كيف اجتذبت البحرين طلبا قويا على طروحات منخفضة الفوائد؟

| ياسر سليم

نجحت مملكة البحرين في اجتذاب طلب قوي من المستثمرين على طروحاتها الأخيرة، ما ساعدها على خفض العوائد التي ستدفعها على هذه الطروحات. وقالت وكالات أنباء عالمية إن البحرين أصدرت نوعين من السندات بقيمة ملياري دولار وتلقت طلبات بأكثر من 14 مليار دولار. وأظهرت وثيقة مصرفية أن المملكة باعت صكوكا بقيمة مليار دولار لأجل سبع سنوات بفائدة 6 %، وسندات بقيمة مليار دولار لأجل 12 عاما بفائدة 7.5 %. وانخفض تسعير عائد الصكوك لأجل سبع سنوات إلى 6 % عن التقدير الأولي البالغ نحو 6.625 %، بينما تم بيع سندات تقليدية مدتها 12 عاما بعائد نهائي يبلغ 7.5 %، مقابل سعر استرشادي تراوح بين 7.625 % و7.75 %. أرجع خبراء اقتصاديون هذا النجاح إلى عوامل عدة، منها: ظروف السوق المواتية: انخفضت العائدات على السندات الأميركية بشكل كبير منذ أكتوبر الماضي، مما جعل الاستثمار في سندات الدول الناشئة أكثر جاذبية. مسار تنوع الاقتصاد: حققت البحرين خطوات مهمة في تنويع اقتصادها، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 6.2 % عام 2022، وهو أعلى معدل منذ نحو 10 سنوات. إدارة الدين: اتخذت البحرين خطوات لخفض ديونها وتحسين استدامة المالية العامة. الترويج الجيد: قامت المملكة بتعيين بنوك عالمية مرموقة للترويج لطرحها الأخير للسندات. وأشار محللون إلى أن هذا النجاح يدل على ثقة المستثمرين في الاقتصاد البحريني. ويمثل النجاح الأخير في طرح السندات خطوة إيجابية للاقتصاد البحريني، ومن المتوقع أن تستمر البحرين في جذب استثمارات أجنبية في المستقبل. ويرى الخبير الاقتصادي إبراهيم جلال أن أسباب نجاح الطرح بما يزيد عن المطلوب وبما قلل الفوائد على الدين، هو الخطوات المهمة التي خطتها البحرين في تنويع اقتصادها، حيث بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي فيها إلى 4.9 % عام 2022، مدفوعا بالاقتصاد غير النفطي الذي نما بنسبة لافتة بلغت 6.2 %، في أعلى معدل سجّلته المملكة منذ نحو 10 سنوات. واستدرك جلال في حديثه لـ “البلاد” بالقول: ولكن البحرين كغيرها تعرضت لمخاطر اقتصادية، منذ الضغوط المالية وبدء مسيرة التضخم والانغلاق الاقتصادي أواخر 2019 في جائحة كورونا، وتحتاج البحرين وفق صندوق النقد الدولي أن يبلغ متوسط أسعار النفط لديها نحو 97 دولارا للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانيتها خلال عام 2024، وهو أعلى بكثير من متوسط سعر مزيج برنت الذي يقل عن 80 دولارا للبرميل. ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن قيام المملكة بتشديد التسعير (أي عبر خفض العوائد)، يشابه نفس المسار المكسيكي والبرازيلي والسعودي، التي أصدرت سندات بقيمة 12 مليار دولار الشهر الماضي، حتى تستفيد من انخفاض العائدات الأميركية في أكتوبر الماضي، ودعم تمويل العجز المالي. وتوقع أن يكون التسعير النهائي قريبا جدا من المنحنى الثانوي، بتفاعل كبير من طلبات المستثمرين في جميع أنحاء العالم. ويقول المحلل المالي عمرو عبد الله إن البحرين تأثرت بشكل ملحوظ منذ بداية الأزمات العالمية المتلاحقة، بداية من جائحة كورونا في 2020، ولكنها أفضل من دول كثيرة بالمنطقة، لكنها تحتاج إلى سعر عادل للنفط، يقترب من 100 دولار للبرميل، كي تستطيع تحقيق مزيد من الاستقرار، حيث يميز المملكة أنها  تسعى إلى أن تكون الطروحات الحالية بالسندات دولارية تنويعا لأدوات الدين، إلى  مؤسسات عالمية تقوم بالترويج الجيد لها. وتوقع عبدالله  في حديثه لـ “البلاد” أن تستمر نظرة الاستقرار لدى مؤسسات التصنيف الدولية للاقتصاد البحريني، والاتجاه مستقبلا بنظرة أفضل من كونها مستقرة فقط. وبحسب وكالات الأنباء، عينت البحرين بنوكا لإصدار صكوك لأجل 7 سنوات وسندات لأجل 12 عاما ورتبت اجتماعات مع المستثمرين. وجرى اختيار إتش.إس.بي.سي وجيه.بي مورغان وبنك البحرين الوطني وبنك ستاندرد تشارترد كمنسقين عالميين مشتركين للطرح.