحياء اللجنة وبالعودة إلى البدايات، فقد تأسست لجنة إعادة هيكلة الدعم وتوجيهه لمستحقيه في العام 2017 بعد تعديل أسعار الوقود، وخرجت بتوافقات مهمة رفعت إلى الحكومة في العام 2018. ومع انطلاق الفصل التشريعي الخامس في 2018، لم تُفعّل اللجنة مجددا؛ لأسباب عدة، على رأسها جائحة كورونا، وتغير الأولويات، لتعاود بعد انحسار الجائحة إلى التفعيل مع بداية الفصل التشريعي الحالي. ومنذ العام 2023 دبت الحياة في اللجنة، مع عزم كبير وجدية تامة نحو التوصل إلى توافقات نهائية تضمن كفاءة نظام الدعم الموجه للمواطنين، الذي يتركز في 6 أبواب أساسية ممثلة في: مساعدات الضمان الاجتماعي، والدعم المالي المقدم لمحدودي الدخل، ومخصص الإعاقة، والتعويض النقدي مقابل رفع الدعم عن اللحوم، وعلاوة بدل السكن، وعلاوة تحسين بدل المعيشة للمتقاعدين.
ردود الحكومة الغموض الذي لف عمل اللجنة كان مثار جدل تحت قبة البرلمان أكثر من مرة، تصدرها المشادات الكلامية بين النائب حمد الدوي ورئيس اللجنة عبدالنبي سلمان. كما دفعت حالة عدم الحسم، والإحباط من التوصل إلى توافقات، وغياب السقف الزمني، إلى انسحاب 3 من أعضائها وهم زينب عبدالأمير، ومحمد الحسيني، وهشام العوضي، لتسعفها هيئة مكتب النواب بنواب رؤساء اللجان المنسحبين حينها. مهلتان رسمهما رئيس اللجنة لإتمام أعمالها، الأولى كانت مطلع أبريل 2024، إذ تعذر سلمان حينها بتأخر استلام رد الحكومة على مرئيات السلطة التشريعية، ليمد أجلها شهرا إضافيا حتى نهاية أبريل 2024. أما وزير شؤون المجلسين غانم البوعينين فقد أوضح في حينها أن الفريق المشترك اتفق على جميع مبادئ الدعم التي استجابت فيها الحكومة لإجراء 3 تعديلات على مبادئ لجنة 2018، وأشار إلى أن المرئيات المقترحة من فريق السلطة التشريعية تتطلب مضاعفة مبالغ الدعم - البالغة نحو 450 مليون دينار بالميزانية العامة - الأمر الذي يتطلب تمريره أدوات تشريعية يشارك فيها المجلسان.
مواعيد رئيس اللجنة لم تسر الأمور كما توقعها رئيس اللجنة في تحديد مهلها، ليعلن في يونيو استلام ردود الحكومة على السيناريوهات والتصورات التي رفعتها اللجنة، وأنها تتدارسها مع رئاسة المجلس والجهات المعنية للتوصل إلى التوافقات الممكنة. فأعلن حينها أن اللجنة انتهى دورها برفع تصوراتها ومرئياتها للحكومة، وأن المتبقي هو تحقيق التوافقات المطلوبة، فضرب موعدا جديدا لبلورة الموقف النهائي مع مطلع دور الانعقاد الحالي. ولم يكتف رئيس اللجنة بضرب المواعيد، بل أكد، في حديث سابق له مع “البلاد”، تمسكه باللجنة ورفض نقل تبعيتها للجنة المالية والاقتصادية؛ كون مهامها تختلف عن مهام لجنة الشؤون المالية والاقتصادية. بعد إمضاء الميزانية العامة، وضخ أكبر ميزانية في حساب المواطن، ما مدى جدية اللجنة في حسم ملف الدعم؟