قمة الرياض والتعاون مع الآسيان

| د. احمد بن سالم باتميرا

عززت القمة الخليجية ورابطة الآسيان التي تضم عشر دول من جنوب شرق آسيا، والتي عقدت الجمعة الماضية في الرياض، العلاقات الصادقة والتاريخية بين دول مجلس التعاون الخليجي وهذه الدول، خصوصا في مواجهة الأخطار والاتفاق على مجالات التعاون في القضايا السياسية والأمنية، ما يؤسس لمرحلة جديدة من الاستفادة المتبادلة، ويساهم في تنويع الاقتصاد والاستفادة المثلى من الموارد المتاحة لدى الجانبين. ولعل الاتفاق على اعتماد أن تكون القمة الخليجية ورابطة الآسيان كل سنتين ضمان وتأكيد على تعزيز التعاون المشترك بين المجموعتين، خصوصا أن القمة كتبت تاريخا وفصلا جديدا في العلاقات الخليجية مع هذه الدول التي تشكل ثقلا مهما في إطار تواصل دول مجلس التعاون مع التكتلات والمنظمات الإقليمية والدولية، ما يعزز فرص النماء ويرسخ الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.

وستكون لهذه القمة نتائج مهمة مع هذه الدول والارتقاء بها وتحقيق التنمية المستدامة بيننا، خصوصا أنها القمة الأولى مع هذه المجموعة (رابطة الآسيان)، خصوصا بعد الإعلان عن إطلاق خطة عمل مشتركة للفترة 2024 – 2028م، تتضمن تعزيز التعاون والشراكة بين المجموعتين في مختلف المجالات. ولعل ما جاء في البيان الختامي للقمة عبر عن دعم مبادرة المملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية لإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط بالتعاون مع مصر والأردن، وحل النزاع بين إسرائيل وجيرانها، وفقاً للقانون الدولي، وهو أمر ضروري لتحقيق السلام والأمن والاستقرار في فلسطين والمنطقة.

فهذه القمة اكتسبت أهمية كبيرة في ظل التوترات والصراعات التي يشهدها العالم، وفي ظل انخفاض سلاسل التوريد والإمدادات العالمية، وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وغيرها، لذا جاء البيان الختامي لها متوافقا مع تطلعات دول مجلس التعاون الخليجي مع كل الكيانات والمجموعات لتسريع النمو الاقتصادي والاستثماري والتنمية والاستدامة، بما يحقق مستهدفات الرؤى الطموحة لدولنا الخليجية.

فدول مجلس التعاون الخليجي ودول الآسيان لديها القدرة على تعظيم الإمكانيات بينهما للاستفادة من المجالات الاقتصادية من خلال الاستثمار في التجارة المتوازنة وتطوير القطاع الغذائي والأمن الغذائي بينهما.

وبما أن القضية الفلسطينية والقدس بشكل خاص قضية عالمية وليست عربية فقط، فقد نالت الاهتمام من القادة وممثليهم في هذه القمة وفي البيان الختامي لها، لأن فلسطين قضية وطن وحقوق ومقدسات وشعب عربي مسلم.

ومع كل ذلك عقدت القمة وأرسلت رسائل مهمة، وأيضا كرست لعلاقات الصداقة والتعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول رابطة الآسيان في ظل ما تمتلكه دول المجموعتين من موارد بشرية وفرص تجارية ومشاريع استثمارية واعدة، بالإضافة للتنسيق والتعاون السياسي والدبلوماسي في المحافل الدولية، ما سينقل التعاون بينهما إلى مرحلة العمل المؤسسي الفاعل وصولاً إلى الأهداف المرجوة.

فتضافر الجهود لتحقيق السلام والأمن والاستقرار والازدهار والتنمية يتطلب التعاون والتعامل مع تكتلات إقليمية ودولية من خلال الاحترام المتبادل والاستقلال والسيادة والمساواة وتسوية الخلافات أو النزاعات بالطرق السلمية.

واليوم وبعد اختتام هذه القمة التاريخية بين المجموعتين والاتفاق على بناء شراكة استراتيجية بين دول مجلس التعاون ودول رابطة الآسيان ورفع مستوى التنسيق بينها حيال الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وتفعيل الشراكات الاستراتيجية لمجلس التعاون إقليميا وعالميا، بما يعود بالنفع على مواطني دول المجلس وعلى المنطقة، فإن التطلعات كبيرة وكثيرة في قادم الأيام لما ستتمخض عنه هذه القمم الخليجية مع العديد من التكتلات المهمة والفاعلة في المجتمع الدولي؛ بهدف تعزيز مكانة مجلس التعاون لدول الخليج العربية عالميا وتحقيق الرفاهية والرخاء لشعوب دول المجلس داخليا.. والله من وراء القصد.

كاتب عماني