مقارنة وأكثر

| ندى نسيم

تصف إحدى الفتيات وهي في العشرين من عمرها مشكلة كرهها أختها وتقول إن أمي وأبي السبب في تكون هذه المشاعر السلبية عندي تجاه أختي منذ الصغر، ولا أدري إن كان تعمد منهما أو بغير قصد، لكن اعتدت منهما المقارنة المستمرة، مقارنة لا تتوقف مع أختي التي لا تشبهني، والتي تبدو بشرتها بيضاء وأنا سمراء، وشعرها أملس وأنا شعري مجعد، كما أنها متفوقة في الدراسة وأنا أعاني من ضعف في التحصيل، اعتادت هي على الهدايا واعتدت أنا على الانتقاد والتذمر والمقارنة المدمرة، وهذه من الأسباب التي جعلتني أشعر بالحقد المستمر على أختي وجعلتني لا أتصالح معها أبداً. وهنا لابد أن نوضح أنه تتعدد مواصفات وأشكال الأبناء في البيت الواحد على الرغم من أنهم ينتمون لأب واحد وأم واحدة، إلا أن الصفات الوراثية قد تلعب دوراً في شكل الملامح أحياناً ووراثة بعض الصفات والسلوكيات بفعل آلية عمل الجينات الوراثية، وتعد المقارنة بين الأبناء من أسوأ العادات في التربية لأنها تخلق فجوة كبيرة في العلاقة بين الأبناء وتكرس ثقافة الغل، ومن ثم فإن المقارنة تهدم معاني الثقة لدى الابن الذي تتم مقارنته بإخوانه أو بالآخرين، في الوقت الذي يلجأ بعض المربين إلى أسلوب المقارنة من باب التحفيز مثلاً وخلق روح المنافسة بين الأبناء، إلا أنه نفس الباب الذي يساهم في بناء شخصية ضعيفة تتعرض للإجهاد النفسي والعاطفي والكثير من المشكلات في التواصل مع الآخرين.  لا تزال المقارنة من أكبر الأخطاء الشائعة في التربية، فهي ليست مجرد مقارنة وذلك لما لها من ضرر كبير لا يقاس فقط في مراحل الطفولة، بل يمتد عبر المراحل العمرية المتقدمة، لذا بعض الممارسات التربوية يجب الحذر فيها وعدم استسهالها.

* كاتبة وأخصائية نفسية بحرينية