الملك الكريم

| إبراهيم المناعي

الضوء الأول: عندما تولى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم مقاليد الحكم خلفا لصاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه في 6 مارس 1999 بدأ بمشروع إصلاحي بالبلاد شمل أمورا عديدة. وفي 16 ديسمبر 2000 أصدر جلالته قرارا بعودة الحياة النيابية بعد توقف دام لأكثر من 25 عامًا. وفي عام 2002 صوّت الشعب على ميثاق العمل الوطني الذي لامس احتياجات المواطنين في مجال الحريات، حيث عبّرت عن ذلك المادة 23 من الدستور المعدل بالعام 2002 بأن حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقا للشروط والأوضاع التى يبينها القانون مع عدم المساس بأسس العقيدة الإسلامية ووحدة الشعب وبما لا يثير الفرقة أو الطائفية. وفي مجال حقوق الإنسان، استطاعت مملكة البحرين بفضل المبادرات الإصلاحية والانفتاحية تحقيق إنجازات شاملة ورائدة في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، من خلال إنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان عام 2010 إلى جانب انضمام البحرين إلى العديد من الاتفاقات الحقوقية الدولية، مما أوجد حالة فريدة من التعايش السلمي والوحدة الوطنية بين جميع الطوائف والأديان في إطار العدالة والمساواة حيث انعكس إيجابا على تعزيز الاستقرار.

الضوء الثاني: ولهذا، فإنّ العفو الملكي الكريم من قبل المقام السامي مؤخرا يأتي في سياق المحطات الإنسانية والأبوية الرائعة لجلالة الملك -حفظه الله ورعاه- تجاه أبنائه، حيث تتوالى مبادرات جلالته الإنسانية من أجل إعطاء الفرصة تلو الأخرى لأبناء البحرين الذين تجاوزوا القانون أو تمادوا في استخدام الحقوق والحريات. وإذا تجاوزنا الأسباب والمُسبّبات التي أوصلت هذه الفئة من الشباب إلى غياهب السجون توجّبَ التأمّل في مراجعة النفس والاستفادة من تعلم الدروس. إنّ الحراك العام -ميدانيا- لايستوجب بالضرورة اتخاذ التخريب سبيلا للتعبير. وكثيرة هي السبل للوصول إلى التفاهمات والتوافقات، وليس أفضل من الحوار والتفاهم بروح عالية من الحصافة والحكمة والبصيرة، والمسؤولية الوطنية الخالصة لتحقيق المصلحة العامة للبحرين وأهلها.

إنّ مملكة البحرين، ضمن المنظومة الخليجية والعربية ليست بمنأى عن الاستهداف المباشر وغير المباشر من (قوى الشر) إقليميا ودوليا، ولهذا توجّب على القيادات الحزبية ورجال الفكر والسياسة والدين، الحذر والانتباه ومراعاة مصلحة (البحرين اولا) بحيث لا تنزلق إلى هاوية الخراب والفتن. البحرين اليوم، وبعد هذا العفو الكريم، تحاول من جديد أن تقلب صفحة الماضي، وتلم الشمل، وترص الصفوف، والعمل معا ضمن الفريق الواحد في جهود التنمية والنهضة والنماء. فلا تبخلوا على البحرين باتخاذ النهج السليم للممارسات الديموقراطية المتحضرة، وفق العقل والقانون والدستور، والمحافظة على أمن وسلامة ومصالح البحرين وأهلها. 

كاتب ومحام بحريني