طوفان الأقصى إما الانتصار أو السلام

| د. احمد بن سالم باتميرا

سلام لأرض سعدت بزيارتها مرتين، وتشرفت بالصلاة في المسجد الأقصى، ثالث الحرمين، حيث قال عليه الصلاة والسلام: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى"، أرض خلقت للأديان والسلام والتسامح، أرض الشرفاء والجبابرة والمرابطين الصادقين في مواقفهم. لذا ستظل القضية الفلسطينية قضيتنا الأولى، وقضية المسلمين، وقضية أصحاب الحق والعدل والحقوق المشروعة، وستحظى على الدوام بدعم شعبي من كل الأقطار العربية والإسلامية والأحرار الشرفاء في بقاع العالم. فلسطين قضية شعب سلبت أرضه، واختطفت بغطاء ممن يدعي الديمقراطية والإنسانية والعدالة، وأسس الأمم المتحدة واستخدم حق النقض الفيتو ضد كل قرار يخص القضية، فأية عدالة وأي مجلس أمن، وعن أي قرار تتحدثون؟ الشعب الفلسطيني سيقرر مصيره بنضاله المشرف، وإقامة دولته المستقلة، وبالتالي نحن داعمون ومساندون لهم حتى تحرر بلادهم وينالوا حقوقهم في العيش والسلم، فالنضال من أجل حقوقهم وحريتهم ليس إرهابا أو ضد الشرعية وقراراتها الدولية. بينما نجد الولايات المتحدة وحلفاءها، تقرر دعم إسرائيل، وتتهم الشعب المناضل من أجل الحرية والتحرير بأنه إرهابي، وهذا ليس غريبا عليهم، فعلى الدول التي تقف متفرجة في مشهد دراماتيكي أن تتحرك لوقف المجزرة الصهيونية على أهل غزة وفلسطين وعلى الأطفال والنساء والمدنيين. فالسابع من أكتوبر 2023 سيبقى في ذاكرة الإسرائيليين، وفي تاريخ اليهود، فقد قدمت المقاومة الفلسطينية درسا للجيش والاستخبارات اليهودية، وكما أكد جلالة السلطان المعظم فإن سلطنة عمان تتضامن مع الشعب الفلسطيني وتدعم الجهود الداعية لوقف التصعيد والهجمات التي تؤدي إلى خسائر كبيرة في الأرواح والخراب، لذا على إسرائيل الاستجابة لهذه المبادرات ومبادرة السلام العربية وقرارات مجلس الأمن وغيرها، لأنها لن تستطيع العيش في أمان مادام هناك احتلال وقتل واستيطان، فالمعارك الحالية والقادمة ستكون ضارية والطلقات ستصيب أهدافها.  ونقول لكل الداعمين لإسرائيل، لا يمكن إحلال السلام دون إقامة دولة فلسطين على أراضيهم، فعلى المجتمع الدولي العمل على إيقاف هذا التصعيد وعدم الكيل بمكيالين وإيجاد دولة قابلة للحياة، ومن ثم يمكن التطبيع مع إسرائيل لتكون جزءا لا يتجزأ من دول المنطقة، سعيا لطي صفحة الصراعات والخلافات والحروب. فعملية "طوفان الأقصى" لن تكون البداية ولا النهاية، بل هي رسالة قوية وجهت من شعب لا يخاف الموت أو الشهادة، بل مستمر في واجبه المقدس وعقيدته التي تدرس للأجيال جيلا بعد جيل بأن إسرائيل شعب محتل. فالجيش الذي لا يقهر، والمخابرات التي لا تهتز، أسقطها "طوفان" شباب لا يملك شيئا سوى القليل والقليل من الأسلحة، واستطاع كسر كل الحواجز ولقن تل أبيب درسا لا ينسى، والغطرسة الإسرائيلية لابد لها من نهاية، طال الزمن أو قصر، لأن فلسطين ليست قطعة من الأرض، بل هي مدينة مقدسة، ومهبط الديانات الثلاث، ورمز الحرية والكرامة والشرف. وكما اعتبرت الصحف الإسرائيلية "طوفان الأقصى" بمثابة الزلزال، فنحن نقول لهم هناك تسونامي في الطريق، إذا لم تستجب الحكومة الإسرائيلية والأميركية لدعوات السلام المتكررة ووضع الحل العادل والشامل من خلال إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. فالمعركة الحالية نقطة تحول حقيقية، والدول العربية اليوم أمام مسؤولية تاريخية لدعم الشعب الفلسطيني وقضيته، وينبغي أن تكون قضيتهم الأولى، نسأل الله الثبات والنصر لإخواننا في فلسطين، اللهم كن لهم عونا وناصرا في كل معركة حتى ينالوا مرادهم وتتحقق العدالة والتحرير.. والله من وراء القصد.

كاتب عماني