دعها ترحل

| ندى نسيم

في تلك الوقفات المتكررة التي تعقدها مع ذاتك والتي تعد إحدى الوسائل التي تتم فيها مراجعة الأفكار والتصورات والمشاعر كمحاولة لتجديد الروح واستعادة استشفائها من المشاعر العقيمة والتحميص الداخلي الذي يساهم في إحداث التوازن النفسي الذي قد يختل أحياناً بسب الضغوطات والتحديات التي نواجهها لربما من خلال يومنا العادي. إن محاولة التخلص من المشاعر السلبية مجدية بلا شك في تعافي النفس واقترابها أكثر من التصالح الذاتي الذي يبحث عنه الكثيرون، فالمشاعر التي تسبب أذى للنفس وتؤثر على طريقة التفكير وتخلق حالة من التشوش الذهني والعاطفي والتي تتمثل في مشاعر الغضب والأسى والحزن والانتقام أحياناً والتذمر لابد لها أن تغادر وترحل لكي تستطيع أن تستمر بسلام، وهذا لا يعني أن تعود صفحتك بيضاء خالية من المواجع، لكن البحث عن أقل الأضرار النفسية مهم جدا وهذا لن يتحقق إلا من خلال الوعي.  إن رحيل المشاعر السلبية يتطلب بالدرجة الأولى التوقف عن مقاومة المشاعر المؤذية، ذلك أن التعايش مع الشعور الحقيقي يعد صحيا، فنحن في مواقف الحزن من الطبيعي أن نظهر انكسارنا بحجم وشدة الموقف وضرره إلى أن يأخذ هذا الشعور حيزه ومن ثم يبدأ بالتلاشي تدريجياً حتى تبدأ مرحلة التعافي من جديد، ونستمر هكذا في جهاد كل ما يؤذينا بوعي حتى تتشكل الصلابة النفسية. لذلك حاول أن تدعها ترحل، نحن في حياتنا لا نستطيع أن نعيش في معزل عن المشاعر السلبية التي ستغزونا في كل الأحوال، لكن نستطيع أن نتعامل معها بنوع من الإدراك، فكم ضحكنا مع أشخاص تسببوا في إيذائنا، حدث ذلك عندما سمحنا للمشاعر المؤذية أن تمضي لا من أجلهم بل من أجل سلامة أرواحنا.

كاتبة وأخصائية نفسية بحرينية