الإسرائيليون وإغراق الشوارع

| عطا السيد الشعراوي

إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يشوه ويشكك في كل صوت خارجي مطالب بوقف الحرب في غزة حتى لو جاء من طلبة العديد من الجامعات الأميركية والأوروبية الذين حركتهم اعتبارات إنسانية خالصة، وحتى لو دفعه ذلك إلى إغلاق مكتب شبكة الجزيرة الإخبارية في إسرائيل، واصفًا إياها بأنها قناة “التحريض” والمنحازة ضد إسرائيل، فإن المطالب الداخلية بإنهاء الحرب لم تتوقف وتمثل قطاعات شتى من مواطنين وخبراء وعسكريين وغيرهم، وتتسم بجرأتها وقدرتها على كشف النوايا الحقيقية والأبعاد التي قد تكون خفية في تلك الحرب ضد غزة. ففي مقال نشر مؤخرًا بصحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، ذكرت الكاتبة حنان شتاينهارت ما وصفته بالحقيقة البسيطة والمؤلمة، وهي أن نتنياهو يفضل أن تحكم حركة حماس قطاع غزة، وذلك بعد أن وصلت بعد شهور من الحرب لحالة من الضعف الذي يمكنه من تعزيز نفوذه، وذلك رغم ما يتراءى لدينا نحن ـ خارج إسرائيل ـ من انغماس واهتمام منه مع ما يطرحه المجتمع الدولي من آراء ومقترحات لإدارة شؤون القطاع بعد انتهاء الحرب، فالقرار واضح أنه محسوم لدى نتنياهو. وفي الوقت الذي يحاول فيه نتنياهو إقناع الإسرائيليين والعالم بحتمية الغزو البري واجتياح مدينة رفح، وكأن حسم النصر بانتظار هذه العملية، فإن رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت، يدعو الإسرائيليين في مقال بصحيفة هآرتس لإغراق الشوارع لإبعاد الجيش الإسرائيلي عن رفح باعتبار أن هذا الاجتياح لا قيمة عسكرية أو استراتيجية له بعد أن تم تدمير الجانب الأعظم من قوة حماس العسكرية والصاروخية والبشرية، محذرًا من أن مثل هذه المناورة ستستغرق وقتًا طويلا يمتد لشهور أخرى وستؤدي إلى سقوط العديد من القتلى بين الإسرائيليين، والقضاء على ما تبقى من سمعة إسرائيل الدولية. من الواضح أن نتنياهو سيستمر في التغطية على فشله في تحقيق أهدافه المعلنة منذ البداية من حربه ضد قطاع غزة باختراع أهداف أخرى هامشية، وخلق بؤر من الأزمات والعقبات المتتالية.

كاتب بحريني