ستة على ستة

بايدن واحتمالات إحياء الاتفاق النووي الإيراني

| عطا السيد الشعراوي

من‭ ‬المختبرات‭ ‬الحقيقية‭ ‬لمستقبل‭ ‬السياسة‭ ‬الأميركية‭ ‬تجاه‭ ‬المنطقة‭ ‬هو‭ ‬كيفية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬إبرامه‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬بشأن‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني،‭ ‬والذي‭ ‬سيكون‭ ‬بوصلة‭ ‬هذه‭ ‬السياسة،‭ ‬سواء‭ ‬لمخاطره‭ ‬الكبيرة‭ ‬وآثاره‭ ‬العميقة‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬بأسرها‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬النواحي‭ ‬الأمنية‭ ‬والبيئية‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬أو‭ ‬لالتصاق‭ ‬إيران‭ ‬بجميع‭ ‬أزمات‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭ ‬ولبنان‭ ‬واليمن‭ ‬وغيرها‭ ‬انطلاقًا‭ ‬من‭ ‬اعتبارات‭ ‬دينية‭ ‬وآيديولوجية،‭ ‬واستنادًا‭ ‬إلى‭ ‬قرب‭ ‬امتلاكها‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الذي‭ ‬سيجعلها‭ ‬تزيد‭ ‬فوارق‭ ‬القوة‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬دول‭ ‬المنطقة،‭ ‬ولهذا‭ ‬يترقب‭ ‬الجميع‭ ‬بشغف‭ ‬وقلق‭ ‬أيضًا‭ ‬ما‭ ‬سيفعله‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬الجديد‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬وهل‭ ‬سينقلب‭ ‬على‭ ‬السياسات‭ ‬الصلبة‭ ‬لسلفه‭ ‬ترامب‭ ‬ويعيد‭ ‬السياسات‭ ‬اللينة‭ ‬التي‭ ‬اتبعها‭ ‬الرئيس‭ ‬الأسبق‭ ‬أوباما،‭ ‬أم‭ ‬سيواصل‭ ‬نهجًا‭ ‬واقعيًا‭ ‬مقرًا‭ ‬بخطورة‭ ‬إيران‭ ‬وسياساتها‭ ‬وأهدافها‭ ‬ويهدف‭ ‬إلى‭ ‬مواجهتها‭ ‬حفاظا‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يسلم‭ ‬من‭ ‬الشر‭ ‬والإرهاب‭ ‬الإيراني‭ .‬

مؤخرًا،‭ ‬ذكرت‭ ‬وكالة‭ ‬رويترز‭ ‬في‭ ‬تسريبات‭ ‬جديدة،‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬تناقش‭ ‬أفكارًا‭ ‬حول‭ ‬إحياء‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تخفيف‭ ‬التوتر‭ ‬الذي‭ ‬حصل‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬بعد‭ ‬انسحاب‭ ‬ترامب‭ ‬عام‭ ‬2018م‭ ‬من‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي،‭ ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬الأفكار‭ ‬إمكانية‭ ‬اتخاذ‭ ‬خطوات‭ ‬صغيرة‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬كتقديم‭ ‬امتيازات‭ ‬اقتصادية‭ ‬لطهران‭ ‬مقابل‭ ‬التزام‭ ‬إيران‭ ‬بالاتفاق‭.‬

معنى‭ ‬هذا،‭ ‬أن‭ ‬احتمالات‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬بايدن‭ ‬نسخة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬أوباما‭ ‬أقرب‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قريبًا‭ ‬من‭ ‬سياسات‭ ‬ترامب،‭ ‬لكنه‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬بنفس‭ ‬الاندفاع‭ ‬الأوبامي‭ ‬تجاه‭ ‬إيران‭ ‬لأسباب‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬مضطرا‭ ‬حاليا‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬السرعة‭ ‬لإحياء‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي،‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬التعنت‭ ‬الإيراني‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬قائمًا‭ ‬ورافضًا‭ ‬لتفاوض‭ ‬جديد‭ ‬حول‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬بايدن‭ ‬على‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة‭ ‬تغضب‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬العامل‭ ‬الأهم‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يؤخر‭ ‬التفاوض‭ ‬ويجعله‭ ‬تفاوضًا‭ ‬محسوبًا‭ ‬غير‭ ‬مندفع‭ ‬هو‭ ‬العامل‭ ‬الداخلي،‭ ‬أي‭ ‬حالة‭ ‬الانقسام‭ ‬الشديد‭ ‬بين‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬الذين‭ ‬ينتمي‭ ‬إليهم‭ ‬بايدن‭ ‬والجمهوريين‭ ‬من‭ ‬أنصار‭ ‬ترامب‭ ‬والمتعاطفين‭ ‬معه‭ ‬والمؤيدين‭ ‬لسياساته‭.‬