صور مختصرة

“شكلنه ريضين... دام الحسابة تجرخ”

| عبدالعزيز الجودر

في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬توقفني‭ ‬الإشارة‭ ‬الضوئية‭ ‬عند‭ ‬تقاطع‭ ‬شارعي‭ ‬الفاتح‭ ‬والأمير‭ ‬سعود‭ ‬الفيصل،‭ ‬“تنفلت‭ ‬أعيوني”‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬الكبيرة‭ ‬نسبيا‭ ‬التي‭ ‬دفنت‭ ‬حديثا‭ ‬وتم‭ ‬تحضيرها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬أجمل‭ ‬وأرقى‭ ‬مناطق‭ ‬العاصمة‭ ‬المنامة‭ ‬وذلك‭ ‬كي‭ ‬يقام‭ ‬عليها‭ ‬مشروع‭ ‬إنشاء‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬بغرفتيه‭ ‬النواب‭ ‬والشورى‭.‬

في‭ ‬لحظات‭ ‬الانتظار‭ ‬تلك،‭ ‬دائما‭ ‬ما‭ ‬تنهمر‭ ‬على‭ ‬“يافوخي”‭ ‬حزمة‭ ‬من‭ ‬الأسئلة‭ ‬المحيرة،‭ ‬يأتي‭ ‬على‭ ‬رأسها‭.. ‬هل‭ ‬البحرين‭ ‬بحاجة‭ ‬ضرورية‭ ‬لمثل‭ ‬تلك‭ ‬المشاريع‭ ‬التي‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تحتاج‭ ‬مبالغ‭ ‬طائلة‭ ‬تستنزف‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬أساسا‭ ‬بأمس‭ ‬الحاجة‭ ‬في‭ ‬وقتنا‭ ‬الحاضر‭ ‬لكل‭ ‬دينار‭ ‬يوظف‭ ‬في‭ ‬مكانه‭ ‬الصحيح‭ ‬وذلك‭ ‬لاستكمال‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬والملفات‭ ‬التنموية‭ ‬التي‭ ‬تحتاجها‭ ‬البلاد‭ ‬والعباد‭.‬

في‭ ‬هذه‭ ‬الأثناء‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬وزارة‭ ‬الأشغال‭ ‬وشؤون‭ ‬البلديات‭ ‬والتخطيط‭ ‬العمراني‭ ‬طرحت‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬يناير‭ ‬الماضي‭ ‬مناقصة‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬ردم‭ ‬تلك‭ ‬الأرض‭ ‬والأعمال‭ ‬المرافقة‭ ‬لها،‭ ‬وتنافست‭ ‬عليها‭ ‬12‭ ‬شركة‭ ‬جاءت‭ ‬أكبر‭ ‬قيمة‭ ‬مناقصة‭ ‬لها‭ ‬بقرابة‭ ‬18‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬“وشكلنه‭ ‬ريضين‭ ‬دام‭ ‬الحسابة‭ ‬تجرخ”‭.‬

نحن‭ ‬هنا‭ ‬نتكلم‭ ‬عن‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الدنانير‭ ‬التي‭ ‬خصصت‭ ‬لمناقصات‭ ‬دفن‭ ‬الأرض‭ ‬وتجهيزها‭ ‬فقط،‭ ‬عدا‭ ‬ذلك‭ ‬هناك‭ ‬عشرات‭ ‬الملايين‭ ‬التي‭ ‬يتطلبها‭ ‬المشروع‭ ‬كالمباني‭ ‬الفخمة‭ ‬التي‭ ‬ستقام‭ ‬فوقها‭ ‬وحتما‭ ‬ستكون‭ ‬على‭ ‬آخر‭ ‬طراز‭ ‬معماري‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬الذي‭ ‬سيضم‭ ‬حسب‭ ‬تصوري‭ ‬قاعتين‭ ‬رئيسيتين‭ ‬للمجلسين،‭ ‬وهناك‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬قاعات‭ ‬اللجان‭ ‬البرلمانية‭ ‬وصالات‭ ‬الاستقبال‭ ‬والمكاتب‭ ‬والمطاعم،‭ ‬إضافة‭ ‬للتأثيث‭ ‬الفخم‭ ‬والبوابات‭ ‬الرئيسية‭ ‬للمبنى‭ ‬وخدمات‭ ‬المرافئ‭ ‬البحرية‭ ‬المحيطة‭ ‬به‭ ‬والمرافق‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة‭ ‬“لزوم‭ ‬الشي‭ ‬أعلا،‭ ‬وشليطة‭ ‬طويلة‭ ‬عريضة‭ ‬مول‭ ‬ما‭ ‬تخلص”،‭ ‬وبحسب‭ ‬تقديري‭ ‬ستصل‭ ‬كلفة‭ ‬المشروع‭ ‬بأكمله‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬من‭ ‬60‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬بحريني‭ ‬“زايد‭ ‬قاصر‭... ‬نوط‭ ‬ينطح‭ ‬نوط”‭.‬

في‭ ‬حين‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬مشاريع‭ ‬تنموية‭ ‬وبنية‭ ‬تحتية‭ ‬ومشاريع‭ ‬سياحية‭ ‬وغيرها‭ ‬الكثير‭ ‬تحتاجها‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬وقتنا‭ ‬أهم‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬مبنى‭ ‬جديد‭ ‬للمجلس‭ ‬الوطني‭.‬

وعليه‭ ‬نأمل‭ ‬من‭ ‬دوائر‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬تجميد‭ ‬المشروع‭ ‬أو‭ ‬صرف‭ ‬النظر‭ ‬عنه‭ ‬نهائيا‭ ‬وتحويله‭ ‬إلى‭ ‬مشروع‭ ‬سياحي‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬إثراء‭ ‬وازدهار‭ ‬اقتصادنا‭ ‬الوطني،‭ ‬ويجعل‭ ‬البحرين‭ ‬وجهة‭ ‬جاذبة‭ ‬ورائعة‭ ‬للسياحة‭ ‬والترفيه‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والاكتفاء‭ ‬بمبنى‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬الحالي‭ ‬الذي‭ ‬يفي‭ ‬بالغرض‭ ‬نفسه‭. ‬وعساكم‭ ‬عالقوة‭.‬