أدوارٌ من الحياة

| صادق أحمد السماهيجي

تتوزع أدوارنا في هذه الحياة، مرة بحسب المتطلبات ومرة بحسب الرغبة، وأحياناً أخرى عن طريق الصدفة، ففي بعض المرات، نسعى جاهدين لاختيار ما نريد لأننا نجد أنه يناسبنا ويلبي طموحنا، وفي بعض المواقف يلزمنا الظرف أن نتلبس الدور أو نقبل به على مضض. هكذا هي دورة الحياة، تتبدل، تتغير فيها الأدوار بمتطلبات المواقف، غير متناسين طبعاً، أن تكون لكل إنسان ضوابطه ومبادئه التي لا يحيد عنها، ولو في أسوأ الظروف، إنما هنا نتحدث عن أدوار قد تكون اعتيادية لا تتدخل فيها المبادئ كأساس. مقطع مرئي أثار اهتمامي، مدته لا تتجاوز 20 ثانية، أبطال هذا المقطع "أرنب وسلحفاة وقط"، تقوم السلحفاة بدور وسيلة النقل التي تقلّ الأرنب الممتلئ البطن نحو شجرة الفراولة ليأكل منها ما لذ وطاب، وينتهي بذلك دور السلحفاة التي تركت الأرنب وراحت في سبيلها، ليأتي دور القط الذي أخذ بخاطر الأرنب المدلل وأخذ يتودده ويحنو عليه. ففي هذه الحياة، هناك من نضحي من أجلهم دون مقابل، وهناك من يتنعمون ويعيشون حياة الرفاه دون أدنى مجهود، وهناك اللطفاء الذين دائماً ما تجدهم في السراء والضراء دون أن تتغير مواقفهم تجاهك، لكن - صدقاً - لا أدري ما الذي حلّ بالسلحفاة بعد كل هذه السنوات من قصتها الشهيرة مع الأرنب، بعد أن تفوقت عليه في السباق، لتجد نفسها، تأخذ دور السائق في هذه المرة !! يبدو أنه كما قلنا، يتخذ كل واحد منا، دوراً ما بحسب ظرف أو قناعة أو صدفة وتوفيق. بالطبع، إلى جانب الأدوار المذكورة أعلاه، هناك أدوار كثيرة يقوم بها كل منا، بما فيها الأدوار الفاعلة والخاملة، الخيّرة والشريرة، النيّرة والمتخاذلة. لكل منا دوره في هذه الحياة، أحياناً نبدّل الدور وفقاً لرغبة المُخرج ولما يرتئيه في نظرته الإخراجية للعمل بشكل عام، وأحياناً أخرى نتيجة للملل الذي أصاب الجمهور ورغبته في مشاهدة دور مختلف، وفي حالات يرجع ذلك لقناعة الممثل نفسه في "التغيير" أو "الاستمرار" على نفس الدور. أدوارنا التي نتبناها، على المستوى الشخصي، أو على المستوى المجتمعي والإنساني، الأفضل أن تكون مبنية على قناعات حتى تحقق استمراريتها وجدواها، وفي النهاية، يبقى لكل منا دوره في هذه الحياة.