إيران تخرج من عزلتها الاستراتيجية

| عطا السيد الشعراوي

فيما يتعلق بإيران، فإن تركيز الأنظار والانتباه هو على الأخبار الأمنية والضربات الصاروخية والتطورات العسكرية في أنحاء مختلفة بالشرق الأوسط ـ وإيران قاسم مشترك فيها ـ لما لها من طبيعة خطرة وتداعيات كبيرة على أمن المنطقة، ولما تحمله من تصاعد في النفوذ الاستراتيجي والتأثير الإيراني عبر وكلائها وحلفائها. إلا أن هناك جانبا ربما لا يحظى بجاذبية المتابعة والدراسة رغم أهميته الشديدة في اكتمال الصورة عن إيران التي تستغل هذا الانشغال الإقليمي والعالمي بعنف وإرهاب وكلائها في تحسين داخلها وتقويته على مختلف الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، وبما يجعله داعمًا لسياستها الخارجية، وهو ما كان محل دراسة من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى الذي نشر مؤخرا تحليلا لمدير الأبحاث فيه باتريك كلاوسون أكد فيه أن طهران تمكنت من تحسين اقتصادها الذي بات في وضع جيد وآمن للنظام، حيث تشير توقعات “صندوق النقد الدولي” إلى أن عام 2024 سيكون العام الثالث على التوالي الذي ينمو فيه “الناتج المحلي الإجمالي” الإيراني بشكل أسرع من ذلك في الولايات المتحدة الأميركية، ومن المتوقع أن يستمر الأمر على هذا المنوال في عام 2025. كما أنه من المتوقع أن ينمو الدخل القومي الإيراني التراكمي بنسبة 12.1 % في الفترة بين العامين 2022 و2024 مقابل 6.1 % للولايات المتحدة. وبهذا يصبح أداء إيران جديراً بالإعجاب. اجتماعيا، تمكنت إيران من إنجاز خطوات كبيرة في معالجة أخطر الملفات والآفات وهي البطالة، إذ تشير تقديرات “منظمة العمل الدولية” للفترة ما بين 2012 و2022 إلى أن 150 ألف رجل إضافي حصلوا على وظائف في القطاع الرسمي بكل عام، وهو ما يعادل أو يزيد عن نمو القوى العاملة من الذكور في إيران. لهذا يخلص الكاتب إلى أن نظام إيران خرج من عزلته الاستراتيجية وقادته مطمئنون بشأن الوضع الاقتصادي وغير مجبرين على تقديم تنازلات لمجرد قيام الغرب بزيادة ضغوطه الاقتصادية، ولديهم ما يشجعهم على التقدم في تطوير الصواريخ والطائرات بدون طيار والتخصيب النووي، وهو ما يجب أن ينتبه إليه الجيران. * كاتب مصري