ستة على ستة

دولة خارج النص

| عطا السيد الشعراوي

عندما‭ ‬نكون‭ ‬بصدد‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬علاقات‭ ‬بين‭ ‬دولتين‭ ‬عربيتين،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬تتضمن‭ ‬النصوص‭ ‬مفردات‭ ‬رئيسية‭ ‬كالعلاقات‭ ‬الأخوية‭ ‬الراسخة‭ ‬والتطور‭ ‬والتقدم‭ ‬المستمر،‭ ‬والحرص‭ ‬الدائم‭ ‬على‭ ‬الارتقاء‭ ‬بالعلاقات،‭ ‬والتقدير‭ ‬المتبادل‭ ‬والأسس‭ ‬الراسخة،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المفردات‭ ‬والعبارات‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬دلالات‭ ‬إيجابية‭ ‬ومبشرات‭ ‬عن‭ ‬واقع‭ ‬ومستقبل‭ ‬العلاقات‭.‬

وعندما‭ ‬نمر‭ ‬بفترة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬أزمة‭ ‬بين‭ ‬بلدين‭ ‬عربيين،‭ ‬فإن‭ ‬الواجب‭ ‬والأصول‭ ‬تستدعي‭ ‬صياغة‭ ‬نصوص‭ ‬معبرة‭ ‬عن‭ ‬السعادة‭ ‬والارتياح‭ ‬لحل‭ ‬الأزمة‭ ‬والرغبة‭ ‬في‭ ‬طي‭ ‬صفحة‭ ‬الماضي‭ ‬والإرادة‭ ‬والعزم‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬العلاقات‭ ‬وإعادتها‭ ‬للحالة‭ ‬الأخوية،‭ ‬فهذا‭ ‬هو‭ ‬النص‭ ‬الطبيعي‭ ‬المتوقع‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭.‬

ولكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬قطر‭ ‬تصر‭ ‬دائمًا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬“خارج‭ ‬النص”‭ ‬الطبيعي‭ ‬والسياق‭ ‬الأخوي‭ ‬في‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬فما‭ ‬إن‭ ‬استبشرنا‭ ‬خيرًا‭ ‬بتجاوز‭ ‬الأزمة‭ ‬القطرية‭ ‬وطي‭ ‬تلك‭ ‬الصفحة‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬العلا‭ ‬بالمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬وبالخطوات‭ ‬الجدية‭ ‬التي‭ ‬تعكس‭ ‬الرغبة‭ ‬الصادقة‭ ‬والمساعي‭ ‬الحثيثة‭ ‬من‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬لحل‭ ‬كل‭ ‬القضايا‭ ‬العالقة‭ ‬لتكون‭ ‬الصفحة‭ ‬مهيأة‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬سعيد‭ ‬ومشرق‭ ‬للبلدين‭ ‬والشعبين‭ ‬الشقيقين،‭ ‬فوجئنا‭ ‬باستمرار‭ ‬النهج‭ ‬القطري‭ ‬المراوغ‭ ‬في‭ ‬التفاوض‭ ‬والمشاكس‭ ‬في‭ ‬الحوار‭ ‬والمضلل‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭.‬

الكياسة‭ ‬كانت‭ ‬توجب‭ ‬على‭ ‬قطر‭ ‬أن‭ ‬تظهر‭ ‬صدق‭ ‬نيتها‭ ‬وأن‭ ‬تبتعد‭ ‬عن‭ ‬القضايا‭ ‬البحرينية‭ ‬الداخلية،‭ ‬وإن‭ ‬اقتربت‭ ‬منها‭ ‬وقامت‭ ‬بمعالجتها‭ ‬عبر‭ ‬قناتها‭ ‬الجزيرة‭ ‬فالحكمة‭ ‬كانت‭ ‬تقتضي‭ ‬اختيار‭ ‬موضوعات‭ ‬تحفز‭ ‬على‭ ‬التقارب‭ ‬وتشجع‭ ‬على‭ ‬التواصل،‭ ‬وتعكس‭ ‬الرغبة‭ ‬الحقيقية‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬القوية‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الدوحة‭ ‬كعادتها‭ ‬ظلت‭ ‬خارج‭ ‬النص‭ ‬وبأسلوب‭ ‬غشيم‭ ‬واضح‭ ‬منه‭ ‬سوء‭ ‬النية‭ ‬وخبث‭ ‬المقصد‭. ‬

النص‭ ‬الإعلامي‭ ‬المحترم‭ ‬دائمًا‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬قضايا‭ ‬هادفة‭ ‬تشكل‭ ‬محور‭ ‬اهتمام‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬وتركز‭ ‬على‭ ‬موضوعات‭ ‬تحترم‭ ‬عقل‭ ‬المشاهد‭ ‬والمستمع،‭ ‬أما‭ ‬أن‭ ‬تركز‭ ‬قناة‭ ‬تدعي‭ ‬العالمية‭ ‬والمصداقية‭ ‬وتزعم‭ ‬إتاحة‭ ‬المجال‭ ‬للرأي‭ ‬والرأي‭ ‬الآخر‭ ‬على‭ ‬مزاعم‭ ‬وروايات‭ ‬وهمية‭ ‬تعود‭ ‬لسنوات‭ ‬بعيدة‭ ‬ومن‭ ‬خيالات‭ ‬مسجونين‭ ‬ارتكبوا‭ ‬جرائم‭ ‬خطيرة‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬المجتمع،‭ ‬فهي‭ ‬قناة‭ ‬خارج‭ ‬النص‭ ‬الإعلامي‭ ‬تابعة‭ ‬لدولة‭ ‬خارج‭ ‬النص‭ ‬الدولي‭.‬