بين قمتين: مستجدات تجعل قمة المنامة للشعوب لا القادة وحدهم

| ياسر سليم

تُشبه القمة العربية الثالثة والثلاثون المنعقدة في المنامة، تلك التي ترأستها البحرين عام 2003 بشرم الشيخ، من حيث الظروف الإقليمية المحيطة بالقمتين، وخاصة فيما يتعلق بخطورة الملفات الاقتصادية المطروحة، مع اختلافات تستدعي النظر والتأمل. الاختلاف الأبرز بين القمتين، هو ذلك التفاعل الشعبي الواسع مع القمة الحالية، بدافع من بروز دور وسائل التواصل والتأثير الاجتماعي، في ظل تطور هائل للتقنيات الحديثة، ما يجعل الشعوب حاضرة في القمة، تراقب وتترقب وتتفاعل معه لحظة بلحظة، ولا شك أن القادة المجتمعين، يتابعون آنيا ردود الفعل على الجلسات والاجتماعات، وكأنما هي قمة شعبية واسعة، لا قمة القيادات العربية وحدهم، الذين يستشعرون نبض الجماهير العربية وردود أفعالهم آنيا، دون انتظار انتهاء القمم وإجراء استطلاعات الرأي للاطلاع على تفاعلات الجماهير. وتبدو قمة اليوم مختلفة، أولا لوجودها بالبحرين التي يجمع الكافة على اعتبارها جسرا بين الجميع بفضل دبلوماسيتها الخارجية المتوازنة، ما يؤهلها للعب دور رشيد في مختلف القضايا، وثانيا لأنها تأتي في واحدة من أدق وأخطر اللحظات الفارقة بالمنطقة، وثالثا لأنها تأتي وأعين الجماهير محدقة بالجلسات والاجتماعات تنتظر ما هو أكثر من الشجب والإدانة والاستنكار، وما يلبي تطلعات الشعوب العربية، وما يتجاوز سقف التفاعل العالمي الحاشد تجاه القضية الفلسطينية تحديدا، وقضايا اقتصادية أخرى تتماس معها مصالح المنطقة، لاسيما على مستوى الطاقة والمناخ. وخلاف القضايا الرئيسة الخطيرة والملحة، مثل العدوان على غزة، تهدف قمة المنامة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي العربي، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها المنطقة. إن أكثر من عشرين عاما، تفصل بين القمتين، تقلب فيها العالم، كانت كفيلة بأن تفرض تحديات مستجدة نفسها على العرب، لدفع التعاون الاقتصادي العربي قدما، وجذب الاستثمارات، وخلق فرص عمل للشباب. وتواجه دول عربية تحديات اقتصادية كبيرة، مثل ارتفاع معدلات البطالة، وتراجع النمو الاقتصادي، وتزايد نسب الفقر، في ظل أوضاع اقتصادية عالمية بالغة السوء. وبمواجهة ذلك، تسعى قمة المنامة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي العربي، وجذب الاستثمارات، وخلق فرص عمل للشباب، وذلك من خلال تطوير التكامل، وإزالة الحواجز التجارية، وتعزيز الاستثمار المشترك، وتوحيد المعايير المطلوبة. كما تستهدف مناقشة كيفية جذب الاستثمارات العربية البينية، وتحسين بيئة الاستثمار، وتقديم حوافز للمستثمرين، إلى جانب دعم ريادة الأعمال، عبر توفير الدعم المالي والفني للشباب رواد الأعمال. ورغم أن قمة المنامة تنعقد في ظرف إقليمي دقيق، وتواجه تحديات كبيرة، لكنها أيضًا تمثل فرصة لتعزيز العمل العربي المشترك وتحقيق التطلعات العربية في التنمية والسلام.