ذكرى 25 يناير.. الحكمة بأثر رجعي

| ياسر سليم

اليوم 25 يناير.. ذكرى الثورة المصرية التي تحتفل مصر بها تزامنا مع عيد الشرطة القومي. لو قُدر لي العودة بالزمن لما شاركت في الثورة ـ التي تفاعلت معها وقتها بكل كياني ـ بعد ما رأيت من تداعياتها لا على مصر فحسب، ولكن على المنطقة كلها.

جمعني لقاء برئيس شركة أورانج ( الفرنسية) في مصر عام 2011، وقلت له إنني أخشى أن تمضي الثورة المصرية على خطى الثورة الفرنسية الدموية، التي اندلعت عام 1789، وتطايرت شرارتها لتشعل أوروبا كلها. قلت له إنني أتمنى السيناريو الإنجليزي، للثورة التي أطاحت بالحكم أيضا، بيد أن الإنجليزية كانت أقل دموية، وأنضج مسارا، فاستعادت الأسرة المالكة الحكم بعد نحو عشر سنوات، ثم تساوت الدولتان في ثمار الثورتين، فلماذا نسلك مسلكاً عنيفاً بينما يمكن قطف نفس الثمار بالحكمة؟

مرارة الثمار الاقتصادية للثورة على مصر والمنطقة العربية، جعلتني أنصت لمن يقول إننا خسرنا حتى اليوم معدلات نمو بلغت مستوى غير مسبوق ولا لاحق، بنسبة وصلت إلى نحو 7 %.

مضى محمد حسني مبارك رحمة الله متدرجا في الإصلاحات السياسية والاقتصادية، فيما كنا شبابا متعجلا.

 الآن أنظر للوراء، وأقول إن كثيرا مما سبب غضبنا وثورتنا عليه، كان محتملاً، وكان قابلا للعلاج.

لي صديق مستثمر ومعاد للثورة من يومها الأول، يسميها 25 خساير، لا يناير، كان يعتقد أنني ـ وأنا صديقه القديم الذي يعرفه كأخيه ـ عميل متمول لهدم البلاد وإفساد العباد، وكنت أتهمه، وأنا الذي أعرفه كشقيق، بأنه يقدم مصالحه الخاصة على العامة، وأنه يحب نفسه أكثر مما يحب بلاده، بل وأبناءه، الذين لا يريد التضحية لمستقبل أفضل لهم.

كثيرا ما تجادلنا حد القطيعة، قبل أن يكتشف كلانا أنه كان مخطئا، الآن عدنا صديقين نحتسي القهوة على مقهى قرب ميدان التحرير حيث اندلعت الثورة، ونحن نتبادل العتب الرقيق، أقول: لو لم نقم بالثورة لكنا اليوم كذا وكذا، وهو يقول: لو عجل مبارك بكذا وكذا من الإصلاحات لما اندلعت الثورة.

 صرنا شيخين نتبادل اجترار الحكمة بأثر رجعي، حيث لا ينفع الندم.