ستة على ستة

“كورونا” والسلام العالمي

| عطا السيد الشعراوي

فيما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬تأثير‭ ‬جائحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬كوفيد‭ ‬19‭ ‬لم‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬الأبعاد‭ ‬الصحية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬أظهر‭ ‬مؤشر‭ ‬السلام‭ ‬العالمي‭ ‬السنوي‭ ‬الذي‭ ‬نشره‭ ‬معهد‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والسلام‭ ‬في‭ ‬17‭ ‬يونيو‭ ‬الجاري‭ ‬زيادة‭ ‬معدلات‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬منذ‭ ‬تفشي‭ ‬الجائحة،‭ ‬حيث‭ ‬سجل‭ ‬المؤشر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمسة‭ ‬آلاف‭ ‬حادث‭ ‬عنف‭ ‬مرتبط‭ ‬بالجائحة‭ ‬بين‭ ‬شهري‭ ‬يناير‭ ‬2020‭ ‬وأبريل‭ ‬2021م،‭ ‬وشهد‭ ‬25‭ ‬بلدا‭ ‬عددا‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬المظاهرات‭ ‬العنيفة‭.‬

وكان‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬يسهم‭ ‬التأثر‭ ‬والانشغال‭ ‬بالجائحة‭ ‬في‭ ‬انخفاض‭ ‬العمليات‭ ‬الإرهابية‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬مثل‭ ‬فرصة‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬التكاتف‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬لمواجهة‭ ‬تلك‭ ‬الأزمة‭ ‬الإنسانية‭ ‬مواجهة‭ ‬شاملة‭ ‬وعادلة‭ ‬ومراعية‭ ‬للدول‭ ‬الفقيرة‭ ‬قبل‭ ‬الغنية،‭ ‬لكن‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬فرضت‭ ‬وضعًا‭ ‬غير‭ ‬مستقر‭ ‬حال‭ ‬دون‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬التكاتف‭ ‬الأممي،‭ ‬كما‭ ‬أدت‭ ‬لاضطرابات‭ ‬داخلية‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬وانقسامات‭ ‬خطيرة‭ ‬اجتماعية‭ ‬واقتصادية‭ ‬وسياسية،‭ ‬وأظهرت‭ ‬تفاوتًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬وتباينًا‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التعايش‭ ‬معها‭.‬

لهذا،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬غريبًا‭ ‬أن‭ ‬تحذر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬جلسة‭ ‬افتراضية‭ ‬عقدها‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬يناير‭ ‬الماضي‭ ‬حول‭ ‬تنفيذ‭ ‬القرار‭ ‬رقم‭ ‬2532،‭ ‬الصادر‭ ‬في‭ ‬2020،‭ ‬بخصوص‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬الصراع‭ ‬بالعالم،‭ ‬والتفرغ‭ ‬لمواجهة‭ ‬تفشي‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭.. ‬أن‭ ‬تحذر‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬على‭ ‬السلم‭ ‬والأمن‭ ‬الدوليين،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أنها‭ ‬فاقمت‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬المساواة‭ ‬وخلقت‭ ‬بؤرا‭ ‬جديدة‭ ‬للتوتر،‭ ‬وزادت‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار،‭ ‬محذرة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬النامي‭ ‬يواجه‭ ‬خطر‭ ‬التخلف‭ ‬عن‭ ‬الركب‭ ‬مع‭ ‬بدء‭ ‬حملات‭ ‬التطعيم‭ ‬ضد‭ ‬الفيروس‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬الأكثر‭ ‬ثراء،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬اعتبرته‭ ‬المنظمة‭ ‬الدولية‭ ‬فشلا‭ ‬أخلاقيا‭ ‬كارثيا،‭ ‬وضربة‭ ‬قاسية‭ ‬للسلام‭ ‬والأمن‭.‬

مؤكد‭ ‬أن‭ ‬البشرية‭ ‬بأسرها‭ ‬تواجه‭ ‬تحديا‭ ‬خطيرا‭ ‬وغير‭ ‬مسبوق،‭ ‬ولن‭ ‬تنجح‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المواجهة‭ ‬المصيرية‭ ‬إلا‭ ‬باستجابة‭ ‬نوعية‭ ‬وعالمية‭ ‬متكاتفة‭ ‬في‭ ‬تعاطيها‭ ‬ومتكاملة‭ ‬في‭ ‬آلياتها‭ ‬وشاملة‭ ‬في‭ ‬نطاقها‭ ‬وشفافة‭ ‬وفاعلة‭ ‬في‭ ‬تحركاتها‭ ‬لتؤدي‭ ‬لاستتباب‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬المعمورة‭.‬