الموجة الرابعة... كورونا والحقيقة الغائبة

| إميل أمين

دخل العالم بكل تأكيد زمن الموجة الرابعة من تفشي جائحة كورونا، ولا تزال الحقيقة خفية أو مخفية، لا أحد قادر بالضبط على بلورة رؤية حقيقية لما جرت به المقادير خلال العامين الماضيين.

لم تنجح الدولة الأميركية الاستخباراتية العميقة في تحديد ما إذا كان الفيروس طبيعيا أم مخلقا، وغالب الأمر أنه حدث انقسام بين الأجهزة المعنية بجمع المعلومات، فالذين قصرت بهم السبل المعلوماتية قالوا إنه طبيعي، فيما فريق آخر ذهب أعضاؤه إلى القول إننا لم نجد حتى الساعة أدلة على قيام الصينيين بتخليق الفيروس، لكن هذا لا يعني أنهم أبرياء بالمرة من جريرة هذا الفيروس الشائه الذي أتعب العالم بشكل غير مسبوق.

مهما يكن من أمر فإن الفيروس وبعد نحو عام تقريبا من توزيع اللقاحات حول العالم، ها هو يعود ليضرب بضراوة شديدة، ويكفي المرء الاستماع إلى تصريحات منظمة الصحة العالمية ليكتشف الهول القادم.

لسنا متشائمين، لكننا واقعيون، ومن هنا تنشأ المخاوف الجوهرية، فالناظر إلى روسيا على سبيل المثال يرى أن الإصابات تتزايد بشكل مخيف يوما تلو الآخر وبعشرات الآلاف، وقد أخفقت الإجازة مدفوعة الأجر في مكافحة الفيروس الفتاك، وها هو الآن القيصر بوتين يطلب مساعدة القوات المسلحة الروسية في مجابهة الخطر المتصاعد، فيما التساؤل الأكثر إثارة: "ما الذي فعلته اللقاحات الروسية، وهل باتت عاجزة عن مقاومة هذا الشر الوبائي؟ الأوضاع في أوروبا ليست أفضل من روسيا، فيما البعض يتوقع نحو نصف مليون حالة وفاة بحلول الأشهر القليلة القادمة، ولعل مشاهد ألمانيا وفرنسا تنبئ بأن هناك إغلاقات ربما تأتي سريعا.

 ماذا عن الولايات المتحدة الأميركية؟ قد يكون هناك تحسن مؤقت في الداخل الأميركي، لكن التحذيرات باقية من عودة قوية وقاتلة خلال أشهر البرد القارس المتوقع هذا العام حول الكرة الأرضية بشكل عام، وفي الداخل الأميركي بنوع خاص.

ولعل العجيب في المشهد الأميركي هو أن هناك من لا يزال يؤمن بنظرية المؤامرة، ويعتقد أن اللقاح يحمل أبعاد مؤامرة على البشرية، ومن بين هذا الفريق مسؤولون في أجهزة الاستخبارات الأميركية، ويدركون أنهم معرضون للفصل من وظائفهم إن لم يتلقوا اللقاحات، الأمر الذي يفتح الباب واسعا لفكرة المؤامرة.

سر كورونا يتعمق ويشتد كلما زادت الإصابات، إذ تظهر رويدا رويدا معلومات مخيفة تجعل فكرة الظهور العشوائي للفيروس غير منطقية. خذ إليك على سبيل المثال آخر دراسة لجامعة أكسفورد البريطانية الشهيرة عن علاقة الجينات بالإصابات والوفيات، وقد جاءت نتيجة العمل على 200 ألف متطوع من أعراق مختلفة، وجدت أن هناك أشخاصا لديهم جينات تعزز دخول الفيروس وزيادة الإصابات كما تساعد على انتشاره بصورة كبيرة.

هل يعزز هذا الحديث ما كان يثار عن حقبة جديدة من الحروب البيولوجية القادرة على التلاعب بجينات البشر، ومن ثم صناعة أسلحة فتاكة تقتل شعوبا بعينها من خلال مشاغبة جيناتها وجذورها العرقية، وتوفر شعوبا أخرى من خسائرها؟ تبدو كل الاحتمالات مفتوحة والحقيقة ضائعة، أو هناك من يعمل على إخفائها بشكل أو بآخر.

وفي كل الأحوال تبقى الوقاية خيرا من العلاج، وتظهر الأزمة أهمية صناعة الأبحاث العلمية، وقيمة العلم والعلماء في حاضرات أيامنا.